تواصل إيران سعيها لتوسيع رقعة تحركها في اليمن، حيث تنشط مؤخرا في ملفات يمنية كبرى بمحاذاة توجهاتها الإقليمية وتدخلها في الشؤون الداخلية لعدد من الدول. ومن محافظة صعدة التي بدأ منها الإيرانيون زرع بذور تمددهم في اليمن مستغلة الجانب المذهبي، إلى محافظة عمران القريبة منها، ومن ثم محافظة الجوف تليها محافظة حجة التي يقع بها ميناء ميدي وانتهاء بجنوب اليمن، وتستهدف إيران تكثيف تواجدها بالقرب من خليج عدن والممر الدولي التجاري. وتدعم إيران، بحسب خبير عسكري في وزارة الدفاع اليمنية رفض ذكر اسمه، بعض فصائل الحراك الجنوبي لفصل جنوب اليمن وإرساء قاعدة تواجد جديدة لها بديلة لجبهة سوريا التي ترى أنها ستخسرها قريبا، ويكشف الخبير العسكري، ل”الشرق”، أن آخر أنشطة إيران في اليمن كان قبل أيام حين عرضت على حكومة الوفاق الوطني استثمار جزر يمنية بالقرب من تواجدها العسكري في خليج عدن. ويرى الخبير العسكري أن إيران تهدف لإحياء تواجدها في جنوب اليمن، والذي كان قائما قبل الوحدة اليمنية حين كانت إيران حليف استراتيجي لدولة الحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم الجنوب حتى عام 1990، ويعد على سالم البيض أحد رموز دولة الجنوب سابقاً مفتاح إيران لإعادة دورها في هذه المنطقة وفق تأكيد الخبير العسكري. ويشير القيادي في الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب “الحراك الجنوبي” جعبل عمر الشعوي إلى ما أسماه محاولة إيران خلق كيان وتواجد لها في الجزيرة العربية يكون على مشارف الممرات المائية الإستراتيجية، ويعتقد الشعوي، في تصريحات ل”الشرق”، أن قوى الحراك الجنوبي مُطالَبة بمواجهة النفوذ الإيراني لأن قضية الجنوب قضية شعب يريد استعادة دولة متحررة من الوصاية وليست تابعة لأحد كما تريد طهران حسب قوله، ويرفض الشعوي القبول بدور إيراني في المنطقة لأن تواجده، وفق رأيه، سيعمل على خلق بؤرة صراع إقليمي متوتر ليس في مصلحة شعب الجنوب ودولته القادمة. من جهته يؤكد المحلل السياسي ورئيس تحرير أسبوعية الأهالي الأهلية علي الجرادي أن إيران نجحت في خلق مساحة تواجد لها تمتد من نجران بمحاذاة شيعة السعودية إلى ميناء ميدي على حجة، وهي اليوم تحاول أن تكون موجودة في خليج عدن وهو ممر مهم جداً حيث إن 40 % من صادرات الصين تمر فيه، ويتابع الجرادي قائلاً: “باب المندب يعتبر وفق تصنيف وكالة الطاقة الأمريكية سابع أهم ممرات العالم، وإيران تحاول أن تتواجد في هذا المكان لترسل إلى العالم بأنها قادرة على الإيذاء وبالذات أمريكا والسعودية”، مشيرا إلى وصول إيران إلى أريتريا في ميناء عصب. ويرى الجرادي أن دعم إيران للحوثيين لم يصب في مصلحة الأخير ليبدو وكأنه يتحرك وفق أجندة غير وطنية وبالتناقض مع مصلحته التي اكتسبها منذ بدء ثورة شباب اليمن، واصفا الأجندة الإيرانية في هذه اللحظة بأنها لا تراعي حلفاءها وأذرعها الموجودة في أكثر من مكان. من جهته يقول محافظ تعز حمود خالد الصوفي: “تعز تطل على باب المندب وتقع في أهم مكان في الجغرافيا الأقليمية، ونحن الآن في الوطن كله وفي تعز بالذات محاصرون بالأساطيل وبالفوضى في الصومال وبالتواجد الإيراني والإسرائيلي في المنطقة”. ويتوقع الصوفي، في تصريحات صحفيه نشرت مؤخرا، أن تلوح في الأفق بوادر أزمة سياسية دولية قد تؤدي إلى مواجهات عسكرية تنتهي بغلق مضيق هرمز، معتبرا أن مايجري اليوم في سوريا قد يفتح شهية بعض الدول التي ربما تخسر الموقف هناك لتغيير مواقعها والبحث عن مكان آخر في اليمن. فيما يكشف مصدر في وزارة العدل اليمنية ل”الشرق” عن قيام الحوثيين خلال السنوات الأخيرة، وبإيعاز من طهران ورؤوس أموال إيرانية، بشراء مساحات كبيرة من الأراضي المجاورة لميناء ميدي على الحدود مع السعودية والواقع في إطار محافظة حجة. وفي السياق ذاته يرجع مسؤول حكومي في محافظة حجة، في تصريح ل”الشرق” التحرك الحوثي في المحافظة إلى رغبة الحوثيين في السيطرة على مناطق مشرفة على ميناء ميدي والتحكم في الطرق الرابطة بين أهم مديريات المحافظة لتحقيق أهداف تقف خلفها إيران، ويضيف: “المستهدف من نشاط إيران ليس اليمن بل الخليج وتحديدا السعودية، ولكن اليمن والحراك والحوثيين هي أدوات فقط تستخدمها طهران لتنفيذ أجندتها ولا نستبعد أن تتعامل حتى مع القاعدة للإضرار بالسعودية”. جانب من تظاهرات عناصر القوات الجوية في اليمن (إ ب أ)