ترجم مجموعة من شباب جازان أفكارهم الاستثمارية والتجارية إلى151 مشروعاً تمارس أنشطتها في مختلف المحافظات، وذلك رغم ما عانوه من صعوبات اقتصادية. وانطلق الشاب محمد عبيري من إحدى البسطات المتواضعة لبيع منتجات غذائية متنوعة كان يحصل عليها عن طريق الاستدانة من بعض المحلات المتخصّصة في ذلك المجال لبيعها بالتجزئة في مناطق الحركة السكانية بمدينة جيزان، وطوّر نشاطه من خلال الجد والمثابرة إلى محل تجاري لبيع البطاطا المشوية على الطريقة الجازانية ما جذب لمحله عديدا من الزبائن. ويقول عبيري إنه في مراحل بداياته واجه صعوبات كثيرة تمثلت في الحصول على المبلغ المالي لسداد دين البضاعة التي كان يشتريها بالجملة لبيعها بالتجزئة في الأسواق والأماكن العامة بجيزان، مبينا أنه تمكن في غضون سنوات قليلة من جمع مال وفير، مكنه من استئجار محلّ تجاري لبيع وجبة «البطاطا المشويّة» التي ابتكر فيها طريقة جديدة لطهوها بالطريقة الجازانية، فتحول الحلم إلى منتج متميز جذب كثيرا من الزبائن إليه، مما استدعى الأمر افتتاح فرع آخر للمحل لمواصلة هذا النجاح الاستثماري. وقدم الشاب عبيري وصفة لنظرائه الشباب من أجل تحقيق النجاح في العمل الاستثماري، أرجعها في البداية إلى التوكل على الله عزوجل، ثم الإيمان الكامل بقدرة الإنسان في إدارة ذاته ومجابهة صعوبات الحياة المالية، والاجتماعية التي تستعيب على أبنائها الوقوف خلف طاولات البيع المتنقلة، مع التحلي بالصبر، والتخطيط الجيد، ومتابعة سير العمل، معبرًا عن اعتزازه بنفسه اليوم وهو يقف وسط محله الذي يعجّ بالزبائن ويدر عليه دخلاً ملائمًا من المال لم يكن يتوقعه. ولم تكن تلك التجربة هي الوحيدة من نوعها في عالم استثمار شباب جازان، فقد برز الشاب هيثم بكري الذي يقف في مطعمه الشهير لبيع الدجاج المقلي المعروف ب» البروست» في أحد شوارع جيزان الرئيسة، ليدوّن طلبات زبائنه في الوقت الذي تواصل العمالة فيه تجهيز الوجبات في حركة دؤوبة، يصفها بكري بأنها حركة النجاح لأفكار رفضت أن تبقى حبيسة العقول. وأفاد بكري أن مطعمه الذي يمتلكه ويديره بنفسه لم يكن يومًا سوى فكرة كانت تعصف بالذهن، لكن التوكل على الله، ثم الطموح، والسعي الجاد، والتخطيط الأمثل، انتزع تلك الفكرة من العقل لتصبح اليوم واقعًا يشقّ طريق التجارة نحو مستقبل تجاري متطوّر. وفي إحدى ورش صيانة السيارات بصناعية جازان، يدنو الشاب إياد خليل حسن من إحدى السيارات الفارهة لصيانتها من عطب تعرضت له، إذ يخوض تجربة عملية كانت حصيلة خبرة امتدت سبع سنوات بعد تخرجه من قسم ميكانيكا السيارات بالكلية التقنية بجازان، حيث تمكن من دمج تعليمه بالإرادة من أجل الدخول لعالم ميكانيكا السيارات، ليتحقق حلمه في تملك ورشة يديرها ويشرف على أعمالها بنفسه. وأرجع إياد الفضل في تحقيق حلمه بعد الله سبحانه وتعالى إلى معهد ريادة الأعمال الوطني في جازان، الذي التحق بدوراته التدريبية لتأهيله في مجال تخصصه بعد التخرج، مبينًا أنه بعد أن اجتاز اشتراطات المعهد بدأ الحلم يتحقق، حتى نال التمويل الملائم الذي مكّنه من افتتاح ورشة صيانة السيارات. أما الشاب محمد الأمير، فقد دخل عالم الأعمال، حينما وجد ضالته في معهد ريادة الأعمال بجازان، الذي قدّم له حلاً مثاليًا لتمويل مشروعه في مجال الدعاية والإعلان، ليمارس عمله متخصّصا في تصميم اللوحات الإعلانية، والبطاقات الفاخرة، والهدايا الرمزية. واستطاع الأمير بما امتلكه من علم وموهبة، وبما أتيح له من تمويل مادي، أن يحول بضعة أمتار كانت انطلاقة حلمه إلى محل متكامل يمارس من خلاله أعمال الدعاية والإعلان في سوق يوصف بالسوق الرائج والمثمر في ظل ما تشهده منطقة جازان من مهرجانات وفعاليات على مدار العام. وأتاح افتتاح فرع معهد ريادة الأعمال الوطني بمنطقة جازان وشريكه الاستراتيجي البنك السعودي للتسليف والادخار فرصة التميّز لشباب جازان من خلال دعم أفكار مشاريعهم القابلة للتطبيق على أرض الواقع والمثمرة في الوقت ذاته، وتمويلها بالتعاون مع البنك. ووفقاً لمدير فرع ريادة بالمنطقة سعود بن بجاد البقمي، فإن المعهد أسهم خلال الخمس السنوات الماضية من افتتاحه في التمويل الفعلي ل «151» مشروعا لشباب جازان تمارس حالياً نشاطاتها التجارية في مختلف المحافظات بقيمة بلغت 33,593,065 ريالاً.