وضع حسن الأمير وطاهر العليّ جمهورَ ملتقى إبداع في حالة من الشجنِ امتدّت قرابة الساعتين مساء أمس الأول. العليّ استعرض عشراتِ من المواويل والأبوذيات البحرية الشبعية، فيما أمّن الآخر خلفية موسيقية للإلقاء أدّاها عبر تقاسيم الناي، في أمسية الشعر التي نظّمها ملتقى إبداع الثقافي في محافظة القطيف. الأمسية حظيت بإنصات حميم من الجمهور منذ البداية، وتفاعل مع الشاعر في قفَلات المواويل التي ألقاها الأمير ببراعة وصوتٍ واثق. وأظهر الشاعر، في الأمسية، حرصه على التعاطي المحافظ مع الألوان الشعرية الشعبية المتوارثة في الساحل الخليجي، مستعيناً بإيقاعاتها العروضية المشهورة، ولغتها الكلاسيكية البسيطة. وفي فنّ الموّال برز حرصه على المزاوجة بين التقنيتين البلاغيتين «الجناس» و«التورية»، وهو الطابع الغالب في هذا اللون من الشعر الشعبي الذي انحسر الاهتمام به كثيراً. وفي الأمسية، تحدّث الأمير عن الفنّ الذي يُمارسه منذ أكثر من عقدين، وقال إن «المواويل كانت تمثل دخول البحارة إلى البحر، حيث كانت تعكس تفاءلهم». وبيَّن أن «الأبوذية قريبة جداً من الموال وهي عبارة عن أربعة أشطر آخرها جناس تام أو ناقص، وتختلف عن الموال بعدد الأشطر والتفعيلة والنغم، وكما أن الموال مرتبط بالبحر؛ الأبوذية مرتبطة بالتراث الشعبي في القرية»، على حدّ رأيه. ولم يكتفِ الأمير بنصوص المواويل والأبوذيات، بل قرأ شيئاً من شعره الآخر الذي أظهر فيه نوعاً من التجديد في اللغة الشعرية، وقدرته على رسم الصورة عبر اللغة بطريقة مختلفة كثيراً عن ذلك الالتزام الصارم بالجناس والتورية. واستمدّ من الريف والبحر مفردات لتلك الصور، وهو ما أنعش الجمهور بعد تسمّره طويلاً في الإصغاء إلى المواويل والأبوذيات المتشابهة في الإيقاع والتقنية. الأمسية قدّمها القاص فاضل عمران، واختُتمت بتوقيع مجموعة الأمير «حناجر العشق» الصادرة حديثاً، بلوحة غلاف للتشكيلي زمان جاسم.