انباؤكم - د . سعد بن عبد القادر القويعي استطاعت إيران استغلال الفراغ الاستراتيجي الناشئ من سقوط فكرة القومية العربية , والتقدم كثيرا في طريق فرض نفوذها , وهيمنتها , وتعزيز أوراقها في المنطقة العربية . كل ذلك من أجل تصدير الأفكار العقدية الإيرانية , وتهيئة العالم بظهور المهدي , - تارة - باستغلال القضية الفلسطينية في إطار الصراع الإقليمي , -وتارة - بالاستناد إلى الوجود الشيعي العربي في الدول العربية , واستغلاله لمآربه التوسعية ليكونوا رمحا طاغيا في قلب بلاد الإسلام . كما استطاعت إيران تنفيذ خطة اختراق لعدة دول عربية إسلامية , لتصدير الثورة الإيرانية عن طريق سفارات إيرانية تعمل على مدار الساعة , جرى تفعيلها مؤخرا بسلسلة تعيينات وتنقلات . وهو ما أكدته التقارير , من أن معظم الدبلوماسيين الجدد في تلك الدول العربية , هم من ضباط الحرس الثوري , وضباط الاستخبارات التابعيين للمرشد الإيراني الأعلى , بمن فيهم المشرفون على الملحقيات الثقافية التي تميزت بنشاط مكثف , لا يتوافق مع الظروف الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة ,من أجل تعزيز طموحات إيران الإقليمية , وتوسيع رقعة نفوذها , ودائرة هيمنتها . من المؤسف , أن الاختراق الإيراني إلى اليمن الجنوبي جاء عبر دولة أريتريا . حيث تشير التقارير ,إلى أن إيران تمكنت بسرية تامة من بناء قاعدة بحرية عسكرية على البحر الأحمر، وأنها نجحت خلال الأشهر الأخيرة في تحويل ميناء عصب الإريتري إلى قاعدة إيرانية . وأن الفرع الإفريقي في قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني , قد تولى هذه المهمة بالتعاون مع بحرية الحرس الثوري . حيث قامت السفن الإيرانية في البداية بنقل المعدات العسكرية , والأسلحة الإيرانية إلى ميناء عصب بمشاركة ثلاث غواصات إيرانية . كما أرسلت طهران المئات من عناصر فيلق القدس , وضباط البحرية , والخبراء العسكريين في الحرس الثوري إلى إريتريا . وقامت بنصب عشرات بطاريات الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى , والصواريخ المضادة للطائرات والسفن في ميناء عصب . وكل ذلك جرى بتعاون وثيق مع السلطات الإريترية , وتحت غطاء اتفاقية تعاون رسمية عقدت بين الطرفين إثر محادثات رفيعة المستوى , أجراها الرئيس الإريتري " أسياسي أفورقي " مع " أحمدى نجاد " أثناء زيارته لإيران في مايو 2008، وهي الزيارة التي أسفرت عن توقيع مذكرات تفاهم للتعاون الثنائي بين الجانبين في المجال الزراعي , والاقتصادي , والاستثمار المتبادل . الأمر الذي فتح الطريق أمام إيران نحو إريتريا والقرن الإفريقي ، لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية إيرانية قبالة باب المندب وخليج عدن , كأحد أهم المواقع الأستراتيجية في منطقة جنوب شبه الجزيرة العربية ، يمكن أن تنطلق منها المطامع الفارسية شمالاً باتجاه الخليج . لكن أخطر التقارير التي تشير إلى تزايد التهديد الإيراني لخليج عدن وباب المندب , هي التي ربطت أخيرا بين القاعدة البحرية الإيرانية في ميناء عصب , وبين خطة سرية أعدتها طهران لاختراق الجهة المقابلة ، أي اليمن . وأن الأسابيع الأخيرة شهدت تحركات إيرانية مشبوهة في جنوب اليمن ، مشيرة إلى أن المخابرات الإيرانية التي كانت نشاطاتها في دعم الحوثيين في – منطقة - صعدة في الشمال , تثير اهتمام الأجهزة الإستخبارية الدولية باتت حاليا موضع رصد ومراقبة , بسبب ما يعتبر محاولات اختراق بجنوب اليمن . وأن الحرس الثوري الإيراني قام أخيرا بإعادة تحريك خلايا أصولية متطرفة يمنية معروفة بارتباطها بإيران , ودعمها للاستقرار في جنوب اليمن . ويكشف أن فيلق القدس قام بنقل عناصر يمنية من القاعدة من أفغانستان , وتسهيل تسللها مجددا إلى جنوب اليمن ، وقد فر هؤلاء عبر إيران وبحماية قوات القدس . ويبدو أن المساهمة الإيرانية في نقل متطرفين من أفغانستان إلى جنوب اليمن ، إضافة إلى إحياء خلايا نائمة في منطقة عدن لحساب إيران , قد قادت إلى تعزيز مخاوف الجهات الإستخبارية الدولية المراقبة للنشاطات الإيرانية في إريتريا من وجود مخطط إيراني , يستهدف خليج عدن وباب المندب , وفتح جبهة جديدة في القرن الإفريقي وعند أطراف الخليج . وفي معلومات تداولت أخيرا , أن التمدد الإيراني في اتجاه إريتريا وجنوب اليمن , مع ما يعنيه من تهديد بفتح جبهة هناك , وتوسيع الطموحات الإيرانية , مازال يثير العديد من التساؤلات , ومازال محط رصد واهتمام كبيرين من قبل واشنطن والعديد من الدول العربية . هناك مؤشرات بمكن التأكيد عليها , والجزم بعد قراءتها , وهو أن : جماعة الحوثيين ليست إلا أداة إيرانية , مهدده لمستقبل اليمن ووحدته ومصالحه . ولا أدل على ذلك , من أن الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون خلال الاقتتال الدائر , تعود صناعتها إلى إيران وإسرائيل . بل إن القنوات الفضائية الإيرانية تعكس حقيقة التدخل الإيراني , ودعم التمرد الحوثي سياسيا , ومساندتهم ماديا ومعنويا , باعتبارهم أخوة في المذهب الجعفري -الإثني عشري - , لعزل اليمن عن الخليج , وتهديد السعودية في العمق , ومحاصرة المصالح المصرية في البحر الأحمر . ولا يغيب عن البال , أن إيران تتخذ من المعارضة السياسية اليمنية في الخارج مطية لها , لزيادة نفوذها في اليمن . أخيرا .. فإن المواجهة الدبلوماسية باتت حتمية , من أجل مخاطبة المد الإيراني , وخطورته على الأمن القومي العربي بمختلف أشكاله وامتداداته . إذا لا يجوز الصمت نحو تلك الممارسات الإيرانية القبيحة , والتي تحركها مصالح ضيقة تستهدف النيل من أمن اليمن , وزعزعت استقراره . وهو ما يخشاه العقلاء , من أن تلحق اليمن بالمحور الإيراني في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها اليمن . [email protected]