زمان، جاءني عقد عمل في الخليج، فطار أبي من الفرحة وألقت أمي بنفسها من النافذة ابتهاجاً.. كانت رحلتي الأولى في الطائرة، وبالمصادفة أيضاً كانت الرحلة الأولى للطيار إذ سمعته في الميكروفون الداخلي يقول “كابتن حسام يحييكم في رحلته الأولى ويقول لكم ربنا يستر”.. ثم أمرتنا المضيفة قبل التحرك أن يهمس كل راكب في أذن جاره قائلاً: “اقرأ الشهادتين”. تحركت الطائرة على الممر وصعدت بميل حاد وصوت فرقعة لكننا شعرنا بالاطمئنان عندما سمعنا صوت الكابتن “حسام” وهو يؤكد أن الدنيا فانية ولا أحد يأخذ معه إلى القبر إلا عمله، في هذه الفوضى وزعت المضيفة علينا “مصاحف” ثم قالت: “خير الأعمال ختامها”.. سألناها: “هل يوجد خطأ فني؟” فنفت بشدة وجود خطأ فني وقالت: “هناك فقط خطأ إداري لأن الشيف حسام (الطاهي) المختل عقلياً ركب مكان الكابتن حسام (الطيار)”.. تأكدنا من صدق كلامها عندما سمعناه يسأل برج المراقبة عن أسماء العدادات ومكان الفرامل، همس لي جارى: “ما طار طير وارتفع/ إلا كما طار وقع”.. حضرت المضيفة وقالت للركاب “الشيف حسام يحييكم ويقول لكم اتصرفوا بمعرفتكم”.. ضحك جاري وقال:”الحمد لله الطيارة سوف تقع”.. سألته عن سبب سعادته فقال: “أنا كنت في حادث قطار الصعيد الذي احترق وأخذت عشرة آلاف جنيه تعويضاً، وكنت في العبّارة التي غرقت وأخذت عشرة آلاف جنيه تعويضاً، وعندما تقع هذه الطائرة سوف أكمل ثمن الشقة وأتزوج”!