«الهاراكيري» عملية يقوم بها مقاتلو الساموراي للتخلص من العار إذا ما أقدموا على فعل مشين، وتتلخص هذه العملية في وقوف المقاتل أمام الملأ بكل أنفة، فيبدأ بطعن نفسه على شكل حرف T حتى تتدلى أحشاؤه. وبالطبع فإن الإقدام على الهاراكيري يعد قمة المسؤولية والشرف لدى الساموراي. اليوم مدير مستشفى حائل الدكتور عبدالعزيز النخيلان أقدم على «الهاراكيري» وفق أدبيات الإدارة وقدم استقالته على إثر سلسلة من الأخطاء الطبية في مستشفى حائل، وهنا بالطبع لسنا بصدد مناقشة تبريرات الصعاليك الذين يعجزون على الإقدام على مثل هذه الخطوة الشجاعة التي لا يجرؤ عليها إلا فارس نبيل. فالتبرير قد يقبل في الأوساط الأسرية أو حتى الغرامية، لكن في الأمور الإدارية لا مكان إلا للأداء الجيد أو إعلان الفشل! وبالطبع فإن استقالة سعادة المدير سلطت الضوء ليس على صحة منطقة حائل وحسب بل على مآل استراتيجيتنا الصحية ككل. فالاستراتيجية الصحية كما كشفت الاستقالة تقوم على هدر الميزانية المخصصة للصحة، وتعثر المشاريع، وقلة الكوادر، وخمول القطط السمان في الوزارة وبقية مديريات الشؤون الصحية في المملكة، فضلا عن الأخطاء الطبية المميتة! هذا هو الواقع الصحي الرديء، فلماذا كل هذا الصراخ ومحاولة تشويه الاستقالة؟! فربما لأن عبدالعزيز النخيلان سنّ سنة حسنة سببت ألماً للصعاليك الذين لا يجرؤون على مجاراة شجاعة الساموراي! وسبحان الله كأن حادثة الخطأ الطبي الفادح الذي عقب الاستقالة (تعطل الأكسجين) جاء ليخرس هؤلاء وجعلهم يتوارون كالخفافيش. اليوم تتشكل أمامي صورتان، صورة زيارة الوزير لحائل قبل شهور وقيام الشؤون الصحية بإسكانه بمنتجع تكلفة الليلة الواحدة فيه 6000 ريال، وما صاحب الزيارة من جلب إسعافات القرى واصطفافها أمام المستشفى، وطلاء الجدران، وتعقب الصراصير! وكل ما يخطر على المواطن حول ما يفعله مسؤول المنطقة قبل مجيء الوزير! وصورة الأخطاء الطبية المتوالية التي جاءت بطريقة دراماتيكية تعكس مدى فساد ورداءة الجهاز الصحي العتيق! أمام الصورتين لا تقع اللائمة على الشؤون الصحية في حائل ومديرها وقططها السمان، ولا على الهيئة العليا لتطوير حائل التي باعت جزءاً من أرض الحرس الوطني بمبلغ يسيل له اللعاب لم يعلن على وزارة الصحة لإنشاء مبنى بديل للمستشفى والذي مازال متعثرا ولم تلتفت للملف الصحي للمنطقة بقدر اهتمامها بمشاريعها الاستثمارية الترفيهية، ولا على الجزارين والمهملين الذين لهم زملاء ينافسونهم في الفتك بمشاعر المواطنين في تثليث ووادي الدواسر وتيماء وطريب والليث وحفر الباطن وغيرها من باقي المسالخ المسماة عبثا بمستشفيات! بل تقع اللائمة علينا جميعا الذين استمرأنا الفساد حتى أصبح ثقافة له أدبيات وبروتوكولات تبدأ بنهب المال العام مرورا بخمول الرقابة وغياب شفافية المعلومة وانتهاء بالتغاضي عن المقصرين والتهاون في معاقبة الفاسدين والمخطئين بحق المواطن. والأدهى والأمر من ذلك المحاولة المستميتة في إخفاء الفشل والتظاهر بمظهر النقاء والصفاء!