من اليسير أن تكون في السياق الجمعي، ومن اليسير أن تعجب السواد الأعظم طالما رغبت في أن تكون كما يريدون لا كما تريد أنت؛ لكن الصعوبة – أقوى صعوبة أن تظل مختلفا متفردا عن غيرك، معتزا بذاتك وبما لديك من موهبة تميزك عمن سواك؛ لأنك ستدفع ضريبة هذا الاختلاف وستدفع ثمن هذه الطريق البكر التي ارتضيت أن تسير فيها أولا. أسوق هذا الحديث بعدما شاهدته من هجوم شرس على الشاعر حيدر آل عبد الله الذي شرف بإلقاء قصيدة (مخطوطة القرى والظلال) أمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله-؛ لتنطلق الأقلام بعدها بين ثناء لقلة وبين هجوم وسخرية لاذعة من أناس لا ينتمون للعمل النقدي أو الأدبي وإنما تحركهم الموجة (التويترية) أو (الواتسابية). لقد جاء حيدر محملا بالشعر مراهنا على متلق نخبوي أدرك حجم موهبته فقدمه؛ فحصد الثناء والإعجاب من هذه النخب. جاء بذات طريقة إلقائه التي شاهدناها في سوق عكاظ التي كُسي بردتها وفي برنامج أمير الشعراء الذي توج بإمارته، وذات الإلقاء الذي سحر الجمهور المصري خلال أمسية شعرية اشتركنا فيها في دار الأوبرا، وما صاحبها من احتفاء لافت به في جامعة الأزهر بحضور أمير الشعراء السابق علاء جانب. يا سادة يا كرام: حيدر موهبة شعرية سعودية بها نعتز ونفخر. وهو عرضة للإتيان بقوي الشعر وضعيفه شأن أي شاعر؛ وذلك هو عمل أهل الاختصاص لا حديث أهل السخرية والضحك والقصاص.