بدأ نظام الأسد تشكيل فيلق عسكري على طريقة «الحشد الشعبي» في العراق ليكون قوة عسكرية موازية للجيش الذي أنهكه الأسد خلال السنوات الخمس الماضية، وكانت وزارة دفاع الأسد أعلنت رسمياً في 22 نوفمبر الماضي، عن البدء في تشكيل الفيلق، وفتحت المجال أمام السوريين من سن 18 وحتى ال50 عاماً، دون النظر إلى وضعهم المدني سواء أكانوا موظفين في الدولة السورية أو يخدمون كاحتياط ضمن جيش النظام. ورجَّح خبيران استراتيجيان في الشأن السوري أن هذا الفيلق الذي سمي «الخامس» ما هو إلا الذراع الإيرانية الدائمة في سوريا، في حال اضطرارها لسحب ميليشياتها الإرهابية منها، في مشهد مكرر للحشد الشعبي الذي أسسته في العراق وأدخلته في هيكلية الدولة العراقية مؤخراً، وإن كان الاتجاه الذي فضَّله أحد أبرز قيادي الجيش الحر في دمشق وريفها أنه ليس كذلك وإنما تم بموافقة روسية. وخصص خطباء يوم الجمعة في 18 ديسمبر حيزاً من خطبهم على المنابر في المساجد للدعوة إلى الالتحاق بالفيلق، بناء على توجيهات من وزارة أوقاف الأسد، التي عممت على مديريات الأوقاف في المحافظات، وطالبت فيه بحث المواطنين على الالتحاق بالفيلق الخامس وعرض ميزات هذا الالتحاق، التي تضمنت تسوية وضع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية، إضافة لتقديم راتب شهري يعادل أربعة أضعاف راتب موظفي الدولة، ويساوي قرابة 200 دولار أمريكي (100 ألف ليرة سورية). ووسَّع الإعلان من دائرة المستهدفين، لتشمل الموظفين في الدولة، حيث طلب مدير الصحة في محافظة اللاذقية من جميع العاملين في المشافي والهيئات والمراكز والأقسام من أبناء المحافظات الأخرى الالتحاق بمعسكر للفيلق الخامس خلال مدة أقصاها 48 ساعة، مع التهديد بعقوبات تصل لفصل كل من يخاف تنفيذ القرار. وقال العقيد الطيار الركن عمار النمر، قائد المجلس العسكري في دمشق وريفها، إن الفيلق يدعم مالياً من روسيا إضافة إلى إيران، ويلتحق به أبناء المناطق التي أجرت «اتفاقات مصالحة» مع الأسد، بالإضافة إلى حالات الاعتقال التي تجري من 10 أيام في العاصمة دمشق، موضحاً أن الرواتب متفاوتة حسب الشهادات العلمية والخبرات. وأكد النمر أن التشكيل يحظى بدعم من حلفي نظام الأسد «روسياوإيران»، مشدداً على أن التدريب عُهد بشكل حصري لحزب الله اللبناني. وقال المحلل الاستراتيجي العميد أحمد الرحال، إن موضوع الفيلق الخامس يعبِّر عن الصراع الروسي – الإيراني في سوريا، موضحاً أن روسيا تسيطر على جيش الأسد بشكل كامل كون غالبية الضباط قد تلقوا تدريباتهم وعلومهم في روسيا، إضافة إلى استخدامهم الأسلحة الروسية. واستطرد الرحال بالقول إن إيران أيقنت عدم استطاعتها السيطرة على الجيش نظراً لسطوة روسيا، وهي في ذات الوقت بحاجة لذراع لها في سوريا، إذ لا تستطيع أن تبقي قواتها (الحرس الثوري) والميليشيات الأجنبية الإرهابية مثل حزب الله الإرهابي والميليشيات العراقية والأفغانية، مدى الحياة، لذلك قررت إيران إيجاد فصيل أو جسم عسكري يحفظ مصالحها في سوريا، في حال سحب ميليشياتها من هناك. وتوقَّع العميد الرحال أن يلتحق بالفيلق الخامس بعض الميليشيات المحلية التي تساند النظام ك»الدفاع الوطني» و»الشبيحة»، تمهيداً للوصول إلى «حشد شعبي» مماثل لما حصل في العراق ولكن بنسخة سورية. وتطابق رأي الرحال مع العميد زاهر الساكت، وهو محلل استراتيجي أيضاً، حول تبعية الفيلق الخامس لإيران، موضحاً أن إيران حالياً ستشرف على تدريبه وتسليحه بسلاح إيراني و»تشييعه»، مشيراً إلى أن الهدف من الفيلق هو الدفاع عن «طائفة» بشار الأسد. وقال الساكت إن اتساع نطاق الدعوة للمواطنين السوريين هو لإخفاء «طائفية» التشكيل، إذ سيعمد النظام وإيران على الزج ببقية الطوائف بالأنساق الأولى في المعارك للقضاء عليهم فيما سيحافظون على من ينتمي للطائفة الأسد أو الطائفة الشيعية. وأكد العميد الساكت أن إيران بهذه الحالة تضمن وجودها في سوريا، وفي حال جاءتها الأوامر للانسحاب، فإنها ستنسحب دون أن تخشى من انهيار مصالحها.