«هيئة وطنية للترفيه».. واستثمارات كبيرة.. وإسهام حكوميّ.. كلُّ ذلك تبلورت أفكاره في جلسة حوارية ضمن فعاليات ملتقى السفر والاستثمار السياحي الذي استضافته العاصمة الرياض. الجلسة الحوارية حملت عنوان «الترفيه والسياحة»، وشارك فيها نخبة من المختصين والمسؤولين والمشتغلين بالشأن السياحي، وقدّمت طروحاتها المتعددة رؤية واسعة حول آفاق السياحة والترفيه، تحت مظلة «هيئة وطنية» تتعاضد سياساتها وآلياتها لتحقيق الهدف الاستراتيجي المستقبلي. خبراء ومسؤولون محليون ودوليون، أكدوا أن «الترفيه» مجال مهم لتطوير وتنمية صناعة السياحة السعودية، لاسيما أنه يساعد في جذب السياح والزوار وإطالة مدة إقامتهم، مطالبين بمساهمة الدولة مع القطاع الخاص للنهوض بصناعة الترفيه التي تحتاج استثمارات كبيرة، وأيضاً تشكيل هيئة وطنية للترفيه في المملكة. رئيس الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية الأمير سلطان بن بندر الفيصل وصف رياضة السيارات بأنها تحتاج إلى دعم حتى تكون أكثر شهرة وعنصراً للجذب السياحي والترفيه، مبيناً أن الاتحاد واجه مشكلة الحصول على التراخيص اللازمة في صناعة ونشر الفعاليات المرتبطة بمختلف سباقات السيارات والدراجات رغم أهميتها سياحياً واقتصادياً واجتماعياً. في حين قال نائب الرئيس المساعد للتراخيص في الهيئة العامة للسياحة والآثار المهندس أحمد العيسى، إن الأرقام المعلنة في مجال السياحة والترفيه ليست كلها حقيقية، وأغلبها نوع من التسويق، فيما تصدر الهيئة أرقامها وإحصاءاتها من خلال مركز متخصص في الهيئة، حيث إن الهيئة لديها مسؤولية وطنية في وضع رؤية واضحة ومعايير محددة للترفيه، فالسائح السعودي لن يقبل بترفيه متواضع المستوى، وبالطبع دور الجهات الحكومية فاعل في قطاع الترفيه، ومن الضروري التعاون بين القطاعين العام والخاص لحل المعوقات وتنمية صناعة الترفيه. وفيما يخص تجربة الترفيه المحلية في المملكة، قال ماجد الحكير نائب رئيس مجلس الإدارة في مجموعة الحكير للسياحة والترفيه: واجهنا عديداً من الصعوبات خلال عملنا في مجال الترفيه، ومنها أن صناعة السياحة بوجه عام تعاني من الموسمية في المملكة، فتنحصر في الأعياد وإجازات المدارس ونهاية الأسبوع، ولكن ما يشجعنا أن 60% من السعوديين من فئة الشباب، حيث حرصنا على تنويع وجودنا بالاستثمار في عديد من مجالات السياحة. وطالب الحكير بمساهمة الدولة في صناعة الترفيه، والشراكة مع القطاع الخاص سواء بتسهيل تخصيص الأراضي أو التراخيص وغيرها، مبيناً أن الترفيه ليس مقصوراً فقط على مدن الملاهي والألعاب، بل إنه يضم عديداً من المكونات ومنها الفعاليات والمهرجانات ورياضة السيارات، وكذا مهرجان الجنادرية الذي أسهم في دخول العوائل للمهرجانات وبالتالي تنشيط صناعة الترفيه، لافتاً إلى أهمية فتح مدن الترفيه أمام العوائل لمزيد من الجذب. شدد الخبير الدولي في صناعة الترفيه مارتن هان على ضرورة أن تكون التجارب السياحية ملهمة، بحيث تُشعر السائح أنه خاض تجربة ذات معنى ومفيدة بالنسبة له ثقافياً وتضيف إليه اجتماعياً وتشعره أنه استمتع بها وتترك في ذاكرته آثاراً إيجابية، مضيفاً إن التفاعل بين صُنَّاع الترفيه والسياح من الأمور المهمة لتطوير الصناعة، وضرب مثالاً على ذلك بشركة مرسيدس التي تسعى لعمل متحف خاص بها في الصين لتكون تجربة غنية وملهمة لزواره. ودعا مدير برنامج تطوير الدرعية التاريخية في الهيئة العليا لتطوير الرياض المهندس عبدالملك الصالح، إلى الاهتمام بالفئات العمرية المشاركة في مجال الترفيه، مشيراً إلى أن دور القطاع الخاص كبير في مجال الترفيه، الذي لا يقتصر من وجهة نظره على الملاهي والمطاعم، وأبان أن الهيئة