قررت المحكمة الدستورية في مصر أمس تعليق عملها إلى أجلٍ غير مسمى بعد محاصرة أنصار للتيار الإسلامي مقر المحكمة على نحوٍ حال دون دخول قضاتها إلى مقرها لعقد جلسة للنظر في دعاوى حل الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى اللذين يسيطر عليهما التيار الإسلامي. وقال بيانٌ صدر أمس الأحد عن «الدستورية»، وهي أعلى محكمة في مصر، إن تعليق الجلسات سيكون إلى أجل لحين القدرة على الفصل في الدعاوى دون أية ضغوط نفسية ومادية. وكانت المحكمة الدستورية قررت قبل أسبوع النظر في الدعاوى المقدمة لحل الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى رغم أن إعلاناً دستورياً أصدره الرئيس المصري، محمد مرسي، حصَّن الجمعية والمجلس قانونياً. واحتشد مئات من أنصار التيار الإسلامي وفي القلب منهم أنصار الإخوان المسلمين في محيط المحكمة الدستورية جنوبالقاهرة منذ مساء السبت حيث حاصروا كل بواباتها وأغلقوا طريق الكورنيش بشكل جزئي. وكان متحدث باسم الإخوان قال ل «الشرق» في وقت متأخر من مساء السبت «لن نتظاهر أمام الدستورية»، وهو ما حدث عكسه بعدها بدقائق، وهتف المتظاهرون ضد أعضاء المحكمة الدستورية وبعض القضاة. وقال مجدي كمال (40 عاما) الذي بات ليلته أمام المحكمة: «نحن هنا ضد تسييس القضاء وضد ما يقوم به الإعلام تجاه كل ما يصدره الرئيس» وأضاف ل «الشرق»: «القضاء يعيق الاستقرار بشكل كبير ما يجعلنا ننظر بريبة للمحكمة الدستورية». الجبالي: إرهاب معنوي وفي تصريحات مقتضبة ل «الشرق»، وصفت عضو المحكمة الدستورية، المستشارة تهاني الجبالي، ما حدث ب «إرهاب معنوي ومادي لمؤسسات الدولة». وأضافت الجبالي التي قالت إنها تلقت تهديدات بالقتل إذا ذهبت إلى المحكمة «هناك من يريد هدم مؤسسات الدولة الدستورية». وشددت الجبالي التي هتف المتظاهرون الإسلاميون ضدها السبت «ليس لنا اتجاه سياسي، فقط ننفذ القانون»، واعتبرت أن الأمن تواطأ بشكل أو بآخر في حصار المحكمة الدستورية. وسبق أن اتهمت المحكمة الدستورية العليا الأربعاء الماضي الرئيس المصري بالهجوم عليها وطالبته بأدلة على اتهامه «الخطير» لها بتسريب الأحكام قبل صدورها، كما أكدت أنه «لن يرهبها تهديد أو ووعيد أو ابتزاز ولن تخضع لأي ضغوط». رد إخواني في المقابل، أكد القيادي في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان المسلمين، المحامي صبحي صالح، أن الإخوان لم يكونوا أصحاب الدعوة إلى التظاهر أمام المحكمة الدستورية». وأوضح «صالح»، في تصريحاتٍ أمس ل «الشرق»، أن رئيس الحزب، الدكتور سعد الكتاتني، أصدر بياناً بعد وصول متظاهرين من أنصار التيار الإسلامي إلى «الدستورية» أعلن فيه أن «الحرية والعدالة» لم يدعُ إلى هذا التجمع وطالب المتجمعين إما بالتظاهر السلمي وعدم منع القضاة من عملهم أو الانصراف من أمام مقر المحكمة. وانتقد «صالح»، العضو في الجمعية التأسيسية للدستور، هجوم المعارضة على الإخوان وتحميلهم مسؤولية التجمع أمام المحكمة رغم إعلانهم رسمياً أنهم لم يطالبوا أحداً بذلك، وقال «هذه التيارات لجأت سابقاً إلى التظاهر أمام المحاكم ولا ننسى أنهم تظاهروا أمام مجلس الدولة قبل أشهر خلال نظر دعوى حل الجمعية التأسيسية الأولى». وتابع «قد يكون من بين المتظاهرين أمام الدستورية أعضاء في الحزب أو الجماعة، ولكن نؤكد أننا لم نطلب منهم ذلك، فعلوها من تلقاء أنفسهم اعتراضاً على تربص المحكمة بالمؤسسات المنتخبة، وطلبنا منهم السلمية أو الانصراف». احتقان سياسي في سياقٍ متصل، زادت دعوة الرئيس جموع المصريين لاستفتاء على الدستور في 15 ديسمبر الجاري من الاحتقان السياسي الموجود في الشارع منذ إصداره إعلانه الدستوري الذي وسع به صلاحياته. ودعت القوى السياسية والحركات الثورية المعتصمة في ميدان التحرير، في بيان لها أمس الأحد، إلى مسيرات سلمية الثلاثاء إلى قصر الاتحادية (مكتب الرئيس) تحت اسم «الإنذار الأخير» لإعلان رفض الإعلان الدستوري ورفض الاستفتاء على مشروع الدستور. كما أعلنت هذه القوى استمرار الاعتصام في ميدان التحرير، وذلك في أولى الخطوات التصعيدية التي ستقوم بها في مواجهة إصرار مرسى على الإعلان الدستوري. واجتمعت في وقت متأخر من مساء الأحد جبهة الإنقاذ الوطني للخروج برد موحد ضد دعوة الاستفتاء للدستور، وقالت مصادر ل «الشرق» إن الجبهة ستقرر الدعوة لعصيان مدني ضد الرئيس المصري. مؤيد لمرسي يرفع صورته أمام المحكمة (الشرق)