تمر بنا فرص متاجرة ولكنها ليست كغيرها تحتمل الربح والخسارة، إنها متاجرة مضمونة بضمان من بيده الأمر كله، إن أحسنت نيتك معه.. تلك هي متاجرتك مع الله عز وجل، خصوصاً في مواسم زيادة الأرباح التي نعيش هذه الأيام نفحات منها، بل هي خير أيام الدنيا بأسرها، كما ذكر ذلك حبيبنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم «أفضل أيام الدنيا أيام العشر، يعني عشر ذي الحجة». قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال «ولا مثلهن في سبيل الله إلا من عفّر وجهه في التُراب». وهذا الأرباح ليست فقط مضمونة لك بل هي سهلة ميسرة بإذن الله تعالى، فمجرد أن تمسك لسانك عن اللغو والخوض في أعراض الناس وتطلقه في التكبير والتحميد والتهليل فقد كسبت ملايين الحسنات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)، والتكبير نوعان، تكبير مطلق في جميع الوقت من ليل أو نهار إلى صلاة العيد، وتكبير مقيد وهو الذي يعد الصلوات المكتوبة التي تصلى في جماعة، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحجاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق. وأذكر لك جملة من الأعمال التي تساهم مساهمة كبيرة في زيادة أرباحك بعد محافظتك على الواجبات التي أمرك الله بها، ومن تلك الأعمال التي تستحب في خير أيام الدنيا الحج، العمرة، الصيام، كثرة السنن من الصلوات، تلاوة القرآن، إماطة الأذى عن الطريق، إغاثة الملهوف، الإحسان إلى الجيران، بر الوالدين، صلة الأرحام، الصدقة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تبسمك في وجه أخيك المسلم، وكل قول أو عمل صالح ترجو به وجه الله عز وجل والدار الآخرة، ومن آكد الأمور في هذه العشر البعد الشديد عن المعاصي والسيئات، فقد قال بعض أهل العلم بمضاعفة السيئة في الأشهر الحرم، وهي رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، وشهر الله المحرم، قال الله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} فمن حفظ دنياه بطاعة الله حفظ الله له آخرته، ووجد ما قدمه مدخراً له عند الله عز وجل ومضاعفاً، ومن ضيع ديناه ضاعت آخرته، وخسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين، وأنت الآن تعيش فرصة ثمنية، فإذا كنت كيساً فطناً سوف تحرص على اغتنام كامل الفرصة بكل ما في وسعك عمله، فهل ستكون من المغبونين الخاسرين أم من الرابحين الفائزين؟ وفقنا الله وإياكم لكل عمل نفوز به لكسب رضوان الله تعالى، فإننا من دون توفيق الله لا حول لنا ولا قوة ولا مشيئة إلا بمشيئته سبحانه قال تعالى: (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين).