صحيح أنّ خطبة الجمعة ليست منبرا شخصيا للخطيب، لكنها لا ينبغي أن تكون تعميما حكوميا يُوزّع كل أسبوع على المساجد، فيردّده كل الخطباء بصورةٍ تجعلهم لا يختلفون عن الميكرفون سوى في الإطلالة وتحريك الشفاه. ما يرتكبه بعض الخطباء من شطحات ليست حجة لتعميم الخطأ على الجميع، وعقابهم بتحويلهم من صوتٍ إلى صدى، ولو جازت مطالبة وزارة الشؤون الإسلامية بتوحيد خطب الجمعة لجازت أيضا مطالبة وزارة الإعلام بتوحيد مقالات الصحف لمنع تجاوزات بعض الكتاب. فترسل الوزارتان، واحدةٌ كل أسبوع خطبا للجمعة، وثانيةٌ مقالا يوميا يذيّل في كل صفحة من الجرائد باسم وصورة كاتب مختلف. وهكذا يتحول المشهد إلى نسخة كاربونية كاريكاتورية تشابه ما يعرض في شاشات الرصد التي يحقن بها يوميا مواطنو «أوقيانيا» في رواية جورج أورويل 1984. كما أن بعض الخطباء أساءوا لهذا المنبر العظيم، الذي يمكن جعله منارة تنويرية توعوية، فإن هناك خطباء وعوا أهميته ودوره الحقيقي في تحفيز المجتمع المسلم ودفعه للتطور والتميز. شهِدت خطبا عن أضرار التدخين وأخطار السرعة وآداب الحوار وخلافها من أدوات تغيير السلوك المجتمعي؛ بمثل هؤلاء الخطباء تعود منابر خطبة الجمعة لأهدافها التي شُرعت من أجلها. ووزارة الشؤون الإسلامية مسؤولة عن جعل نسبة أمثالهم 100 % بتدقيق الاختيار وتطوير الأداء والمتابعة والمحاسبة، وأتمنى ألا تلجأ للخيار الأسهل الأضعف بإلغائهم وتحويلهم إلى «روبوتات»!.