في خطاب حسن نصر الله الذي خاطب فيه الشعب العربي وتحديدا السعودي واليمني، الذي ابتذل فيه عاصفة الحزم وحلل دوافعها، مشيرا إلى أنها دوافع واهية، لا أساس لها من الصحة وحصرها في نقاط اعتمد في معارفها على أسس التحصيل المعرفي الثابتة على حد قوله، ومن وجهة نظره هو، وعلى نفس القاعدة الفلسفية للتحصيل المعرفي، التي كانت لب كتابي تأمل كمجموعة فلسفية، فإذا كانت الحواس أساس المعرفة فإن الواقع شاهدها والمنطق حجتها، والعقل والتفكر أدواتها كقاعدة أساسية لتحصيل المعارف الصحيحة، وعلى هذا القاسم المشترك تفرض المعارف صحتها. أولا: ما الذي دفع نصر الله إلى تكذيب الدوافع الشرعية للمملكة ثانيا: كيف انتقد موقف كل الدول العربية جراء عاصفة الحزم وتدخلاتها في الشأن اليمني، في الوقت الذي لم ينتقد تدخلاته السافرة في سوريا. وعليه فلنقف هنا على أصل المعرفة وثوابتها ودلائلها لإثبات صحة المعارف التي ذكرها أو خطئها، دون الخوض في عناصر طائفية أو حزبية أو عنصرية، كي تستقيم أصول المعرفة. ففي انتقاده وتكذيبه لدوافع دول التحالف في عاصفة الحزم لا أساس لها من الصحة. وهنا على الأقل الدلالة القطعية كحجة واقعية واضحة وملموسة ومحسوسة، وهو صاحب الشرعية، والوحيد الذي له الحق في إدارة شؤون اليمن هو الرئيس هادي، الذي أخرجته الجماعة الحوثية وأفقدته سلطته التي أعطاها إياه أصحاب الشرعية المتمثلة في الشعب اليمني، فهل كذبت المملكة أيضا في طلب هادي الشرعي. فكيف تقوِّم معارفك، وكيف تحصّلها، إذا كنت تغالط واقعا مرئيا ملموسا لا يحتاج إلى إثباتات. ثانيا إذا كنت تراه أمرا داخليا لا حق لدول التحالف التدخل فيه، فلماذا إذا سمحت لنفسك في التدخل وإبداء الرأي فيه، لطالما أنه لا يخصك، كونه أمرا لا حق لأحد الخوض فيه، فذلك التناقض يكشف النقاب عن تلك المساحة الفارغة في معارفك المُسيسة وغرض التضليل فيها. ثالثا: إذا كنت ترى أن ما يحصل في اليمن ما هو إلا ثورة شعبية، (مع أن ثورتهم قد انتهت بتنصيب الرئيس هادي)، وإن كان كما ترى ، كونها انتفاضة شعبية ثورية لأبناء اليمن، لا يحق لأحد التدخل، فكيف تسمح لنفسك أن تتدخل في ثورة الشعب السوري، لتقف أمام إرادة الشعب السوري وتقتل أبناءهم، في حين أنها ثورة شعبية شرعية لم تحقق أهدافها حتى في أبسط حقوقهم الشرعية والدولية في اختيار وانتخاب حاكم لهم. كيف تقوّم معارفك وأين المنطق الذي رضيته حكما لمعارفك؟، الذي حكمت فيه على دور المملكة في استجابتها لاستغاثة حاكمها المنتخب والشرعي، فإذا كانت الثورات من أجل الإصلاح، فأي ثورة هذه التي تقوم بالتخريب والقتل والترويع؟ أم أنك أغمضت عينيك لحرب الحوثيين في صعدة ودماج وعمران وعدنوصنعاء، أم أنك تمتعت بمشاهدة دماء الأبرياء في مناطق القتال؟. كيف تقوم معارفك؟، من يفكر بعمق وواقعية ومنطقية سيقرأ في خطابك كل أدوات التضليل المعرفي، المتناقضة والمسيسة، ولنأخذ مثلا عبارتك التي قلت فيها إن المملكة ساهمت في إراقة دماء العراقيين بدفع مليارات لصدام حسين في حربه مع إيران، وهنا إما أن تلغي تاريخ صدام القيادي كإنسان يملك جميع أدوات المعرفة والفكر والقيادة كونه إمعة ينساق لكل مايؤمر به، أو قدرته العسكرية، وفي كلتا الحالتين معرفة متناقضة لا واقعية، فلو قلت لك كإنسان عاقل وطبيعي وواقعي هذا مليون دولار وارم بنفسك وعائلتك من على سفح جبل، فهل توافق!؟ أما سر هذه المصارعة العجيبة على حد قولك لعاصفة الحزم، فسأقول لك بناء على منطقك المعرفي إنها ليست سريعة ولا غريبة، فإن كنت متابعا للأحداث في اليمن، ستجد أن العاصفة تأخرت ولم تكن بالسرعة التي تحدثت عنها، بدلالة حرب صعدة وعمران ودماج وصنعاء والحديدة، وما تخللته من أحداث سياسية وعسكرية ونقض لاتفاقية بن معمر، التي أخذت سنوات لا أياماً، ومع ذلك لم يتدخل أحد حتى انتهت بطرد رئيسها الشرعي والمنتخب من صنعاء ثم عدن ثم استغاث هو بطلب رسمي موثق. ثم ماهو العمق المعرفي الذي أردت تضليل شعب يعي تماما الحالة التي وصل إليها إنسان اليمن، جراء حماقات مليشياتكم المسلحة. أما على حد قولك في أن المد والعمق الإيراني غير موجود في اليمن، فمن أين أتى بنو حوث بأسلحتهم، ثم إن كانت أسلحتهم سعودية على حد تعبيرك، فأنت هنا تناقض نفسك، فإن كانت سعودية فإنها ستكون محدودة كما، ومن المفترض أنها انتهت في أول حرب لهم مع صالح، أو انتهت في حربهم الأولى مع المملكة، أو انتهت مع استمرار عاصفة الحزم، كذلك يقول واقع ومنطق المعرفة ولكنها في تزايد، فمن أين إذا كل ذلك المدد، خصوصا أن الدمج مع قوات صالح لم يكن إلا قريبا، التي أصلا لم تكن بتلك الإمكانات، فإذا كان لصالح قوات وعتاد بإمكانات عديدة، لكان قضى على الحوثيين في أول حروبه معهم منذ 2006. أما حديثك عما أحدثته من دماء سيحاسب الله المملكة عليها. رغم شرعيتها، فكيف سيكون حسابك وساستك وأنت تزج بلبنان وأبناء لبنان في حروب تعرف تماما أنها خاسرة، وغير متكافئة؟ تسببت في إراقة دماء اللبنانيين ودمار أراضيهم، تماما كالحالة التي وصلت إليها جراء حماقات مليشياتكم المسلحة. الغريب أنك تريد تسويق معارف لشعب حر متعلم يفكر ويتفكر، فإن كنت قد نجحت في تضليل شعب جاهل كالذي تحكمه ويحكمه ساستك، فمن المستحيل أن تسوق تضليلاتك المعرفية لشعب وصل إنجاز الفرد فيه إلى جوائز وإنجازات عالمية، وهو دليل كنت قد طلبته على ملف الإنجازات في المملكة على مستوى الفرد والحكومة.