تعيش المواطنة فاطمة ضعيف الأصغري، وأبناؤها الخمسة في مغارة بجبل «قهر» الواقع في قرية الواديين بمنطقة جازان، بعد أن يئست من الحصول على مسكن لها، ووجدت نفسها عاجزة بعد وفاة زوجها منذ خمس سنوات، الذي كان يعمل في (المجاهدون) بمنطقة جازان. ولا يعرف «يحيى» وإخوته أن يكون عالمهم الذي يعيشون فيه هو القرن الحادي والعشرين، ولايتوقعون أن تكون هناك منازل هي أفضل من منزلهم الذي بني تحت مغارة سخرت لتكون مأوى لهم ولأمهم الأرملة. مغارة كهف الواديين تقول فاطمة الأصغري: «منذ أن تزوجنا قبل عقدين من الزمن سكنا في مغارة الكهف، بعد أن بنى لها زوجي بعض الجدران، ومع الأيام قام بالتوسع فيها بإضافة بعض الغرف على جانبها، ولم تكن هناك سعادة تفوق سعادتي وزوجي، ورزقني الله منه بخمسة أبناء من الذكوروالإناث، وعشنا متأقلمين مع حياتنا التي هي امتداد لحياة الآباء والأجداد في تلك القرى المعزولة، واستمر الحال حتى وجد زوجي عملاً ب» المجاهدين» ليؤمن لنا قوتنا ومتطلباتنا التي لا تتجاوز بعض الملبس والمأكل». وفاة عائل الأسرة وتكمل فاطمة «قبل خمس سنوات فجعت بوفاة زوجي، وأصبحت أمام خمسة أيتام، يحتاجون لمصروف، وتعليم، وعلاج، وغيرها من متطلبات الحياة. لم يكن لي سند سوى شقيقي محمد وأبنائه الذين حرصوا على أن أحصل أنا وأبنائي على الضمان، كان ذلك بداية فرج لي، إلا أن تخطي الجبال عند مرض أحدهم أمر في غاية الصعوبة»، وتنهدت فاطمة بصوت متقطع «ما يهمني هو تعليم أبنائي وصحتهم، لا أحد يعلم عن حالي وحالهم». تعليم الأبناء عادت فاطمة متحدثة عن أبنائها وتعليمهم، والذي تطالب به، وكذلك بمسكن لهم، تقول فاطمة: «أبنائي الذكور ربما يكون تعليمهم الابتدائي هو نهاية المطاف لهم في حالة بقائنا في تلك المغارة، أما البنات فلا سبيل لتعليمهن؛ لأنه لا توجد مدرسة قريبة منا في قرية الشامية أو الواديين. ولدي اثنان من أبنائي يدرسان في الابتدائي، أراقب ذهابهما عبر تلك الصخور والأودية، أعيش حالة من الترقب يومياً منذ مغادرتهما حتى عودتهما، أقبل جباههما صباحاً، وعند عودتهما مبتسمين من مدرستهما، التي يقطعان مسافات وغابات ومنحدرات حتى الوصول إليها، وعند عودتهما تنظر إليهما أختاهما لتتعلما منهما ما درساه، بعد أن حرمتا من التعليم، فهما تساعداني في المنزل ورعاية الأغنام». إضاءة المغارة في تلك القرى لم نجد خدمة قدمت لها سوى الكهرباء التي مدت أسلاكها حتى أضاءت مغارة الأيتام، بعد مسافات قطعتها حتى أوصلت لسكان الواديين والشامية، تضيف فاطمة «دائما ما يشاهد أبنائي في التليفزيون الألعاب والأسواق، وكثيراً ما يوجهون لي السؤال: متى سيكون لدينا مثل ذلك؟ أخبرهم بأنهم عندما يتفوقون في دراستهم، ويكبرون سوف يجدون تلك الأسواق والألعاب». مواصلة التعليم الأيتام الخمسة ليس لديهم مصدر دخل سوى ما يتقاضونه من الضمان الاجتماعي، يذهب بعضه في قوت الأسرة، وحوائجها، لكن فاطمة تقول: «الحال مستور، فما يصلنا من الضمان نحمد الله عليه، وما يهمني أن أجد مسكناً لي ولأولادي يحفظ لنا حياتنا، ويقينا من المخاطر، فعند هطول الأمطار نعيش في عزلة، والثعابين تحيط بنا، وآمل أن أرى أبنائي في الجامعات، وألا يتوقف تعليمهم عند الابتدائية». الرفع لجهات الاختصاص رئيس مركزجبل القهر أحمد العزي أوضح ل (الشرق) أنه قام بزيارة الأسر، وفقاً لتوجيهات أمير منطقة جازان، الأمير محمد بن ناصر، لتفقد أحوال المواطنين، وأنه تمت معاينة سكنهم الذي يقع في مغارة الكهف، والذي تسكنه أرملة وخمسة أيتام، وأشار العزي أنه تم الرفع لمحافظ الريث لمخاطبة جهات الاختصاص حول وضعهم، (الشرق) أجرت اتصالات بمكتب محافظ الريث، عثمان الراجحي، إلا أنه لم يرد، وأرسلت على جواله رسالة ولم تتلق أي رد أو تواصل طوال أسبوعين.