يجب فعلياً أن نحترم رأي خطيب الجمعة في السياسة حين يكتب مقالةً بجريدة، أو تدوينةً على موقعه، أو تغريدة في حسابه بتويتر، فإبداء الآراء ما لم يكن تحريضياً حق للجميع. لكن بنفس الوقت لا يمكن قبول تحويل المنابر إلى ندوات سياسية وكأننا في مركز بحث أو صالون سياسي أو اجتماع حزبي أو ورشة عمل سياسية. الخطيب إنسان وله حق التعبير عن رأيه خارج المنبر، ذلك أن المنابر في يوم الجمعة هي لعموم المسلمين ويشتركون فيها جميعاً ولهم حق فيها وهي عبادة وليست مقالة سياسية أو محاضرة عن الاستراتيجيات والسياسات ومستقبل مضيق هرمز. العجيب أن وزارة الشؤون الإسلامية تعرف مستوى الانفلات أحياناً في هذا المنبر الذي أصبح ملاذاً للخطباء ليتحدثوا عن السياسة!! قبل أيام قال وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري:"إن خطبة الجمعة عبادة وهي من شعائر الله التي يجب تعظيمها وعدم جعلها للمهاترات وإثارة الناس فالمسجد مكان لتوحيد الكلمة وجمع الصف وليس مصدراً للفتنة أو مكاناً للبلبلة ونشر الفرقة والضغينة بين أفراد المجتمع.الخطبة عبادة والعبادة مبنية على النص عن الله جل وعلا، وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - فهي ليست محلاً لاجتهاد الخطيب، والنبي صلى الله عليه وسلم خطبه موجودة وكانت قصداً أي مختصرة كما ورد عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنت أصلي مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً "رواه مسلم. كما لم تكن خطبه – عليه الصلاة والسلام – خطب شحن واستثارة للناس بل كانت خطب هدي وإرشاد، وموعظة وتسكين للفتنة وتهدئة للنفوس الثائرة". نعم ليست لإثارة الناس. هذا كلام لا غبار عليه، والدكتور موفق في تصريحاته كثيراً ومن الواضح أن لديه رؤية متأصلة في هذا المجال ولكن المشكلة في التنفيذ. تعاني وزارة الشؤون الإسلامية من ضعف الآليات التنفيذية. من رفع المكبرات في رمضان، إلى الخطبة وأخطائها، إلى انفلات الكلمات وتشتت الدعاة، كلها مسائل تحتاج إلى قوة في التنفيذ وإلا لن تكون هذه التصريحات إلا حبراً على ورق! بآخر السطر، المهم أن تكون الخطبة معزولة عن خطابات الأزمة والتي يدخل بها موضوع السياسة والطائفية والحروب والمطاحنات والثورات كل هذه خطابات أزمة، الخطبة يجب أن تعنى بخطابات السكينة والمجتمع والتربية والموعظة الحسنة، هذا هو المأمول.