أسهمت في عديد من المشاريع السياحية والتراثية والثقافية والترفيهية ومنها مركز الملك عبدالعزيز التاريخي ومتنزه سلام ووادي حنيفة ومنطقة الدرعية التاريخية، لافتاً إلى توجُّه الهيئة إلى الترفيه الثقافي في المتاحف. أما الخبير الهندي في مجال صناعة التسلية والترفيه براكاش فيفيكاناند فتحدث عن الترفيه في العالم وما له من الأشكال التي لا تقتصر على الألعاب فقط. وأكد أن التنويع ضروري جداً لتنمية تلك الصناعة، ومحاولة تطويرها لتواكب العصر الحديث، وخاصة في مجال مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنه من المهم في الترفيه أن يكون هناك رؤية واضحة من البداية. وتابع براكاش: كثير من السياح السعوديين يذهبون إلى دبي، فيما من المفيد اقتصادياً إبقاؤهم ضمن منظومة السياحة الداخلية، لاسيما مع التنوع الجغرافي والثقافي في مناطق المملكة المختلفة، فالتجربة الممتعة هي الجاذب الرئيس للسياح حول العالم. ودبي تربح المليارات من الترفيه داخل المباني، فيما يمكن للسعودية تحقيق المليارات من الترفيه بمزيد من التنمية والتطوير. ومن جهته، طالب رئيس شركة التعليم بالترفيه «تميز» الدكتور سامي السقا باستغلال أوقات الركود في المواقع السياحية والتاريخية والتراثية والترفيهية ببرامج التعليم بالترفيه، من خلال تخصيصها لأطفال المدارس أو ما يسمى سياحة المدارس، لافتاً إلى أن أيام الدراسة تعد ركوداً للمدن الترفيهية ويمكن استغلالها في البرامج التعليمية السياحية. وقال مدير إدارة السلامة في المديرية العامة للدفاع المدني العميد عبدالله الشغيثري: دور المديرية إشرافي وتشريعي لمدن الترفيه للتأكد من تطبيق شروط السلامة، لضمان الجودة والسلامة، فيما أدخلنا على التراخيص لمدن الترفيه موافقات من جهات أخرى، ونسعى لاستصدار تأمين على المنشآت السياحية والترفيهية. أما الإسباني خوان كارلوس بيلوس الخبير والمستشار الدولي في بناء الاستراتيجيات والخطط التسويقية وإدارة الفعاليات، قال إن تجربة برشلونة السياحية ترتكز على استراتيجية واضحة ومحددة، مشدداً على أهمية أن يصاحب أي فعالية أو مهرجان جانب ترفيهي لجذب السياح، للجمع بين المتعة والسياحة، واعتبر أن الترفيه عامل مهم للجذب السياحي. بينما قال أحمد المقيرين رئيس مجلس إدارة شركة ميديا برو: المجتمع السعودي بحاجة إلى تفعيل السياحة الرياضية، وتنظيم عديد من الفعاليات في هذا الجانب، وربط الرياضة بالسياحة. ولفت المهندس إبراهيم الهويمل مساعد مدير عام الحدائق في أمانة الرياض إلى أن الأمانة تنظم عديداً من الفعاليات الثقافية والترفيهية التي حظيت بإقبال جماهيري، موضحاً أنها أقامت عديداً من ساحات العروض لإقامة كافة أنواع الفعاليات الترفيهية، فيما تسعى لإنشاء مراكز ترفيهية وحدائق ومتنزهات جديدة. وذكر المهندس سلمان البيز الرئيس التنفيذي لمركز غرناطة التجاري، أن الأسواق التجارية تسهم في جذب السياح بأعداد كبيرة، مطالباً بالدعم الحكومي لهذا المجال، وتوسيع نطاق سياحة التسوق وإدخالها مع الترفيه، وتوقع أن تحظى بقبول كبير من الجمهور، مع ربط التسوق بالترفيه. يشار إلى أن النقاش حول هذا الموضوع، دارت فصوله في جلسة حوارية، شهدت عدة مداخلات طالبت بتشكيل هيئة خاصة للترفيه تحت إدارة الهيئة العامة للسياحة والآثار باسم «الهيئة الوطنية للترفيه»، وتخفيض أسعار مراكز الترفيه بالأسواق، ومراجعة التشريعات والتراخيص في مجال الترفيه. وقد ترأس الجلسة المهندس أحمد العيسى وأدارها الكاتب الإعلامي عبدالعزيز السويد، وأقيمت ضمن فعاليات ملتقى السفر والاستثمار السياحي 2014، تحت عنوان «الترفيه والسياحة»، بمشاركة عدد من الخبراء والمختصين المحليين والدوليين.