أرجعت القاضية في المحكمة الدستورية العليا في مصر، المستشارة تهاني الجبالي، الهجوم الأخير والكبير على المحكمة إلى كونها العقبة الأخيرة أمام مشروع الإخوان المسلمين. واعتبرت الجبالي، التي يتهمها أنصار التيار الإسلامي بمعاداته، أن هناك إصراراً على اختطاف الدولة من قِبَل فصائل معينة عبر إملاء إرادتها على مؤسسات الدولة. وأضافت الجبالي، التي لم تتمكن من حضور جلسة مهمة للمحكمة الأحد بسبب حصار متظاهرين إسلاميين لمقرها، أن هناك حرباً مستعرة ضد القضاة في مصر لأن جسد القضاء شديد الاستقلال وبعيد عن سيطرة الإخوان، وشددت قائلة «العقبة الأساسية أمام مشروع الإخوان هو استقلال القضاء». وقالت بحزم «المحكمة الدستورية هي مرجعية دولة القانون وهم يريدون تغيير تلك المرجعيات وبناء مرجعية جديدة لدولة دينية». وقررت المحكمة الدستورية تعليق عملها لأجل غير مسمي وحتى زوال ما أسمته الضغوط المادية والمعنوية عليها. وتابعت الجبالي «المحكمة مستمرة في تعليق عملها لأن العدوان المادي لايزال قائما، هم يغلقون البوابات، وأربعون منهم احتلوا بهو المحكمة». ويقول قادة من التيار الإسلامي إن حشود أنصارهم لم تمنع القضاة من عملهم وإن القضاة هم من رفضوا عقد جلسة كانت مخصصة لنظر طعون في تشكيل جمعية صياغة الدستور ومجلس الشورى. لكن الجبالي ردَّت «أنا توجهت إلى المقر وتم تحطيم سيارتي، وأحمد لله أنني لم أكن بها حينها، لقد وصلنا إلى مرحلة أن البلطجة والإرهاب يسيِّران الدولة». وأضافت «هناك إرهاب مادي ومعنوي يقوض سلطات الدولة، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق». واتهمت الجبالي الأمن بالتواطؤ مع المتظاهرين ضد المحكمة بعدما عجزوا عن تأمينها، وأظهرت مقاطع فيديو المتظاهرين وهم يهتفون للشرطة. وقالت الجبالي بأسى «سلطات الدولة تحمي العدوان على القضاء، والتقصير الأمني له دلالة، هناك تواطؤ سلطوي»، منتقدةً عدم إصدار رئاسة الجمهورية بياناً «يدين العدوان على الدستورية». ووفقا للدستور المصري لا يمكن أن تجتمع المحكمة الدستورية خارج مقرها، لكن الجبالي أوضحت «المحكمة لا تجتمع خارج مقرها إلا لحالة الضرورة التي كانت قاصرة على الحروب والكوارث الطبيعية، والمؤسف أنها ربما تشمل الآن المظاهرات التي تعطل عمل المحكمة». وأقرت الجمعية التأسيسية للدستور التي سيطر عليها الإسلاميون نصاً دستورياً يقلل عدد أعضاء المحكمة الدستورية من 19 قاضيا ل 11 فقط. واعتبرت الجبالي، القاضية رقم 12 التي سيتحتم عليها مغادرة المحكمة بمجرد إقرار الدستور، أنه كان واضحاً في المناقشات بشأن مادة المحكمة الدستورية أن هناك نية للانتقام من أعضائها، وأكملت «لقد كان نصاً انتقامياً وليس انتقالياً». ووصفت ما حدث ب «انحراف بالتشريع الدستوري لأجل مآرب شخصية»، معتبرةً أنه لو كان التشريع الدستوري طبيعيا لتم التنصيص على فترة زمنية لتطبيقه، «لكن ما حدث أنهم أرادوا التخلص منا فورا»، حسب اعتقادها. وقالت الجبالي «هناك فقهاء قانونيون يرون أن عدد قضاة المحكمة يجب أن لا يقل عن 15 لأن كل قضية يجب أن ينظرها 7 قضاة، وإذا تم اختصام القضاة يجب تبديلهم جميعا، والعدد 11 لا يفي بذلك». وكان الرئيس المصري محمد مرسي أصدر إعلانا دستوريا قبل عشرة أيام لتحصين جمعية صياغة الدستور ومجلس الشورى من الطعون القضائية.