ربط مصدر كبير في المخابرات اليمنية بين أحد الشقيقين المشتبه في تنفيذهما هجوم باريس الأربعاء الماضي والقيادي الذي كان بارزاً في تنظيم القاعدة قبل وفاته أنور العولقي، في حين تبنى تنظيم «داعش» العملية التي أوقعت 12 قتيلاً وأحدثت صدمةً في أوروبا والعالم. وأوضح المصدر المخابراتي اليمني أمس أن سعيد كواشي أحد المشتبهين في الهجوم على مكاتب صحيفة «شارلي إيبدو» الأسبوعية شرق باريس، التقى خلال فترة قضاها في اليمن عام 2011 أنور العولقي أحد أبرز زعماء القاعدة. وليس لدى المصدر معلومات مؤكدة عن تلقي سعيد كواشي تدريباً في القاعدة «لكن ما هو مؤكد أنه قابل العولقي في شبوة وأنه كان من بين عددٍ من الأجانب جاءوا إلى اليمن من أجل تلقي دراسة دينية، وقد يكون تلقى تدريباً في واحدة من مناطق عديدة لا تخضع لسيطرة السلطات اليمنية»، بحسب قوله. وقُتِل أنور العولقي في 30 سبتمبر 2011 في هجمات لطائرات أمريكية دون طيار. ولا تخضع محافظة شبوة التي تقع في جنوب اليمن لسيطرة السلطات وتقع فيها اشتباكات بين قوات الأمن ومتشددي القاعدة منذ سنوات. ونقلت صحيفة «عشرون دقيقة» اليومية في فرنسا عن شاهدٍ قوله إن أحد المهاجمين صاح قبل أن يستقل السيارة لمغادرة الشارع الذي تقع فيه «شارلي إيبدو»: «قولوا للإعلام إنها القاعدة في اليمن». ويرجِّح ارتباط كواشي ب «قاعدة اليمن» تأكيد مصادر أمريكية وأوروبية قريبة من التحقيقات في الهجوم أن سعيد زار اليمن في 2011 للتدرب مع متشددين تابعين للقاعدة. وذكرت هذه المصادر المخابراتية أنه منذ أن عاد سعيد كواشي إلى فرنسا قادماً من اليمن؛ تجنب هو وشقيقه أي أنشطة ربما تجتذب اهتمام أجهزة الأمن والمخابرات الفرنسية. ولم تكن وكالات مكافحة الإرهاب الفرنسية تعتبر سعيد وشقيقه شريف هدفين لهما أولوية، وفقاً للمصادر ذاتها التي أفادت أيضاً بأن الشقيقين وُضِعا في اثنتين من قواعد البيانات الأمنية الأمريكية هما قاعدة بيانات شديدة السرية لمكافحة الإرهاب تحتوي على معلومات بشأن 1.2 مليون مشتبه به محتمل، وقائمة أصغر كثيراً ل «حظر الطيران» يحتفظ بها مركز مراقبة الإرهابيين. وأكدت ذلك محطة تليفزيون «إيه. بي. سي. نيوز» إذ ذكرت أن الشقيقين موضوعان في قوائم قاعدتي البيانات «منذ سنوات». لكن المتحدث باسم مراكز مراقبة الإرهابيين، ديف جولي، قال إنه لا يمكن أن يؤكد أو ينفي وضع الشقيقين في قوائم قواعد بيانات مكافحة الإرهاب. ويعتقد محققون أن مقتل العولقي ربما أسهم في قرار الشقيقين الابتعاد عن الأنظار، لكن محققين آخرين يقولون إن من السابق لأوانه الوصول إلى مثل هذه النتيجة. واعتُبِرَ العولقي الذي كان خبيراً في الإنترنت مؤثراً في مجال التجنيد الدولي للقاعدة. من جهته، أعلن تنظيم «داعش» المسؤولية عن الهجوم على الصحيفة. ووصف مسؤول أئمة وخطباء التنظيم، الشيخ أبو سعد الأنصاري، العملية ب «رسالة لكل دول التحالف الدولي وستتكرر في كلٍّ من بريطانيا وأمريكا». وقال الأنصاري، خلال خطبة الجمعة في أحد مساجد الموصل أمس، إن التنظيم بدأ انطلاقه ب «عمليتنا التي نتبناها من فرنسا اليوم، وغداً لبريطانيا وأمريكا وغيرها وسيكون ردنا الحاسم ليعتبر هؤلاء في التحالف أن الدولة الإسلامية هي التي ستحرر كل بلاد الفساد والكفر»، محذراً «كل دول التحالف» الذي يشن ضربات جوية ضد التنظيم المتطرف منذ عدة أشهر في سوريا والعراق. وكان اعتقادٌ سائد بأن الهجوم الذي لم تشهد فرنساً مثيلاً له منذ عقود أتي رداً على إساءة «شارلي إيبدو» للإسلام، وعزز الاعتقاد ما قيل عن ترديد أحد المهاجمين عبارة «انتقمنا للرسول»، لكن الأنصاري ربط ما حدث بالتحالف الدولي. وبالعودة إلى فرنسا، نقلت وسائل إعلام مساء أمس تأكيدات عن مقتل شريف وسعيد كواشي خلال عملية أمنية.