كُشف النقاب مؤخراً عن أن بطل صفقة الدواء المزوّر في لبنان هو شقيق أحد نواب كتلة الوفاء للمقاومة، وهو الاسم الذي يطلق على نواب حزب الله في البرلمان اللبناني. وهكذا تدحرجت كرة الثلج التي لاتزال في بدايتها، لتضاف إلى سجل الفضائح التي تضرب مجتمع المقاومة في لبنان. والفضيحة الجديدة طالت حياة اللبنانيين في الصميم، بعد أن تبين أنه تم إدخال أكثر من مائة صنفٍ من الأدوية المزوّرة والمغشوشة قبل أشهر عبر أربع شركاتٍ للتوزيع، تسُتعمل جميعها للاستخدامات اليومية والشعبية، باعتبار أنها تطال الأمراض الموسمية من زكام وغيره. ولم تخضع الأدوية لكشف المختبرات المعتمدة من وزارة الصحة، إذ تم تزوير أوراق فحوصات مختبر جامعة بيروت العربية وأختامه. كما تمّ تزوير توقيع وزير الصحة اللبناني علي حسن خليل، شخصياً، الذي ينتمي لحركة أمل. وهكذا خرجت الفضيحة إلى العلن. وبدأت تداعيات الخبر بعد موجة من التكهنات حول هوية المتورطين. وتحدثت المعلومات عن عدد من الأسماء، وعلمت «الشرق» أن شقيق النائب في حزب الله «محمد فنيش» هو الرأس المدبر للصفقة. رغم أن الاسم لم يُعلن عنه بعد، وكان وزير الصحة علي حسن خليل، دعا إلى مؤتمر صحفي، مستبقا أي ردات فعل، وتحدث عن «طبخات معينة من الأدوية المغشوشة وُزعت في السوق اللبنانية». وكذلك فعل رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني، الذي أشار إلى أن التزوير طال توقيع وزير الصحة الذي سحب الأدوية من السوق، مشدداً على ضرورة المحاسبة كيلا تتكرر هكذا حوادث. وأكّد رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني ل»الشرق»، تورّط شقيق النائب محمد فنيش مباشرة في الصفقة، كاشفاً أن الأخير يملك على الأقل شركتين من الشركات الأربع المستوردة للدواء المزوّر. واستغرب النائب مجدلاني ما يجري من مماطلة وتمييع للموضوع، مشيراً إلى أن القضاء لم يتحرّك بعد لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه. وردّا على سؤال حول ما أعلنه وزير الصحة علي حسن خليل، بأنه أرسل ملفّاً قضائياً منذ نحو شهر حول القضية، أجاب مجدلاني مستنكراً بأن اسألوا الوزير نفسه لأنها ادعاءاته، لافتاً إلى أن القضاء يقول إنه لم يستلم شيئاً. كذلك أشار مجدلاني إلى أنه بصدد التحرّك تبعاً للصلاحية الممنوحة له نيابياً للدفع في هذا الموضوع كي ينال كل مرتكبٍ جزاءه. من جهته، أكد وزير الصحة أن الوزارة قامت بسحب الأدوية من الأسواق، وتخزينها في مستودعاتها، تمهيداً لتصديرها على نفقة الشركات المستوردة، كاشفاً أنه تم إرسال الملفات إلى القضاء. ولفت وزير الصحة إلى أن بعض المستودعات لم تقفل بعد، بانتظار إجراءات قانونية ضرورية، مؤكدا متابعة الملف حتى نهايته. كما أكد خليل، أنه وضع اليد على هذا الملف قبل أسابيع، واتُخذت الإجراءات اللازمة. وأعلن أنه «اكتشف التزوير، ولا تهاون مع المسؤولين عن هذه الجريمة، ومَن تابع هذه القضية يعرف أننا كنا حازمين لمنع تغطية أي شخص شارك في هذه العملية». وطمأن أن «كل المتورطين وملفاتهم أحيلت إلى النيابة العامة، وصودرت الأدوية التي أدخلت بهذه الطريقة»، مشيراً إلى «أننا أبلغنا نقابة الصيادلة ونقابة المستوردين باتخاذ الإجراءات القانونية، وسيُسجَن ويعاقَب ويحاسب المسؤولون»، مؤكدا أن «القانون يتحدث عن أصول إقفال واسترداد التراخيص، وعندما يثبت أن هناك صيدلانيا له علاقة بهذا الأمر فإنه سيتخذ الإجراء بحقه». وحول اكتشاف كيفية التزوير، تردد أن العملية افتضُحت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع من قِبل مسؤولةٍ في وزارة الصحة تدعى «ر.خ» تتولى التدقيق في الأختام الصادرة عن الوزارة. وأشارت المعلومات إلى أنها تمكنت من كشف الختم المزور بسبب العلامة السرية الفارقة الموجودة في أختام الوزارة. تجدر الإشارة إلى أن النائب عاطف مجدلاني، ذكر أن عملية التزوير قامت بها أربع شركات معروفة من خلال إدخال أدوية «جنريك» إلى لبنان من دون تمريرها كما تقضي القوانين المرعية على المختبرات المعتمدة من وزارة الصحة، وأشار إلى أن وزارة الصحةّ اكتشفت هذه الفضيحة عن طريق المصادفة، معتبراً أن «الإجراءات التي قامت بها الوزارة غير كافية على الإطلاق». وحذّر من أنه، إذا «لُفلفت» هذه القضية، فإنه سيتوجّه إلى النيابة العامة لمتابعة هذا الموضوع بكل جدّية، وسيطلب من القضاء الإسراع في البتّ بهذا الملف، وإقفال تلك الشركات ومستودعاتها بالشمع الأحمر، رافضاً الكشف عن أسماء الشركات المتورطة بهذه الفضيحة حتى استكمال التحقيقات.