الصين تعلن اكتمال بناء أكثر من 30 ألف مصنع ذكي    شركة اليسر راعيًا ذهبيًا في مؤتمر ليب 2025    إزالة 270 موقعًا عشوائيًا شمال بريدة    برنامج ماجستير لتمكين الكوادر الوطنية من قيادة القطاع السياح    1383 حالة ضبط للمنوعات بالمنافذ خلال أسبوع    وزير التعليم يكرم المعلمة اللحياني    تخصصي تبوك يكرّم الموظفين والأقسام المميزة    القتل تعزيراً لأمير زاده لتهريبه الهيروين    هل تنجح المساعي الأفريقية في حل أزمة الكونغو الديمقراطية؟    الأمير تركي بن هذلول يفتتح مهرجان «الرقش النجراني» لعام 2025    القبض على 6 مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهم 95 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الإفراج عن 183 أسيرًا فلسطينيًا ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    ترمب: سأفرض رسوماً جمركية على دول كثيرة    روسيا: تخفيض سعر صرف الروبل أمام العملات    المملكة والقضية الفلسطينية.. موقف راسخ ودعم لا يتزعزع    جامعة الملك عبدالعزيز تُتوج ببطولة كاراتيه الجامعات للطلاب    ترقية م. بخاري في هيئة الإذاعة والتلفزيون    «الداخلية»: ضبط 21 ألف مخالف للأنظمة في مناطق المملكة خلال أسبوع    علاجات السمنة ومضاعفاتها تكلف المملكة سنوياً قرابة 100 مليار ريال    الدكتوراه ل«السهلي»    سورية: اعتقال المتهم بارتكاب مجزرة كفر شمس    المنتدى السعودي للإعلام يستقطب شخصيات عالمية في نسخته الرابعة    ماتياس: لهذا السبب استبعدت «فيرمينيو»    أكثر من 40 ألف مشارك من 100 دولة يجتمعون في ماراثون الرياض 2025    انخفاض درجات الحرارة ورياح نشطة مثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    تحويل منزل فيروز «القديم» متحفاً في لبنان    أمريكا: العثور على الطائرة المفقودة في ألاسكا ومقتل جميع ركابها    «فائق وشريفة»: رفع علم المملكة حلم لكل رياضي    24 مليون مشاهدة تجسد تأثير كريستيانو رونالدو    على كأس خادم الحرمين الشريفين سباقات القدرة والتحمل العالمي في العُلا    الهلال يُحافظ على سالم الدوسري    انطلاق بطولة VEX IQ لصُنّاع المستقبل في تصميم وبرمجة الروبوتات    إيمري يتطلع للتحدي الضخم بإعادة ماركوس راشفورد لمستواه    ترودو يدعو إلى أخذ تهديد ترامب بضم كندا على «محمل الجد»    فعالية "حكاية شتاء" تجمع أكثر من 14,000 زائر في قاعة مكة الكبرى    إنجاز أكثر من 80% من مشروع الطريق الدائري الأوسط في الطائف    الوحدة يُعلن عن تعرض أنظمة الشركة المشغلة لمتجر النادي ل «الاختراق»    جامعة أمِّ القُرى تستضيف الاجتماع التَّشاوري الثَّامن لرؤساء الجامعات    تتويج السعودي آل جميان بلقب فارس المنكوس        أمير القصيم يهنئ تجمع القصيم الصحي بفوزه بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية 2025    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    "تعليم الرياض" يتصدرون جوائز معرض " إبداع 2025 " ب39 جائزة كبرى وخاصة    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغييب العقل والإغراق في الخرافة والأساطير أبرز آثار الشعوذة والدجل
عدد من المختصين ل «الرياض»:
نشر في الرياض يوم 24 - 12 - 2004

تفشت ظاهرة الدجل والشعوذة في مجتمعاتنا الإسلامية بشكل مخيف، حيث أشارت بعض الاحصاءات إلى ان ما ينفق في هذا المجال يتجاوز 10 مليارات دولار سنويا في العالم العربي فقط، هذا فضلا عن الاستنزاف غير المباشر من تغييب للعقل وإغراق في الخرافة والأساطير مما ينعكس سلباً على مسيرتنا نحو التقدم ونهضة الأمة الإسلامية ولعظم وخطورة الظاهرة تطرحها «الرياض» للمناقشة:
ففي البداية يوضح الدكتور عصام بن عبدالمحسن الحميدان الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران أهم أسباب انتشار الدجل والشعوذة بين المسلمين وهي:
الجهل بأحكام الشرع، حيث يلجأ بعض المسلمين إلى المشعوذين والسحرة ظناً منهم انه جزء من الدين، أو ان الدين لا يتعارض مع السحر والشعوذة مع ان الله تعالى حرم الدجل لانه إفتراء بالكذب على الله.
