أعلن وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، أمس أن بلاده تعيد بناء جيشها بعد كشف نقاط الضعف التي كان يعاني منها، في وقتٍ تعهد رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بأنه «لا مكان للفساد» في المؤسسة العسكرية. وتزامنت هذه التصريحات مع الذكرى ال 94 لتأسيس الجيش، التي تأتي بعد أشهر من انهيار قطعات عدَّة منه في وجه هجوم واسع لتنظيم «داعش» سيطر به على مساحات واسعة من البلاد. وعدَّد وزير الدفاع، في كلمةٍ بثتها قناة «العراقية» الحكومية، أسباب ما سماها «نكسة» الجيش، قائلاً إن «ضعف وسوء الإداء، وترهل القيادات، وتولي العناصر غير ذات الكفاءة سلم القيادة، وقلة الانضباط، وضعف التدريب، وانفراط عقد الثقة الشعبية مع القوات الأمنية بشكل عام؛ كانت أسباباً حقيقية للنكسة». لكنه ذكر أن الجيش يُبنى الآن بدءاً من قمته، وأوضح «بعد قراءة الأسباب وتدارك عوامل الضعف واستنهاض عوامل القوة الكامنة توكَّلنا عامدين إلى بناء جيش بدءاً من قمة الجيش وقيادته، واستبدال عناصر وقيادات وطنية مهنية ذات كفاءة لم يلطخها الفساد ولا تنقصها الشجاعة بها»، معتبراً ما يجري الآن «مرحلة أولى ستتلوها مراحل أخرى نزولاً إلى أدنى هرم الجيش». وبحسب الوزير، فإن الفساد كان «معولاً ثقيلاً نخر جسد المؤسسة العسكرية وبدد كثيراً من ثرواتها وأهدر فرصها في البناء السليم على شتى المستويات في التسليح والتجهيز كما في التدريب والإدارة والدعم اللوجستي». في سياقٍ متصل، وصف رئيس الوزراء إصلاح المؤسسة العسكرية ب «أحد الأمور الأساسية التي تحققت خلال هذه الفترة». ورأى العبادي، في كلمةٍ له أمس خلال احتفال تخريج 323 ضابطاً في الكلية العسكرية في قاعدة الرستمية ببغداد، أن «هذا الإصلاح أعاد التلاحم بين الشعب والجيش والاحترام إلى قواتنا المسلحة، فنحن نعمل على إعادة هيبتها ولا نعود إلى الوراء». وعلى غرار العبيدي، تحدث العبادي عن الفساد الذي ساد المؤسسة العسكرية، وأكد «لا مكان ولا مجال ولا مساحة للفاسدين بيننا، لا مكان للفاسد الذي يريد أن يخرب هذه المؤسسة، وسنبقى نحارب الفساد ونبقى نلاحق الفساد للدفاع عن هذا الجيش». وانهارت قطعات من الجيش العراقي في وجه الهجوم الواسع الذي شنه «داعش» في يونيو الماضي وانتهى بسيطرته على مناطق واسعة في البلاد؛ أبرزها الموصل كبرى مدن الشمال. وانسحب مئات من الضباط والجنود من مواقعهم حينها، تاركين أسلحتهم الثقيلة صيداً سهلاً في يد عناصر التنظيم المتطرف. وفي الأشهر القليلة الماضية، أجرى العبادي (القائد العام للقوات المسلحة) تعديلاتٍ في الجيش شَمِلَت عزل ضباط كبار وإحالة آخرين إلى التقاعد. كما كشف في نهاية نوفمبر الماضي عن وجود 50 ألف جندي «فضائي» في إشارةٍ إلى جنود وهميين مدرجة أسماؤهم في السجلات. وتمكنت القوات العراقية في الأسابيع الماضية مدعومةً بمسلحين من فصائل شيعية موالية وأبناء بعض العشائر السنية، إضافةً إلى ضربات جوية ينفذها التحالف الدولي؛ من اكتساب بعض الزخم وشن هجمات لاستعادة مناطق يسيطر عليها التنظيم.إلا أن «داعش» ما زال يسيطر بشكل كامل على مدن رئيسة في البلاد، أبرزها الموصل والفلوجة (60 كلم غرب بغداد) وتكريت، مركز محافظة صلاح الدين شمال العاصمة. إلى ذلك، قُتِلَ 23 عنصراً من القوات الأمنية العراقية وأصيب 21 آخرون بجروح في هجوم منسق نفذه انتحاريان أمس وأعقبته اشتباكات قرب بلدة البغدادي الواقعة في محافظة الأنبار التي يسيطر المتطرفون على مساحات كبيرة منها، وفق ما أفادت مصادر أمنية. وقال الرائد إياد نوري من شرطة الأنبار إن «انتحاريين يرتديان أحزمة ناسفة فجّرا نفسيهما وسط تجمع من عناصر الصحوة في داخل مسجد الجبة» الواقع غرب بلدة البغدادي شمال غرب الأنبار. وذكر أن عناصر من «داعش» هاجموا بعد التفجير قوات الأمن العراقية و«دارت اشتباكات أسفرت عن مقتل 23 من عناصر الأمن العراقي وإصابة 21 آخرين». ووقع الهجوم المنسق في الساعة الثامنة من صباح أمس بالتوقيت المحلي للعراق (الخامسة صباحاً بتوقيت جرينتش)، بحسب الرائد نوري. وأكد النقيب في الجيش، سيف العتابي، وطبيب في مستشفى البغدادي حصيلة الهجوم. بدورها، أفادت مصادر أمنية أخرى بانسحاب القوات العراقية حالياً من منطقة الجبة التي تبعد 10 كلم عن بلدة البغدادي، بعد الاشتباكات التي استمرت حتى منتصف نهار الثلاثاء. وتضم بلدة البغدادي قاعدة عين الأسد، وهي أكبر قاعدة عسكرية جوية في محافظة الأنبار.