بدأ خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، زيارةً رسميةً إلى جمهورية الصين الشعبية، في خامس محطات جولته الآسيوية بعد ماليزيا وإندونيسيا وبروناي دار السلام واليابان. وتوقع السفيران السعودي في بكينوالصيني في الرياض عقد اتفاقيات نوعية خلال الزيارة التي وصفاها بالتاريخية. ولدى وصول الملك أمس إلى مطار بكين الدولي؛ كان مستشار الدولة الصيني، يانج قيتشي، في استقباله. كذلك؛ كان في استقباله سفير خادم الحرمين لدى الصين، تركي الماضي، وسفراء الدول العربية، وأعضاء السفارة السعودية في بكين. وقدمت طفلةٌ باقةً من الورد إلى خادم الحرمين، وسط اصطفاف مجموعةٍ من الأطفال ترحيباً بمقدم الملك. وتوقّع السفير السعودي لدى الصين، تركي الماضي، أن تشهد زيارة الملك سلمان مزيداً من تطوير العلاقات الممتازة بين البلدين، من خلال عديدٍ من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستُوقَّع بينهما في مختلف أوجه التعاون، بما يعزز الشراكة الاستراتيجية الشاملة. ووصف السفير الزيارة بالتاريخية والمهمة جداً. واعتبرها فرصة كبيرة لنقل العلاقات الثنائية إلى فضاء أوسع، ملاحظاً تناغمها مع «رؤية المملكة 2030» والمبادرة الصينية «الحزام الاقتصادي وطريق الحرير الغربي». وأشار الماضي إلى نظر الحكومة الصينية إلى الزيارة باهتمام بالغ، «حيث يُكنّ فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية التقدير البالغ لخادم الحرمين الشريفين»، كما أن «الزيارة تأتي ضمن تبادل الزيارات بين قيادتي البلدين، حيث زار فخامة الرئيس الصيني المملكة مطلع العام الماضي 2016م، ونتج عن تلك الزيارة تطور كبير في العلاقات بين البلدين». ووصف الماضي العلاقات التجارية بين البلدين ب «ممتازة جداً». وأفاد قائلاً «بلغت قيمتها (العلاقات الثنائية التجارية) في عام 2016م نحو 51 مليار دولار، وهو رقم جيد، وهناك فائض في الميزان التجاري لمصلحة المملكة». ولفت السفير إلى استثمارات تجارية كبيرة بين البلدين سواءً كانت مباشرة أو غير مباشرة. وقال «هي تمثل جزءاً حيوياً وصحياً في العلاقات بين البلدين وتشمل عدة مجالات منها الطاقة وتوطين التكنولوجيا»، مشيراً إلى وجود كبير للشركات السعودية في الصين، ومن أهمها «أرامكو» و»سابك»، إذ أن لهما مشاريع ضخمة مشتركة مع الجانب الصيني. ولاحظ الماضي أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، التي بدأت عام 1990م، تشهد نمواً كبيراً وتصاعدياً. وعدّها من أكثر العلاقات نمواً بين دولتين، ووصفها ب «متشعبة» وتشمل مختلف المجالات، مؤكداً أنها شهدت نقلة نوعية العام الماضي إلى مستوى علاقات استراتيجية شاملة. وأشار، في هذا الصدد، إلى إنشاء اللجنة السعودية- الصينية العليا المشتركة. ويرأس ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، الجانب السعودي في اللجنة، فيما يرأس الجانبَ الآخر النائبُ الأول لرئيس مجلس الدولة الصيني. وعدّ الماضي اللجنة مؤشراً بالغ الأهمية على مدى عمق العلاقات وأهميتها بين البلدين الصديقين. وأبان أن الأشهر الستة الماضية شهدت وصول 200 وفد رسمي سعودي إلى الصين لبحث التعاون في مختلف المجالات. وشهدت الفترة نفسها تبادل الزيارات بين الوفد الرسمية للبلدين. ولفت الماضي إلى تنوع العلاقات بين البلدين. وشرح أنها تشمل عديداً من الجوانب؛ منها الفضاء، والأمن الغذائي، والصناعة، والتعليم، والعلم، والطاقة المتجددة والنظيفة، والطب، والزراعة، وغيرها كثير. وأفاد بتركيز المملكة على تبادل الخبرات والاستفادة المشتركة، مبيّناً أن للصندوق السعودي للتنمية مساهمات كبيرة في الصين من خلال مجموعة مشاريع يمولها، و»هي بلا شك قيمة مضافة للعلاقات المتميزة بين البلدين». وعلى مستوى التعاون العلمي؛ أشار السفير إلى أكثر من 800 طالب سعودي يدرسون حالياً في الصين ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي و»يضافون إلى عدد كبير من الطلاب أنهوا دراستهم خلال السنوات الماضية»، فيما «يدرس أكثر من 500 طالب صيني في عدد من الجامعات السعودية». ثقافياً؛ يستضيف متحف الصين الوطني حالياً معرض «طرق العرب». وأوضح الماضي «نحن الآن على وشك افتتاح مكتبة الملك عبدالعزيز في جامعة بكين، وهي هدية من حكومة المملكة العربية السعودية للشعب الصيني». رؤية المملكة ومبادرة طريق الحرير وحول دور الصين في تحقيق «رؤية المملكة 2030»؛ قال السفير «الرؤية أحد مرتكزات الدبلوماسية السعودية، وهي غير تقليدية، وعند عرضها على المسؤولين الصينيين نجد منهم تجاوباً جيداً في تقديم تصورهم حول المساهمة فيها بشكل فاعل من خلال الشراكة الاستراتيجية الشاملة والمشاريع المشتركة». وأوضح «من أبرز المشاريع المشتركة التي تتناغم مع الرؤية مبادرة الحزام الاقتصادي وطريق الحرير، والمملكة هي حجر الأساس فيما يتعلق بطريق الحرير الغربي، لأنها تمتلك موقعاً استراتيجياً بين القارات الثلاث (آسيا وإفريقيا وأوروبا)، وهذه ميزة إضافية لأن تكون شريكاً مهماً جداً للصين من خلال عدد كبير جداً من المشاريع التي تتماشى مع رؤية المملكة 2030». ويستطيع البلدان، بحسب تأكيد الماضي، نقل العلاقات بينهما إلى مراحل متقدمة جداً من خلال الشراكة الجيدة والاحترام المتبادل فضلاً عما يتمتعان به من مصداقية، و»يُتوقّع بحلول عام 2020 بمشيئة الله أن نرى كثيراً من الإنجازات على مختلف الأصعدة». إلى ذلك؛ وصف السفير الصيني لدى المملكة، لي هواشين، العلاقات بين البلدين بالتاريخية والمتطورة في العصر الحديث، فضلاً عن امتدادها تاريخياً إلى جذور ضاربة في القدم. ولاحظ السفير هواشين أن العلاقات الدبلوماسية الحديثة بين البلدين، التي وصلت حتى الآن إلى 27 عاماً، تتطور بخطى واسعة «حتى وصلت اليوم إلى العلاقة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في شتى المجالات، والتي أُعلِنَ عنها أثناء زيارة الرئيس الصيني للمملكة مطلع 2016م». وأبان هواشين أن هذه العلاقة الاستراتيجية الشاملة جاءت عقب عددٍ من الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، ما أكد حرصهما على تنامي العلاقات. وتابع قائلاً «في هذا الإطار تم تأسيس لجنة رفيعة المستوى بين الجانبين عقدت اجتماعها الأول في أغسطس 2016» برئاسة ولي ولي العهد السعودي ونائب رئيس الوزراء الصيني، تشان قاو لي، وانبثقت عنها عدة لجان فرعية و»يمكن وصفها بالناجحة بكل المقاييس». والزيارة الحالية للملك سلمان هي الثالثة له إلى الصين، بحسب ما ذكر هواشين. وقام الملك بزيارتيه السابقتين عندما كان أميراً لمنطقة الرياض ثم ولياً للعهد، والتقى آنذاك كبار المسؤولين الصينيين. ووصف هواشين الزيارة الثالثة بالمهمة جداً. وأوضح «نأمل أن تحقق كثيراً من التقدم الإيجابي في العلاقات المتنامية بين البلدين، كما أنها ستعطي دفعة قوية جداً للعلاقات الممتازة بينهما». وتوقع هواشين أن تسفر الزيارة عن توقيع عديدٍ من الاتفاقيات النوعية التي تخدم البلدين في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد والتعليم والمجالات الإنسانية والثقافية ومكافحة الإرهاب. وحول مشروع «طريق الحرير البري والبحري»؛ قال السفير الصيني «إنه مشروع ضخم جداً، بدأ من وسط الصين ويمتد عبر الصحاري والجبال إلى الغرب، إلى آسيا الوسطى، ثم إلى المنطقة العربية، فإلى أوروبا». واعتبر هواشين أن المشروع ليس طريقاً للتجارة فقط «وإنما هو طريق لانتقال الحضارة بين القارات والدول، ويحقق كثيراً من الفوائد لكل الدول التي يمر بها». وذكّر بأن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، طرح قبل 3 سنوات مبادرة «الحزام والطريق»، و»فكرتها استلهام فكرة طريق الحرير القديم ولكن بتطويره مع ظروف جديدة يستفيد الجميع منها»، مبيناً أن المبادرة