عالم الشهادة: هو العالم الذي نراه ونلمسه ونسمعه. وكلّ ما فيه يكون له علاقة بالحواس. وهذا العالم لا يحتاج في إثباته والإيمان به إلى دليل غير الحواس الخَمس. أما عالم الغيب : فهو العالم الذي يغيب عن الحواس، فما غاب عن حواسنا و خرج عن دائرتها و حدودها فهو غيب بالنسبة إلينا ولا تكفي الحواس وحدها للكشف والتعرف على هذا العالم ومن ثم الإيمان به، وإنما بحاجة إلى مساعدة العقل، وإلى قوة أكثر خفاء لمشاهدة الغيب. الغيبُ في المصطلح القرآني فهو ضِد الشهود و الحضور . و قد تكرر استعمال لفظ " الغيب " و بعض مشتقاته في القرآن الكريم أربعاً و خمسين مرة بالمعنى المذكور.. (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)صدق الله العظيم والغَيبُ قسمان: غيب مُطلق وهو الغيب الذي يستحيل الإطلاع عليه بواسطة الحواس أبداً، و يمتنع إدراكه بالآلات و الأدوات المادية كالجنة والنار والقيامة. و غيب نسبي وهو الغيب الذي يتفاوت إمكان الإطلاع عليه بحسب الظروف و الأفراد والأزمان. فقد يكون غيباً بالنسبة لإنسان و لا يكون كذلك لإنسان آخر. أو يكون غيباً في زمان دون زمان. و لا يستحيل الإطلاع على هذا القسم من الغيب إذا توفرت الأسباب و الأدوات اللازمة لذلك فيصبح محسوساً بعد أن كان غيباً. وإذا نظرنا إلى هذين العالمين من ناحية العلم فانه لا يعرف إلا كميات و مقادير و علاقات و لكنه لا يعرف كنه و لا ماهية أي شيء. مثلاً ... أنت تعرف طولك وعرضك ، وزنك و مواصفاتك.. هذه كلها شواهد.. لكن ذاتك.. نفسك.. روحك.. لا تعرف عنها شيئا. إنها غيب.. و مع ذلك فهي أكثر واقعية من أي واقع. ملاحظة للملحدين : إذا كان الواحد منا لا يعرف ذاته فكيف يدعي المعرفة بذات الله؟ ومن باب أولى كيف ينفيها؟ ومن الأمثلة كذلك أن أذن الإنسان غير قادرة على التقاط الأصوات التي تقل عدد اهتزازاتها عن 20 اهتزازة في الثانية و لا تلك التي تزيد اهتزازتها عن 25000 اهتزازة في الثانية في حين تستطيع كثير من الحيوانات سماع معظم تلك الأصوات و تمييزها ، فتكون هذه الأصوات بالنسبة إلى الإنسان غيباً و لا تكون بالنسبة إلى تلك الحيوانات غيباً. وقد ورد عن البعض بأنهم قالوا بأن عصرنا لا غيب فيه !! ومن وجهة نظري إن هذا العصر هو عصر الغيب.. و العلم ذاته هو اعتراف بليغ بالغيب!!!. و دليل على ذلك.. الكهرباء ما هي الكهرباء؟ هذه القوة الغيبية. عندما نُعَرِف الكهرباء فإننا لا نُعَرِف عنها إلا آثارها من حرارة و ضوء و مغناطيسية وحركة.. أما الكهرباء في حد ذاتها فهي غيب. الإلكترون وهو أصغر مكونات الذرة غيب و نشهد قوته في الصناعات الإلكترونية .. ولكننا لا نعرف ما هو الإلكترون.. نطلق الموجة اللاسلكية و نستقبلها ولا نعلم عن كنهها شيئا. فهي بالنسبة لنا غيب. بل إن الجاذبية الارضية والجاذبية التي تمسك بالأرض و الشمس و الكواكب في أفلاكها هي ذروة الغيب... خلاصة القول يا جماعة إن عالم الغيب عنا يظل عالم شهادة عند رب العالمين ولا نعلم ولا نعرف إلا ما أراد الله لنا أن نعرفه *استشارية في الجودة الشاملة