عندما كتبت مقالاً بعنوان «سلمان كل الملوك في ملك»، كنت أعي وأقصد كل كلمة أقولها في شخص هذا الملك العظيم الحكيم، وما اكتسبهُ من معارف وصفات ومقومات، منذ صغره، وخلال مسيرة حياته، وما عايشه من حراك سياسي وعسكري، حتى أصبح في شخصه كل المقومات والقدرات التي تخوله لقيادة العالم أجمع، الأمر الذي مكّنهُ من اتخاذ قرارات حكيمة وشجاعة وتنفيذها في أوقاتها المناسبة. لامس العالم أجمع جور الحراك الحوثي السياسي والعسكري على ثورة التغيير وشبابها وطموح البناء فيهم من جهة التي نصّبت فيها الرئيس هادي كرئيس شرعي مُنتخب لليمن، وتمردهم على شرعية النظام، من جهة أخرى، ناهيك عن حماقات الفساد والعسكرة التي دمرت المكان وقتلت الإنسان، وضللت المعارف، حتى أصبح سرطانا أصاب جسد شبه الجزيرة، ووجب بتره، فنحن في الجزيرة العربية نمثل منظومة حياة مرتبطة مع بعضها بعضا في كل شيء كجسد واحد فإذا أصيب أحد أعضاء جسد الروح الواحدة بسرطان خبيث يأتي العلاج بالإجماع على بتره فكيف بسرطان استشرى ودمر الجزء الجنوبي من جسد شبه الجزيرة متجها إلى فساد كامل المنظومة في الرقعة الجغرافية لذلك كان علينا بتره وتحجيمه وإيقافه من الانتشار والحد من فساده ودماره، الأمر الذي استدعى رجل القرار باتخاذ قرار الحزم، بعد أن فشلت كل محاولات العلاج، المحلية والإقليمية وحتى الأممية. لتأتي أوامر الحزم في عاصفة الحزم، بشكل يختلف تماما عن الضربة الأولى التي تلقاها الحوثيون في عام 2009 من الجيش السعودي إبان حرب الردع الحدودي التي خاضتها المملكة معهم دفاعا عن أراضيها التي بدأ في استراتجيتها، بالحِلم السعودي. وهي دلالة واضحة أطلت برأسها لتكشف عن تلك المساحة الفارغة لدى مبتذلي المعرفة للإعلام الحوثي والصالحي على حد سواء وهو دينامكية الضربة العسكرية السابقة التي شنتها المملكة على الحوثيين جنوب المملكة عام 2009 لم تكن بهذه القوة أو الجدية رغم أحقيتها وقدرتها. فقد كانت حربا لم تستخدم فيها القوات السعودية حتى ربع إمكانياتها أو قدراتها دلالة على محاولة إعادة هذا الحركة الحوثية إلى صوابها بقليل من القوة وكثير من الحلم والحكمة والتروي وإعطائهم فرصا أكثر لغربلة توجهاتهم والعودة إلى صوابهم وحفاظا على الدماء، ولكن عندما يفيض الكيل ويتجبر العاصي ويصبح خطرا على نفسه ومن حوله، يريق دماء الأبرياء ويمس بأمن المنطقة وأهلها ويستولي ويبدد الشرعيات، يكون لزاما على أصحاب الحكمة اتخاذ القرار ومحاربة جبروته بكل حزم. إن اتخاذ القرار في هذا الوقت المناسب كان شجاعا جدا وحازما بكل ما تعنيه المفردة من معنى، بل وسيأخذ أبعادا عدة، حالية ومستقبلية، سواء على المستوى المحلي أوالإقليمي أوالعالمي، يضمن للملكة سيادتها وعزتها وسلامة أراضيها على المستوى البعيد والمستقبل كحق مشروع للمملكة من جهة، وللنظام الشرعي اليمني من جهة أخرى، تكفله لهم قرارات وأنظمة الأممالمتحدة الشرعية في مادتها الواحدة والخمسين، الذي يحق لهادي طلب المعونة الدولية أو الإقليمية لتحقيق استقرار بلاده وأمنها ويحق للمملكة ودول التحالف الاستجابة لهادي كرئيس شرعي لتحقيق شرعيته من جهة وتحقيق أمن اليمن وكافة مفاصل جسد شبه الجزيرة العربية كاملة.