قال سبحانه: {ان الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. متاع قليل ولهم عذاب أليم} - سورة النحل - كمن يقول انه سيحدث في الغيب كذا وكذا فهو مفتر على الله الكذب، لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، قال سبحانه {قل لا يعلم من في السموات ومن في الأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون} وحرم الله السحر بقوله سبحانه {ولا يفلح الساحر حيث أتى}.
والإسلام يبين مفاهيمه على العقل بعد الشرع، فلا تعارض بين حقيقة شرعية وحقيقة عقلية أبداً، والدجل والشعوذة لا يبنيان أفعالهما إلا على ما يخالف العقل باستخدام القوى الخفية والاطلاع على الغيب المجهول.
ونحن لا ننكر أن هناك خوارق للعادات تسمى بالمعجزات للرسل والكراما للصالحين، ولكن هذه الخوارق لا تكون أصلاً إلا لمن وفقه الله لطاعته، وبأمر من الله، لا باستعانة بأحد من الخلق جنا أو إنسا. قال الإمام الشافعي: إذا رأيتم أحداً يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تقبلوا منه شيئاً، حتى تعرضوا كلامه على الكتاب والسنة.
فالمرجع إلى العلم الشرعي المؤيد بالدليل لا إلى الخرافة والخوارق.
ويبين د. الحميدان انه ومن أجل القضاء على هذا الجهل وجب على أهل العلم أن يبينوا للناس حكم الدجل والشعوذة بالوسائل المختلفة كتابة وإلقاء وعرضاً.
الجهل بخطورة الدجل فبعض المسلمين يستخدم الدجل والشعوذة لعدم علمه بما يترتب عليها من مضار شرعية وحسية، أما المضار الشرعية فهي تجمع عدة معاص لله أولها الكذب لأن الدجال والمشعوذ يكذب ويتبع الكذابين من الشياطين، قال تعالى: {إنهم إتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون انهم مهتدون} - سورة الأعراف - كمن ذهب إلى أحد المشعوذين، فقال له: هذا المرض جاءك من زوجتك منذ سبع سنين، مع العلم انه لم يتم على زواجه سنتان!.
وثانيها: البدعة لأن الدجال والمشعوذ مبتدع بعمله لأنه لم يعمل بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
وثالثها: مخالفة الكتاب والسنة لأن الله أمر بالابتعاد عن السحرة والمشعوذين لا اتباعهم، قال تعالى: {فلا تطع المكذبين} - النازعات -.
ورابعها: الاعراض عن الاحتكام إلى الشرع، لأن المسلم مأمور أن يحتكم في أموره إلى الكتاب والسنة لا إلى الشعوذة، قال سبحانه: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} - سورة النساء - فمتى تركنا الكتاب والسنة فالبديل هو الخرافة.
وخامسها: نشر الفساد بين المسلمين لأن من يتردد على الدجالين والمشعوذين يروج لهم ويوسع نشاطهم بين المسلمين، وهذا فساد للمجتمع.
أما المضار الحسية فكثيرة منها القلق والخوف فان من يرجع إلى المشعوذين يزداد خوفاً لأنه يصبح تحت سيطرتهم، قال تعالى: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً} - سورة الجن -.
ومنها الاضرار بالآخرين لأن الدجل والشعوذة غالباً ما يترتب عليه حرمان شخص من خير عنده، أو حبسه عن بعض تصرفاته والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «لا ضرر ولا ضرار».
أصدقاء السوء لا يخلصون في صداقتهم لصديقهم، بل يتبع كل واحد منهم مصلحته فيكيدون له بالسحر والشعوذة ليستخلصوا منه ما يريدون من مال أو معصية.
والله تعالى حذر من اصدقاء السوء وبيّن انهم لا يدلون إلا على الشر بقوله سبحانه: {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} - سورة البقرة -.
والبديل هو أن لا يصادق الانسان إلا من يثق في دينه وعلمه وأمانته لأن المرء على دين خليله والصاحب ساحب وقل لي من تصاحب أقل لك من أنت.
