حاولت أكثر من مرة المشاركة في «سناب شات»، وفي كل مرة أزداد نفوراً حتى قررت حذفه. لست من أعداء ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بعضها تجعل البيوت من زجاج، يرى العابرون كل ما فيها، وبعضها تُعرف بسلوكيات مقيتة أكثر من غيرها، منها «كيك» إحدى الوسائل الغابرة التي اندثر معها مشهورون موسميون، ومازال بعضهم يقاوم، ومنها «سناب شات» الذي اقترن بالسماجة والاستعراض وخداع المعلنين. مع ذلك لكل وسيلة محاسنها، وكفى الوسيلة نبلاً أن تُعد محاسنها، مع الاعتذار للشاعر الذي قال: كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه. من حسنات ال «سناب» أن أعاد القص الشفهي إلى وهجه على أيدي شباب أصبحوا ينبشون في التراث ليستخرجوا القصص، ثم يسردونها بأسلوب شائق وظريف. قديماً كان «الحكواتي» يقوم بهذه المهمة، وكان أهم مصدر للترفيه، يتحلَّق حوله رواد المقاهي لمتابعة قصص البطولات والفروسية، وكان قادراً بمهارته السردية على حبس أنفاس الجمهور حتى رُوي أن مستمعاً لم يستطع النوم بعدما انتهت حكاية الليلة بأسر عنترة بن شداد، وما كان منه إلا أن أيقظ الحكواتي من نومه، وهدده بالقتل إن لم يفك أسره، فخاف الحكواتي، وأكمل القصة التي أُطلِق فيها سراح الفارس. عودة الحكاية الشفهية، وانتشارها سترفع ذائقة المتلقي للسرد وتقنياته، ما يبشِّر بمستقبل زاهر للرواية والقصة، سيأخذها إلى أعلى مستويات الأدب العالمي.