انهار السور الأثري لمعلم عين الصدرية التاريخي الواقع غرب مدينة القطيف، وذلك بعد أن عانى من الإهمال، وبقي مطوقاً بشبك تابع للسياحة والآثار لأكثر من عقدين من الزمن، تحت أعين وأنظار الهيئة، وذلك ضمن سلسلة حوادث متتالية فقدت فيها محافظة القطيف خلال عامين ثلاثة مواقع أثرية لا تقدر بثمن. وكشفت جولة ميدانية قامت بها «الشرق»، لموقع العين، برفقة عضو الجمعية التاريخية السعودية الباحث علي الدرورة، عن انهيار ما تبقى من جدار العين الأثرية، بعد أن ظلت العين لسنوات ترمي بحجارتها الواحدة تلو الأخرى، وسط آذان صماء من قبل هيئة السياحة والآثار رغم المناشدات الملحة لإنقاذها وإعادة تأهيلها من جديد؛ لتكون معلماً أثرياً وسياحياً يحكي جزءاً من تاريخ وحضارة وثقافة المنطقة المتجذرة من عصور موغلة في القدم. وانتقد المؤرخ الدرورة بشدة، سياسة التسوير العشوائي التي تنتهجها هيئة السياحة، لافتاً إلى أن ذلك ليس علاجاً ناجعاً، في تهيئة المواقع الاثرية، متسائلاً ماذا قدمت هيئة السياحة لمحافظة القطيف على مدى عقود غير الوعود التي لم نر منها شيئاً، وتزامن مع إطلاقها تعرض عشرات المواقع الأثرية في القطيف للتخريب والتجريف والاندثار؟! وعبّر رئيس المجلس البلدي السابق في القطيف المهندس عباس الشماسي عن استيائه، من الإهمال الذي تتعرض له آثار محافظة القطيف، الذي تسبب في اندثار ما تبقى من المعالم الواحد تلو الآخر، مطالباً بالتحرك السريع لإعادة تأهيل وتفعيل قرارات المجلس البلدي الداعية للحفاظ على المواقع الأثرية وتطويرها، وأن تقوم هيئة السياحة والآثار بأعمال الترميمات اللازمة لها بالتنسيق مع الجهات المعنية. يشار إلى أن محافظة القطيف فقدت خلال العامين الماضيين معلمين أثريين بارزين، وهما معلم عين الشنية ومعلم عين الكعيبة؛ حيث تم تجريفهما بواسطة جرافات، بسبب التمدد العمراني، ونتيجة الإهمال من قبل السياحة والآثار. ويعتبر معلم عين الشنية آخر دليل مادي لفرع شن بن أقصى، من قبيلة عبد قيس التي استوطنت الشطر الشرقيّ من الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده، وسميت بذلك نسبة لقرية «الشنية» المندثرة التي ينسب إليها الشاعر الإسلامي المعروف التابعي بشر بن منقذ والمشهور بالأعور الشني – توفي سنة 50ه، 670م. فيما يعتبر معلم الكعيبة الأثري الذي أزالته جرافة تابعة لبلدية القطيف آخر آثار القرامطة في محافظة القطيف، وهو أشهر معلم تاريخي في القطيف، يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، ووعدت حينها السياحة والآثار بإعادة تأهيل الموقع، إلا أن شيئاً لم يتحقق حتى الآن. من جانبه أوضح مدير فرع جهاز السياحة والآثار في المنطقة الشرقية عبداللطيف البنيان، أن المنطقة الشرقية يوجد بها نحو 400 موقع أثري، وأن الهيئة تسلمت الآثار قبل نحو ست سنوات، ولا يمكن العمل في جميع هذه المواقع خلال هذه الفترة الوجيزة. وأكد أنه سيكلف مكتب الآثار لمتابعة الموضوع، لافتاً إلى أن هذه العين مدرجة ضمن المشاريع المستقبلية لأهميتها. وفيما يخص ما تعرضت له عين الكعيبة الأثرية قال: «مازالت تحت المتابعة ونحن مستبشرون بوجود اتفاق بين جميع الأطراف لتعود العين من جديد».