بعد 17 شهراً على بدء شغور الرئاسة في لبنان؛ دخل اسم الزعيم المسيحي رئيس تيار "المردة"، سليمان فرنجية، بورصة المرشحين للمنصب، فيما حدَّد مجلس النواب ال 16 من ديسمبر الجاري موعداً لمحاولة إنهاء الأزمة عبر التصويت. وللمرة ال 32؛ فشل البرلمان أمس الأول في انتخاب رئيس جديد للبلاد نتيجة الانقسام الحاد بين الكتل السياسية. لكن التصريحات السياسية على هامش الجلسة تمحورت حول ترشيح فرنجية المفاجئ الذي برز إلى الضوء قبل أسبوعين بعد لقاء بينه وبين رئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، في باريس. وأُدرِجَت هذه الخطوة غير المتوقعة من الحريري، أبرز زعماء قوى «14 آذار» المعادية بشدة لبشار الأسد، في إطار محاولة للتوصل إلى تسوية للأزمة الرئاسية. وكانت قوى «14 آذار» أعلنت بُعيدَ انتهاء ولاية الرئيس السابق، ميشال سليمان، دعمها لترشيح أحد أركانها رئيس حزب القوات، سمير جعجع، فيما رشَّحت قوى «8 آذار»، وبينها حزب الله، رئيس الحكومة السابق والنائب الحالي، ميشال عون. لكن نواب حزب الله وعون والكتلة التي ينتمي إليها فرنجية قاطعوا كل الجلسات التي حددها رئيس البرلمان، نبيه بري، لانتخاب رئيس، ما حال دون اكتمال النصاب، مطالبين ب «مرشح توافقي». وخلال الساعات الأخيرة؛ ظهر أبرزُ مؤشِّرٍ على جديَّة ترشيح فرنجية مع تأييد الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، له في إطار «فرصة تسوية» بعد العجز على مدى عامٍ ونصف العام على التوصُّل إلى رئيس توافقي. وكان جنبلاط يتحدث بعد اجتماعه مع المرشح المحتمل. وقال «سأساعد على طريقتي في تذليل العقبات ضمن الإمكانات». وغالباً ما يُنظَر إلى جنبلاط، الذي يترأس كتلة نيابية تضم 11 نائباً، على أن في إمكانه ترجيح كفة أحد الفريقين السياسيين الأساسيين، علماً أنه يصنِّف نفسه «وسطياً». ويتحدر فرنجية (50 عاماً) من مدينة زغرتا ذات الغالبية المسيحية المارونية، وهو ابن عائلة إقطاعية وسياسية معروفة جمعتها علاقة عائلية تقليدية مع عائلة الأسد في سوريا، قبل أن تجمعهما المواقف السياسية. وكان الجدُّ، الذي حمَل اسم سليمان أيضاً، من أبرز الزعامات المسيحية في البلاد، وانتُخِبَ رئيساً بين عامي 1970 و1976، وهي الفترة التي شهدت اندلاع الحرب الأهلية في إبريل 1975. ويرى رئيس قسم العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، هلال خشان، أن هناك التقاءً حتى لو لم يكن معلناً على فرنجية الذي يعد أحد قادة «8 آذار»، واصفاً إياه ب «مرشح إجماع إقليمي ودولي». وتطرقت تقارير إعلامية عدَّة إلى وجود مثل هذا التوافق الإقليمي والدولي بشأنٍ منصبٍ لطالما انتُخِب شاغله بتأثيرات خارجية. لكن في المواقف الداخلية؛ يثير احتمال وصول حفيد الرئيس الأسبق إلى الرئاسة اعتراض الكثيرين، وعلى رأسهم الأطراف المسيحية من كلا الفريقين المتخاصمين. جيل الحرب ويعد المرشح المحتمل للمنصب الشاغر من جيل الحرب (1976-1990)، علماً أنه دفع ثمنها أيضاً على الصعيد الشخصي. وقُتِلَ والده طوني، وكان نائباً ووزيراً، ووالدته فيرا وشقيقته جيهان (3 سنوات) وعددٌ كبيرٌ من أنصار العائلة فيما عُرِفَ ب «مجزرة إهدن» عام 1978 على أيدي عناصر من حزب الكتائب، ما ترك عداوة متجذرة مع سمير جعجع المسؤول في الحزب آنذاك. وبعد مقتل عائلته؛ تحمَّل فرنجية مسؤولياتٍ مبكرة، فبدأ نشاطه السياسي وهو في مطلع العشرينات، وعُيِّنَ كأصغر نائبٍ في البرلمان في إطار تعيينات تمَّت بعد انتهاء الحرب. ثم انتُخِبَ نائباً في دورات متتالية حتى عام 2005، وتسلَّم خلال هذه السنوات حقائب وزارية كان آخرها وزارة الداخلية حين قُتِلَ رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري. وحدد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، 16 ديسمبر الجاري موعداً جديداً لانتخاب رئيس. وتساءلت صحيفة «النهار» اللبنانية الصادرة أمس الخميس في صفحتها الأولى «هل تكون الجلسة 33 لانتخاب الرئيس ثابتة؟».