يحكى أن رجلاً مصاباً بداء الوسوسة أتى إلى العلامة أبي الوفاء ابن عقيل الحنبلي، وأخبره أنه يغتسل سباحة في بركة من الماء وعندما يخرج منها ينتابه الشك في عدم وصول الماء إلى أعقاب قدميه!.. فماذا يفعل؟!.. فقال له أبو الوفاء: «أتريدني أن أجيبك؟» رد السائل متلهفاً: «أجل» فقال: «وأشترط عليك أن تطيع»، فرد السائل: «بالطبع يا مولانا». قال أبو الوفاء: «لا تصلّ فقد سقطت عنك فريضة الصلاة لحديث رسول الله رفع القلم عن ثلاث، والله لا أراك إلا مجنوناً»!.يشكل الوهم سلاحاً فتاكاً في صناعة وعي الإنسان بطريقة لا شعورية تسهم بشكل كبير في سعادته أو شقائه، ويستخدمه الأطباء في علاجهم لبعض المرضى النفسيين في صورة عقاقير أو أدوية تورث شعوراً وهمياً بالارتياح، هذا الشعور له أكبر الأثر في علاج المريض!..لكن مجتمعنا لا يزال يتعاطى مع مشكلات النفس الإنسانية بشكل بدائي، ولا تزال الأغلبية مؤمنة بعدم جدوى التقويم الطبي للصحة النفسية على الرغم من إيمانها بأهمية التقويم الطبي للصحة الجسدية!.. ومجتمعنا لا يبالي بأهمية معرفة منطقة اللاوعي وجوهريتها في توجيه السلوك، حيث لا تمثل منطقة الشعور (العقل الواعي) بالنسبة لها سوى قمة الجليد!.. إن داء الوسوسة ومضاعفاته موجود في أكثر مجتمعات العالم تحضراً، ولكن أساليب علاجه بفضل تطور العلوم الإنسانية الحديثة قد جعلت الشفاء من أعراضه أمراً ممكناً بإذن الله..