وكم نعرف أناساً تعرفوا على أصدقاء السوء فأنحرفوا بالرغم من تقدم سنهم وطول تجربتهم في الحياة، ولكن الإنسان بطبيعته قابل للتغير - ولو كان كبير السن وقابلا للانفعال خيراً أو شراً.
الشهوة الغضبية «الحقد والكراهية» التي تسيطر على الانسان ليكيد للآخرين فبعض الناس يحقد على الآخرين لموقف حصل بينهم وبينه، فيلجأ إلى الشعوذة والدجل للانتقام من الآخرين.
وهذا مخالف للشرع المطهر الذي يأمر بالعفو والصفح عن الناس ويأمر بالإيمان بالقضاء والقدر فإذا رأيت إنسانا فضل عليك بمال أو قوة أو ذكاء أو حسب أو جمال أو غيره فاعلم ان ذلك رزق الله تعالى يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
قال سبحانه: {وما بكم من نعمة فمن الله} - سورة النحل - وقال عز وجل {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير} - آل عمران -.
رؤية بعض الناس النجاح نتيجة الدجل والشعوذة فربما رأى بعض المسلمين نتائج إيجابية لتردده على الدجالين من فتح أبواب الرزق أو منع ضرر عليه أو الانتقام من عدوه أو كشف أسرار يحتاجها أو خوارق حصلت على يديه لم تحصل لغيره فيعتقد ان هذا النجاح مربوط بالدجل والشعوذة.
وشريعة الإسلام تعلمنا ان الله تعالى قدر كل شيء من ضر ونفع وخير وشر وان الغيب لا يعلمه إلا الله، قال سبحانه: {وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} - سورة الأنعام -.
وإذا حصل نفع أو ضر من الشر فهذا قد قدره الله تعالى، قال تعالى: {قل لا أملك لنفس نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله} - سورة الأعراف - .
- وإذا حصل كشف شيء من الغيب فهو بأمر الله تعالى، كما قال سبحانه: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول} - سورة الجن - وهنا أمر مهم وهو المقياس الصحيح للنجاح، حيث يعتقد بعض الناس إن الإنسان إذا كثر ماله فهو ناجح وإذا اكتشف أسرار الغيب فهو ناجح وإذا استطاع التأثير في الآخرين فهو ناجح.
وهذا غير صحيح فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتمنى أن يكثر ماله ولم يكن يعلم الغيب وهو أنجح الناجحين.
- تظاهر الدجالين بمظهر الصلاح، حيث يرى بعض الناس المشعوذ أو الدجال بمظهر يوحي بالرصانة والالتزام أو إنهم يرون شبهاً بين رجل الدين ورجل الشعوذة فيصنفونهما في خانة واحدة، أو أنهم يرون المشعوذ والدجال يقومان بخدمات إنسانية وإصلاحية فيغترون بهما أو أن المشعوذ يضع في غرفته الآيات القرآنية ويكتب الآيات القرآنية والأسماء الحسنى في أوراقه فيظنه الناس تقياً.
والدجال والمشعوذ يتعهد صنع هالة حوله من الاتباع والخدم أو الملابس المزركشة أو البخور والديكورات أو الطقوس الغريبة ليوحي للمتردد عليه بأنه شخص غير عادي.
والصحيح أن شكل الإنسان لا يجب أن يغتر به المسلم بل العبرة بالأعمال قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» رواه مسلم في صحيحه. ولو نظر الإنسان في اعمال الدجالين لتبين له انها مخالفة للكتاب والسنّة، ولا يوافقهما شيء منها، مثل أمرهم بعدم الاغتسال لمدة معينة وهذا لا يجوز لأنه خلاف السنّة، والذبح لغير القبلة وهذا لا يجوز لأنه إتباع لأمر الشياطين، والسؤال عن أسرار خاصة لا يليق كشفها وهذا لا يجوز شرعاً لأنه من التجسس والفضيحة.
- حسن عرض الدجالين والمشعوذين لبضاعتهم فقد يعجب بعض الناس بالدجالين والمشعوذين عندما يرى إعلاناتهم ودعايتهم لأنفسهم بشكل جذاب فيرى في الصحف: تعرف على حظك اليوم.. اصنع مستقبلك بنفسك.. الطريق إلى السعادة الدائمة في الحياة.. الخبير فلان يحقق لك طموحك. أو يرى بعض الكتب المؤلفة. فلا ينبغي على المسلم أن يغتر بالأوراق الكثيرة والإعلانات الجذابة والآيات والأحاديث المعلقة بل العبرة بالمضمون والرجوع إلى أهل الخبرة{فاسأل به خبيراً} - سورة الفرقان -.
- التساهل في عقاب الدجالين فإذا تمت محاربة الدجالين فلن يستطيعوا الاستمرار في نشر باطلهم لذا لا بد من معاقبة الدجالين والمشعوذين والمبتدعين والمفترين على الله الكذب والسحرة لينقطع فسادهم وإفسادهم.
قال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} -سورة المائدة -.
- غياب دور المصلحين في الاتصال بالناس حيث يلجأ بعض المسلمين إلى الدجالين إذا لم يجدوا بغيتهم في حل مشاكلهم، ورفع همومهم وإصلاح ذات بينهم عند أهل العلم.
فالدور الصحيح للعالم هو تقبل الناس وفتح صدره لهم وحل مشاكلهم وتوعيتهم بالشكل الكافي.
من جانبه يرى الشيخ عبدالله بن محمد بن سليمان اللحيدان، مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمنطقة الشرقية أن سبب المرض الذي نحن بصدده هم المشعوذون ومقلدوهم من ضعاف الإيمان المتصيدون لضعاف اليقين والمستعجلين في تحقيق الأحلام والسائرين وراء الأوهام من بسطاء الناس والخائفين من تقلبات المستقبل وشرور المناوئين والمنافسين من علية القوم وأواسطهم حالاً، كما أن أسباب سهولة اصطياد أولئك المشعوذين لهؤلاء الضحايا يجمعها ضعف اليقين بالله سبحانه وتعالى وتعلقهم بأسباب واهية إما للنجاة من شر ما أو لكسب أمر يعتقد فيه الخير وقد سلكوا مسلكاً نتيجة جهلهم وضعف إيمانهم ظنوا انهم يمارسون أمراً ينشدون من خلاله كشف الغيب لتوقي الشر فيه أو تعجل الخير منه ونسوا أمراً يقرره الرب لنا دوماً وهو أنه لا يعلم الغيب إلا هو سبحانه وتعالى، وهو القائل عزَّ وجل: {ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير} - سورة الحج- ، ويقول سحبانه: {إن الله عالم غيب السموات والأرض إنه عليم بذات الصدور} سورة فاطر، ويقول: {ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم} سورة السجدة. ويقول :{يعلم ما تكسب كل نفس} - سورة الرعد - ويقرر سبحانه الحقيقة {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} - سورة النمل - فهنا الآيات تنص نصاً واضحاً قاطعاً على تفرد الله عز وجل بعلم الغيب وانه لا يوجد في السموات والارض من يعلم الغيب الا الله فكل الأمور الغيبية والحوادث التي ستحدث يتفرد الله عز وجل بعلمها من علم الساعة الى نزول الغيث وما في الأرحام وكل غيب لا يعلمه سواه {إن الله عند علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام} - سورة لقمان -.
وعلى المسلم ان يعلم ما علمه ربه له في باب التوكل واليقين عليه سبحانه وحده ومنه قوله {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} - سورة التوبة - وما لقنه رسوله صلى الله عليه وسلم لأمته في هذا الباب العظيم، ومن ذلك ما جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال يا غلام اني اعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الأمة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف).
لذا فمن اصيب بالبلوى وتردد على الكهنة والمشعوذين طالباً ان يدفعوا عنه سوءاً او يجلبوا له حظاً، عليه ان يعلم انه قد وقع بعمل سيء أساء فيه الظن بالله وهو لن يسبق القدر وإنما سلك مسلكاً خاطئاً والقدر واقع لا محالة فليكف ويتب ويكون من عباد الله المخلصين الذين لا سبيل للشيطان عليهم لتكن له النجاة من كل سوء والتنعم بكل خير مهما كان ماكرهه او نحبه منشر او خير.
{.. وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) - سورة البقرة -.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى من كلامه في التحذير من الكهنة والعرافين: (وهذا يدل على ان السحر شرك بالله تعالى وان من تعوذ بشيء من أقوال الكهان او العرافين وكل اليهم وحرم من عون الله ومدده وروى مسلم في صحيحه عن بعض ازواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً).
