«عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا». صديقي عبدالعزيز الوفي يفاجئني دوما بالأسئلة والمعلومات المثيرة. قال لي في زيارتي الأخيرة له هل سمعت عن نبوءات عمران حسين؟ لم تسعفني ذاكرتي! من هو؟ قال هو هندي يعيش بين أمريكا وماليزيا له تنبؤات عجيبة منها نبوءة قال بها عام 2003م عن انهيار حكومات عربية في ظل ثورات! قلت له أعطني اليوتيوب لأسمع وأرى. الرجل يلبس طربوشا معمما على الطريقة التركية يتكلم الإنجليزية بطلاقة. سمعت له بدقة وإمعان وتمحيص. قال إن شارون سوف يدخل بألف جندي بأحذيتهم إلى المسجد الأقصى. قال إن إسرائيل تريد أن تعمل بشكل استراتيجي، إنها مسكينة معتدى عليها فتهجم للدفاع عن نفسها. قال إن العالم الإسلامي سوف يرتج وحكومات كثيرة مثل الدومينو سوف تنهار متتابعة، وأن إسرائيل سوف تستخدم في هذه الحرب تكنولوجيا متقدمة جدا تحسدها عليها حكومة العم سام. كثير من هذه الأحاديث تكلم بها. ربما علي سماع معظم مواعظه وتحليلها في ضوء واقع العالم الإسلامي. الشيء الأكيد من علم الغيب أن القرآن كان يكرر بدون ملل أن ثلاثة أمور لن يحققها النبي لقومه؛ أنه لا يعلم الغيب، وأن ليس عنده الكنوز لشراء الضمائر والناس، وليست طينته غير بشرية؛ فهو ليس ملكا بل بشرا يأكل مما يأكلون ويشرب مما يشربون. ويقول في آخر سورة الأعراف أنه لو يعلم الغيب لاستكثر من الخير وما مسه السوء. خلاصة الكلام أن من يدعي علم الغيب هو واحد من ثلاثة؛ نبي مرسل أحاط بين يديه ومن خلفه رصدا. أو دجال خبيث على غرار المسيح الدجال. أو كذاب أشر. العقل العلمي هو الذي يخضع الظواهر للدراسة للوصول إلى القانون الذي يحكم الظاهرة، وهنا يصبح الأمر علما وليس غيبا، كما في معرفة مرور الدم في العروق، وكهربائية الدماغ، وبث حديث الهورمونات في الإفراز، وعصارات الهضم في الإفراغ، وتمدد المعادن، وقانون الكهرطيسية، ووحدة الخلية، وبناء الذرة، والكود الوراثي، وسرعة الضوء، ووحدة الكوانتوم؛ فهذه لم تعد أسرارا بل تحولت من عالم الغيب إلى عالم الشهادة. عرفها من عرفها وجهلها من جهلها، وهذه هي وظيفة العلم. وهذا هو الفرق بين العلم والخرافة، أو العلم والدجل.