شدد رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية الدكتور راشد أبانمي على أهمية مواجهة المخاوف التي تحيط بالاقتصاد السعودي، بسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وقال إن السعودية اعتمدت على النفط كمصدر أساسي للدخل منذ عقود مضت، ما جعل اقتصادها «اقتصادا ريعيا» لا أمان له على المدى البعيد. وقال أبانمي ل «الشرق»: «السعودية استسهلت الاعتماد على النفط طيلة العقود الماضية،دون سواه رغم أن الخطة الخمسية للبلاد منذ عام 1971، شددت على أهمية تنويع مصادر الدخل، ولكن هذا لم يتحقق حتى هذه اللحظة وفق التصور والمأمول، مما ينذر بالخطر، كما حدث مع إسبانيا التي اعتمدت في مصدر دخلها على الذهب، فانهار اقتصادها، بينما دولة مثل إنجلترا، اعتمدت على عدة مصادر، ونراها اليوم تنمو وتزدهر اقتصادياً». وقلل أبانمي من تأثير ظهور كميات تجارية من النفط الصخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، على مستقبل صادرات المملكة من النفط الأحفوري، مؤكداً أن «النفط الصخري سيكون عاملاً مساعداً للنفط الأحفوري، وليس مهدداً له». وقال: «الكلفة العالية لاستخراج النفط الصخري حالياً تتراوح بين 75 و85 دولاراً للبرميل، وهو ما يتطلب أن يكون سعر بيعه في الأسواق أعلى من 85 دولاراً، وهذا الأمر يصب في صالح نفط الخليج الأحفوري، ويساعد على ثبات الحد الأدنى للسعر عند 85 دولاراً على أقل تقدير، لا يهبط دونه». وقال أبانمي إن «السعودية ستعلن عن ميزانية ضخمة في نهاية هذا العام، لن تتأثر بأي مؤثرات سياسية أو اقتصادية». وقال: «السعودية تقيم ميزانيتها على سعر 75 دولاراً للبرميل، وبمعدل تصدير 8 ملايين برميل يومياً، وطيلة العام الحالي، كان السعر والكميات المصدرة للخارج، فوق ما افترضته السعودية، ما يشير إلى ميزانية ضخمة كالمعتاد، بعيداً عن أي مؤثرات اقتصادية أو سياسية». وتابع «الدخل الذي تحققه السعودية فوق ما افترضته في سعر البرميل، أو الكميات المصدرة للخارج، يدخل في خزانة المملكة، ضمن الاحتياطات المالية، التي تتجاوز حالياً 500 مليار دولار، في صورة سندات حكومية، وهذا الاحتياطي من الممكن أن يعزز ميزانيات المملكة لعشر سنوات مقبلة، في حال كانت الظروف السياسية في المنطقة هادئة، أما في حال استمرار الاضطرابات السياسية الحالية، وبدء الحرب ضد الإرهاب، الذي تقودها الولاياتالمتحدةالأمريكية، فهذا يهدد الاحتياطات المالية بالتآكل والتناقص». وعاد أبانمي ليؤكد خطورة الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، وقال: «هناك حقيقة تدركها المملكة، وهي أن النفط مادة معرضة للنضوب «الاقتصادي» أو «الجيولوجي»، وأعني بالاقتصادي أن يكون سعر استخراج برميل النفط أكثر من سعر بيعه في الأسواق، والنضوب الجيولوجي أن ينضب النفط في باطن الأرض، والشأن الأخير محل احتمال كبير وتعززه الدراسات العلمية، ومن هنا يجب أن تلتفت السعودية لهذا الأمر، وتعمل على تنويع مصادر الدخل اليوم، قبل حدوث أي مفاجآت غير سارة في الغد».