كشفت تصريحات وزير النفط الإماراتي محمد الهاملي بشأن ثورة الطاقة الصخرية الأمريكية ، ومطالبته لأوبك ينبغي أن تحمي نفسها وأن تجعل نفطها أكثر جاذبية للمستهلكين ،عن قلق متزايد بشأن النفط الصخري بين المسؤولين ورجال الأعمال في الخليج قد يفضي في النهاية إلى تغيير في الاستراتيجية الاقتصادية للمنطقة. وجاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر عقدته أوبك في فيينا في ديسمبر الماضي. ويشير صعود النفط الصخري – الذي قد يدفع أسعار النفط للهبوط على المدى البعيد ويبطئ نمو الطلب على الإمدادات الخليجية – إلى أن المنطقة مقبلة على يوم لن تعود فيه قادرة على مواصلة تلك الاستراتيجية. ومن ثم ستواجه الحكومات ضغطاً متزايداً لتوفير فرص عمل في قطاعات أخرى وتحفيز القطاعات غير النفطية في اقتصاداتها. ومن المرجح أن تتسارع جهود توجيه المواطنين إلى القطاع الخاص وتطوير صناعات جديدة لاستيعابهم. وقد يتعزز التعاون بين دول الخليج في مجالات شتى من الأسواق المالية إلى بناء سكة حديدية إقليمية. وقال كبير خبراء الاستثمار لدى قسم إدارة الثروات في بنك الإماراتدبي الوطني مارك ماكفارلاند، إنه خلال زيارة للسعودية للقاء عملائه الشهر الماضي وجد أن تهديد النفط والغاز الصخريين يدفع إلى «إعادة التفكير» بشأن السياسة الاقتصادية.وأضاف أنه يوجد لدى المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال في أنحاء الخليج «قلق على مستوى الأفراد .. كيف سنجد بديلاً لمصدر دخلنا الرئيس؟». وزاد القلق خلال الأشهر القليلة الماضية بشأن الثورة الصخرية وهي مصطلح جامع لاستخراج النفط والغاز بتقنيات جديدة من مكامن غير تقليدية في الولاياتالمتحدة وفي أنحاء العالم. وكانت وكالة الطاقة الدولية تنبأت بأن أمريكا ستتخطى السعودية وروسيا لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم بحلول 2017. وستزيد صادرات أمريكا الشمالية من النفط عن وارداتها بحلول 2030 تقريباً وستحقق أمريكا الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول 2035 . ورأى مسؤولون خليجيون أنه من السابق لأوانه بكثير افتراض أنهم سيخسرون مركزهم القوى في أسواق الطاقة العالمية، إذ تعتمد توقعات النفط والغاز الصخريين على افتراضات بشأن التكنولوجيا والاحتياطيات والربحية ستتطلب سنوات أو عقوداً لحسمها. وإذا زادت بشدة الإمدادات غير التقليدية من النفط والغاز فستبقى لدى الخليج ميزة لمنافسة هذه الإمدادات من حيث التكلفة، فالتكلفة التقديرية لإنتاج النفط من المكامن الصخرية الأمريكية تبلغ نحو 50-75 دولاراً للبرميل بينما تقل تكاليف الإنتاج في الخليج عادة عن 20 دولاراً. غير أن إمكانية استخدام هذه الميزة لدرء تهديد النفط الصخري تتقلص، فبسبب الزيادة الكبيرة في الإنفاق السعودي يعتقد محللون أن الحكومة تحتاج سعراً يبلغ 65-85 دولاراً للبرميل لتحقيق التعادل في الميزانية بزيادة نحو 20 دولاراً عن السنوات الماضية. لذلك فإن انخفاضاً حاداً في السعر قد يضر الموارد المالية حتى لو حافظت على حصتها السوقية. من جهتها ، قالت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) في نوفمبر، إنها تدرس الاستثمار في ثورة الغاز الصخري الأمريكي. وأضاف الرئيس التنفيذي للشركة محمد الماضي ، أن سابك ينبغي أن تشارك في أنشطة الغاز الصخري وينبغي أن تشارك في مصادر أخرى يمكن أن تكون تنافسية أيضاً. من جهته ، رجح كبير الخبراء الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس في لندن نيل شيرينج، أن يكون تأثير النفط الصخري هو أن تدخر بلدان الخليج مبالغ أقل لا أن تنفق أقل … ونحن على الأرجح نتحدث عن عملية ستحدث على مدى عقود وليس سنوات.» لكن على أقل تقدير لم يعد بإمكان دول الخليج في ظل النفط الصخري أن تفترض أن النمو الاقتصادي العالمي سيظل يعزز إيراداتها. وتتخذ الحكومات الخليجية خطوات لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط، وبدأت السعودية تحرير قطاع الطيران بالسماح لشركات جديدة بالعمل وأعلنت سلطنة عمان عن مشروعات صناعية جديدة منها مصنع للصلب باستثمارات 400 مليون دولار وأنشأت صندوقاً حكومياً لدعم المشروعات الصغيرة.