وقد ظهر من أقواله صلى الله عليه وسلم ومن تقريرات الأئمة وفقهاء هذه الأمة ان علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الحظ كلها من علوم الجاهلية ومن الشرك الذي حرمه الله ورسوله وإنها من أعمال الجاهلية وعلومهم الباطلة التي جاء الاسلام بابطالها والتحذير من فعلها او اتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها او تصديقه فيما يخبر به من ذلك لان من علم الغيب الذي استأثر الله به قال تعالى: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب الا الله} ومما يؤسف له ان تجد من المسلمين أهل العقيدة من أتاح لمثل هؤلاء ان ينشروا ضلالاتهم عبر ما يملكونه من صحف او مجلات او محطات فضائية بما يسمى قراءة الكف ومعرفة الحظ ومتابعة النجوم والابراج فعن معاوية بن الحكم قال: «قلت يارسول الله: امور كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان نأتي للكهان ونسأل، قال: فلا تأتوا الكهان، قال: قلت كنا ننظر، قال: ذلك شيء يجده احدكم في نفسه فلا يصدكم» الحديث رواه مسلم.
ومع هذا تجد مما يستغرب له ان من الناس من يقول: ما فائدة دراسة التوحيد، لماذا ندرس في المراحل الابتدائية توحيد الربوبية والالوهية والاسماء والصفات؟ ويقول: هذه قضايا فطرية، هذه قضايا معروفة، هذه قضايا يفهمها كل جاهل، ما هي قيمة كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب؟ ولماذا الف الكتاب؟ الناس في غنى عنه ولربما يسهل علينا واقع المسلمين الاجابة عليه والرد بسبب ضعف جانب التوحيد يقوي جانب الجهل به والوقوع بما يضاده لتتضح لنا قيمة التوحيد وما سطره العلماء في هذا الشأن العظيم وبيان احكامه وتجلية ما يضاده وينافيه وألفوا في كتبه وأبوابه مثل: باب ما جاء في السحر، باب ماجاء في التطير، باب ماجاء في التنجيم.
فجزاهم الله خيراً على ما رعوا جانب التوحيد حق الرعاية ومن نحا نحوهم الى يوم الدين.
وهكذا يتبين لنا انه يجب ان نحرص على تنمية جوانب العقيدة ودراسة كتب التوحيد لنعرف كيف نوحد الله وكيف نتجنب الشرك اذ ان في مراسلة الدجالين والتلقي عن المبطلين والتأثر بالمشعوذين نقض للايمان بالله عز وجل، ولذلك وجب علينا الدفاع عن عقيدة الإسلام وعن دين التوحيد الذي بعث الله الانبياء وختمهم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وطالب الشيخ اللحيدان ان يكون موقفنا حاسماً تجاه هذه الأمور التي تكاد تعصف بدين المسلم وفي هذا العصر مع ان يسمى عصر الحضارة والتقدم العلمي والحضاري والتقني والمكتشفات والمخترعات بالرغم من ذلك فإن الناس تفشت فيهم هذه الأوبئة المنافية للعقيدة مما يدل على ان الشعوذة والدجل والكهانة لا تحارب بالحضارة والتقدم العلمي والتقني فحسب، بل ان العقيدة الصحيحة هي اساس نور القلوب وطب الأبدان وطمس معالم الشرك والجهل، فالعقيدة السليمة التي مستندها القرآن والسنة الصحيحة هي سلاح المسلم الوحيد الفعال الذي يجلبه بها الشرور والآثام والافساد في الأرض وهما المصدر الوحيد الذي نستطيع من خلاله ان نقاوم ونصد هذه الهجمات الشرسة على دين الإسلام، القرآن والسنة هما النور الذي انزله الله من السماء لكي يتبين به المسلم طريقه في دهاليز الظلمة والشرك.
واختتم الشيخ اللحيدان مشاركته قائلاً: ان القرآن الكريم وصحيح السنة ما يغني عن تلك الاشياء المحرمة مع مايصيب العبد جراء الذكر من اجر مع الحفظ، اما تلك الاشياء المحرمة فإنها توقع في الشرك والضيق والعنف والسوء مع كسب الإثم وهي تظل لا تحمي من شيء وان حصل شيء وافق سبباً ما فهو بإذن الله عز وجل وليس بسبب هذه الشركيات والشعوذات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.