طغت قضية الأدوية المزورة على ما عداها أمس، وعادت إلى التداول من جديد بقوة، بعدما شغلت الأوساط الرسمية والشعبية على حد سواء، خصوصاً أن الكشف عن هذه الفضيحة تَرافَقَ مع احتمال تورط شقيق وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش فيها. وتسلَّمَ النائب العام التمييزي القاضي حاتم ماضي امس من هيئة القضايا في وزارة العدل، شكوى على مجهول في جرم الغش بالأدوية والتزوير والاحتيال ومخالفة قانون مهنة الصيدلة، وأحال الشكوى الرسمية إلى المباحث الجنائية المركزية لإجراء التحقيقات بإشرافه. وطفت هذه القضية على السطح بعد أن أعلن رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاطف مجدلاني في مؤتمر صحافي أول من امس، إدخالَ أدوية جنريك إلى البلد من دون تمريرها، كما تقضي القوانين المرعية الإجراء. وتمثلت العملية التي كُشف عنها، بإقدام أربع شركات على تزوير توقيع وزير الصحة علي حسن خليل وختم وزارة الصحة وأوراق «مختبر جامعة بيروت العربية» وأختامه وتحاليله، لإدخال أكثر من 90 «طبخة دواء» إلى لبنان لعدد متنوع من الأمراض، أبرزها مضادات حيوية وأدوية شرايين وسكري ومسكّنات ألم وهرمونية. إلا أن وزير الصحة أشار في مؤتمر صحافي عقده الخميس الماضي إلى أن «ما اعتبره البعض فضيحة هو في الحقيقة إنجاز يسجَّل لوزارة الصحة وأجهزتها، إذ تمَّ نتيجةَ المتابعة، اكتشافُ عملية تزوير مركَّبة لتحاليل وتواقيع من أجل إدخال أدوية إلى لبنان بوجه غير شرعي»، وإذ لفت إلى أن الإجراءات التنظيمية التي باشرت الوزارة تطبيقها «سمحت بإجراء رقابة دقيقة لعملية إدخال الدواء ومراقبته وجودته، وهذا ما ساعد خلال أسابيع في ضبط عملية التزوير»، كشف أن «قسماً من الأدوية ضُبط في المرفأ، وآخر سُحب من الصيدليات، وتم ضبط قسم آخر في مستودعات. ووُضعت اليد على هذا الملف، وأن لا استثناء لأحد في هذا المجال. وتم حفظ الأدوية في المستودعات تمهيداً لإعادة تصديرها، وإرسال ملف المتورطين في القضية إلى النيابة العامة». وقال: «نحن لم نسمح بإعطاء استثناء لأحد في هذا الملف مهما كان قريباً، ولم ولن نقبل طلبات استرحام لملفات ممَن تورطوا في هذه القضية». وفي هذا الإطار، سارع أول من أمس الوزير فنيش إلى إصدار بيان أوضح فيه أنه «بعدما بلغني أن هناك احتمالاً لتورط أحد أشقائي بقضية تزوير، لم ولن أغطي أياً مَن يثبت تورطه في هذا الأمر، وليُترك الموضوع للسلطات المعنية في التحقيق والإثبات والعقاب». وفيما أكد المكتب الإعلامي لوزير الصحة، رداً على ما أورده بعض وسائل الإعلام من أن ملف تزوير معاملات الأدوية الذي اكتشفته وزارة الصحة قبل أسابيع لم يُحَلْ على القضاء، «أن هذا الملف، وخلافاً لكل ما يُتداول، أحيل على هيئة القضايا في وزارة العدل بتاريخ 12 تشرين الأول (اكتوبر) 2012 تحت رقم قلم هيئة القضايا 6328 / ق. ق.، وبالتالي فإن أي كلام آخر مغاير لهذا الواقع هو كلام كاذب ومخالف للواقع والحقيقة». أعلنت النيابة العامة التمييزية أنها «تلقت شكوى من جامعة بيروت العربية بتاريخ 12/10/2012 بموضوع تزوير مستندات متعلقة ببعض الأدوية وحوَّلتها النيابة العامة في اليوم نفسه إلى قسم المباحث الجنائية المركزية للتحقيق فيها، وهي تقوم بمتابعتها. وبتاريخ 10/11/2012، تلقت النيابة العامة التمييزية من وزارة الصحة العامة صورة قرار أصدره وزير الصحة العامة في 6/11/2012 بموضوع سحب أصناف أدوية غير مرخصة. وباشرت النيابة العامة التمييزية على الفور تحقيقاً شاملاً في الموضوع تحت إشراف المدعي العام التمييزي شخصياً».