وجدت حتى الآن تجاوب أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية «فيما وقّعت حتى الآن أكثر من 40 دولة ومنظمة اتفاقية تعاون بخصوص هذه المبادرة ومنها المملكة العربية السعودية، وهو ما ينسجم مع رؤية المملكة 2030». وحول مجلس الأعمال السعودي- الصيني؛ اعتبر هواشين أن المجلس يبذل جهوداً مقدّرة في دفع التعاون الاقتصادي والتجاري. ووصف المجلسَ بالنشط، إذ «يسعى بشكل دائم إلى تطوير العلاقات الاقتصادية ويعمل على تعريف رجال الأعمال من الجانبين بالفرص التجارية في كل بلد وتسهيل الإجراءات النظامية». وفي جانب مشاريع الطاقة المشتركة؛ تحدث السفير الصيني عن تعاون كبير وفعال في هذا الصدد. وأشار إلى امتلاك بلاده خبرات كبيرة ومتنامية في هذا الجانب وسعيها إلى تطوير تعاونها مع المملكة فيه «سواءً في مشاريع الطاقة النووية أو مشاريع الطاقة المتجددة (الشمس والرياح)، كما أنها تشارك المملكة في عديدٍ من مشاريع الطاقة سواءً في التنقيب أو الإنتاج ومنها مشاريع استكشاف الغاز». بالنسبة للتأشيرات الصينية الصادرة لسعوديين؛ قدّر هواشين عددها ب 50 ألفاً خلال 2016م تشمل أغراضاً متعددة. وأبدى هواشين إعجابه بالسياحة في المملكة وغنى مقوماتها. وتطلع إلى زيادة التعاون بين البلدين في هذا الجانب «خصوصاً أنه أحد العناصر الرئيسة في رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020»، لافتاً إلى توقيع البلدين مؤخراً اتفاقية لتطوير الجانب السياحي. إلى ذلك؛ لفت السفير الصيني إلى توافق كبير بين المملكة وبلاده إزاء القضايا الإقليمية والدولية. وقال «البلدان لديهما مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، كما أن لديهما لجنة مشتركة تعنى بالتعاون السياسي والدبلوماسي، ويتم التنسيق بشكل دائم بينهما في الأمور التي تهمهما». ووصل إلى الصين في معية الملك الأمير خالد بن فهد بن خالد، والأمير منصور بن سعود بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، والأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز، والأمير طلال بن سعود بن عبدالعزيز، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز، والأمير سطام بن سعود بن عبدالعزيز، والمستشار في الديوان الملكي، الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، ومستشار خادم الحرمين الشريفين، الأمير منصور بن مقرن بن عبدالعزيز، والمستشار في الديوان الملكي، الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، ومستشار وزير الداخلية، الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، والأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبدالعزيز، والأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز، والأمير سعود بن سلمان بن عبدالعزيز، والأمير نايف بن سلمان بن عبدالعزيز، والأمير راكان بن سلمان بن عبدالعزيز. كما وصل في معية الملك وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ووزير الاقتصاد والتخطيط، المهندس عادل بن محمد فقيه، ووزير العمل والتنمية الاجتماعية، الدكتور علي بن ناصر الغفيص، ووزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور نزار بن عبيد مدني، ورئيس المراسم الملكية، خالد بن صالح العباد، ونائب السكرتير الخاص لخادم الحرمين الشريفين مساعد رئيس الديوان الملكي للشؤون التنفيذية، فهد بن عبدالله العسكر، ورئيس الحرس الملكي، الفريق أول حمد بن محمد العوهلي، ونائب رئيس الديوان الملكي، عقلا بن علي العقلا، والمستشار في الديوان الملكي، الدكتور محمد بن إبراهيم الحلوة، ومساعد السكرتير الخاص لخادم الحرمين، تميم بن عبدالعزيز السالم، والمستشار في الديوان الملكي، تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، والرئيس المكلف للشؤون الخاصة لخادم الحرمين، خالد بن عبدالعزيز السويلم.