اقتفى أحد البنوك العاملة في المملكة أخيراً أثر الأفراد في عملية تسديد قروض عملاء المصارف، واستخراج قروض جديدة، بفوائد متدنية، في تطور يعكس التنافس الذي يجري حالياً بين البنوك في عمليات التمويل. وعمد البنك خلال الفترة الأخيرة إلى الاستعانة بمندوبي التسويق للترويج للعرض الجديد الذي يقدمه، وتوزيع "بروشورات" خاصة بذلك، بهدف جذب أكبر قدر من العملاء. ويشترط البنك على المتقدم تقديم صورة من بطاقة الأحوال، تعريف بالراتب، على أن يجري البنك عملية بحث عن العميل من خلال تلك الوثائق، ومن ثم فتح حساب للعميل، وتوقيع تعهد بتحويل المرتب الشهري على نفس البنك بعد سداد المديونية، وإحضار ورقة مخالصة تفيد إنهاء التزامات العميل المادية لدى البنك المستحق. وأشار البنك من خلال العرض الذي قدمه إلى أن هامش الربح على القرض يبدأ من 3.35 في المائة، القرض ل 17 راتبا، تمويل يتجاوز المليون ريال، تسديد التمويل على أقساط شهرية تصل إلى 60 شهراً(خمسة أعوام)، مع إمكانية إعادة التمويل بعد سداد تسعة أقساط من التمويل القائم، وإمكانية تأجيل الأقساط الشهرية، مبيناً أن جميع تلك العمليات مجازة شرعاً عن طريق شراء المعادن. ويأتي هذا العرض من قبل أحد البنوك عقب انتشاره في الأساس من قبل الأفراد الذين عمدوا خلال الأعوام السابقة إلى توزيع ملصقات على مكائن الصرافات الآلية تشير إلى عروض خاصة بتسديد القروض الشخصية للأفراد، واستخراج قرض جديد. وأخذت ظاهرة تسديد القروض من قبل الأفراد في التزايد خلال الفترة الأخيرة بشكل كبير، حيث انتشرت بشكل لافت الملصقات على المحال التجارية، ومكائن الصرف الآلي، وتضمين تلك العروض بعبارة "مجازة شرعا"، في الوقت الذي يشكك فيه مختصون في سلامة تلك الطرق وخلوها من عمليات النصب والاحتيال، مشيرين إلى أن ذلك "يأتي استغلالاً لحاجة المجتمع للتمويل وتطويقه بتمويل آخر وربما بفوائد أكبر". من جانبه، توقع الدكتور عبد الرحمن السلطان الكاتب الاقتصادي، أن يكون العرض الذي قدمه البنك من خلال تسديد قروض الأفراد واستخراج قرض جديد، جاء عقب الركود الذي طرأ على مستويات القروض في المملكة، إلى جانب تسابق البنوك على "خطف العملاء" من البنوك الأخرى منة خلال تحويل الراتب، والتوسع في تمويل الأفراد. وأشار السلطان إلى أن البنوك تحاول تقليد الأفراد من خلال تلك العملية، واستقطاب العملاء من خلال تخفيض نسبة الفائدة على القرض، مرجحاً أن يكون لمثل تلك العروض أثر إيجابي على المقترضين، عقب زيادة منافسة البنوك على سحب العملاء وتخفيض الفوائد. ولفت الكاتب الاقتصادي إلى أن البنوك في الوقت الحالي غير قادرة على التوسع إلا من خلال سحب العملاء من البنوك المنافسة الأخرى وتقديم العروض المغرية، مطالباً في الوقت ذاته بضرورة تخفيض نسبة الفائدة على القروض للتسهيل على العملاء. وحسب آخر الإحصائيات الرسمية، فقد بلغ إجمالي قيمة القروض المتعثر في سدادها العملاء في المملكة بنهاية عام 2007 نحو سبعة مليارات ريال، تمثل ما اقترضه الأفراد من المؤسسات المالية ولم يستطيعوا سدادها في الوقت المحدد، فيما بلغ إجمالي القروض الممنوحة عام 2007 نحو 197 مليار ريال. وبلغت نسبة التعثر في سداد القروض في نفس الفترة نحو 3.6 في المائة، وهي بذلك تكون قد ارتفعت لتصل إلى نحو 28 في المائة مقارنة بالعام الذي سبقه والذي وصل فيه إجمالي قيمة القروض المتعثرة نحو خمسة مليارات ريال، بواقع أقل من 3 في المائة. ويأتي التعثر في سداد القروض كزيادة طردية مع نسبة النمو في الائتمان، في الوقت الذي بدأ فيه الائتمان بالزيادة بشكل مباشر مع بداية طفرة أسعار النفط عام 2000، حيث لم يتجاوز حجم الائتمان الشخصي عشرة مليارات ريال، وبعد النمو الاقتصادي الكبير في المملكة، الذي تزامن مع نمو سوق الأسهم والاكتتابات زاد على إثره النمو الائتماني بشكل كبير، ووصل إلى أعلى مستوى له عام 2005، حيث بلغ 170 مليار ريال، بواقع 70 في المائة سنوياً مقارنة بالأعوام التي سبقته. وبعد عام 2005 بدأ نوع من الركود بسبب وجود تشريعات جديدة قلصت من نسبة ضخ القروض تماشيا مع السياسة النقدية للمملكة. وتشكل القروض الاستهلاكية ما يزيد على 90 في المائة من إجمالي القروض الشخصية، في الوقت الذي تمثل شريحة الأعمار المتوسطة أكبر المقترضين الذين تبدأ أعمارهم من 20 حتى 40 عاماً، وهي الرئيسة في المملكة لكونهم لا يزالون على رأس العمل ويحتاجون إلى التمويل.