تعددت الأسباب والعواقب واحدة، هموم وهواجس، إنها هواجس الأقساط والقروض الاستهلاكية من البنوك وشركات المقاولات والسيارات وحتى الأجهزة المنزلية، ليس هذا فقط، بل تعدى الأمر وشمل مجالات أخرى لم تكن واردة قبل عدة سنوات، منها قروض السفر والإجازة، وكذلك قروض الزواج واحتياجات حياتية أخرى لا تحصى ولا تعد. وبنظرة بسيطة لواقع الحال، فإن عمليات الشراء بالتقسيط تلك نتج عنها ضحايا هم في الأساس من ذوي الدخل المحدود أو المبنية على خلفية اقتصادية وتعليمية ضعيفة أو مبذرة في طبيعتها، تندفع في مجاراة الآخرين في مظاهر الحياة الكاذبة التي تورث الكثير من الخطايا للأسرة وأفرادها، وهذه الفئة وجدت نفسها فجأة داخل جب محاصرين بقروض عجزوا عن سدادها وتتراكم بشكل مضطرد عاما بعد عام، ومن يقع في هذه الدوامة يتعرض للمساءلة القانونية، وهناك حالات كثيرة لأشخاص زج بهم وراء القضبان في قضايا ديون في مبالغ صغيرة لا تستحق هذا العناء. وفي عصر «الإنترنت» والتقنية الحديثة، المليء بالإغراءات التي تواكب شغف الناس بكل ما هو جديد، دون النظر للعواقب، وجدت البنوك والمؤسسات نفسها تقدم التسهيلات التي يسيل لها العاب وتطفئ حاجة هذا الشغف، وتجني من ورائها أرباح طائلة بغض النظر عن العواقب المحتملة، وآثارها السلبية على الدائن والمدين، وهنا تقع المسؤولية على الطرفين، المانح سواء كان بنك أو مؤسسة الذي تغريه الأرباح المتوقعة أو الممنوح الذي انجرف وراء لمغريات الأقساط وبريقها التي تنتهي بدوامة ومتاهة مستدامة ليس على المدين وحده، بل يشمل آثارها أسرته بعد اختفاء العائل وراء القضبان، حيث يتصدع جدران المنزل وتتشتت الأسرة وينحرف الأبناء والثوابت كثيرة. وبنظرة فاحصة إلى الإسراف في الشراء بالتقسيط نجد أنها تربك ميزانيات الأسر، رغم ظاهرة الذي ينعش نبض السوق، إلا أنها وفق آخر الإحصاءات الرسمية، فأن عدد الأفراد المتعثرين في السداد في المملكة بلغ نحو 140 ألف عميل حتى نهاية شهر سبتمبر من العام الماضي، فيما بلغ عدد المقترضين من البنوك نحو 6.2 مليون عميل، فيما وارتفعت قيمة القروض الاستهلاكية الشخصية المتعثر سدادها من الأفراد في عام 2009 إلى خمسة في المائة، أي نحو 10 مليار ريال من أصل 202 مليار أقرضتها البنوك وشركات التقسيط المنضوية في شركة المعلومات الائتمانية «سمة». فيما بينت آخر الإحصاءات الصادرة من وزارة التجارة والصناعة، إن عدد شركات التقسيط العاملة في المملكة بلغ 155 شركة، حازت الرياض على نصيب الأسد منها بواقع 83 شركة وبرساميل تقدر ب1.3 مليار ريال ، تليها جدة 48 شركة برساميل بلغت 2.367 مليار ريال، ثم مكةالمكرمة خمس شركات برأسمال 2.4 مليون ريال. قصص محزنة هناك قصص وحكايات مؤثرة لأشخاص تورطوا في الأقساط، ووجدوا أنفسهم وراء القضبان وآخرون مكبلين بأصفاد من نوع آخر ولكنها تقلق مضاجعهم، كما يدلي في هذه القضية مسؤولون وخبراء اقتصاد وإعلاميون، كما يتحدث في القضية المثارة مدير عام الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة» باعتبارها الشركة المعنية بتزويد البنوك والشركات المقرضة بالمعلومات المتعلقة بملاءة العملاء. ولأن المتضرر من عملية القروض العشوائية هو المستهلك في المقام الأول، إذا لم يتعامل مع التقسيط بعقلانية وتفكير سليم .. وهنا بعد النماذج والعبر، كما وردت على لسان أصحابها!!. إعلانات خادعة في البداية، يؤكد خالد . ع موظف في شركة في جدة، أن الإعلانات الجاذبة دفعته قبل عامين إلى اقتناء سيارة بالتقسيط، وكان يسدد الأقساط بانتظام، حتى توقف عن العمل قبل شهرين، وكان قد تبقى عليه من السداد مبلغ 60 ألف ريال، عندها ألزمته الشركة بمواصلة السداد بانتظام وإلا سحبت السيارة، وبما أنه استنفد كل فرص دفع الأقساط بانتظام، سلم بالأمر الواقع وارتضى ضياع نحو 50 ألف ريال، ووجد أن القانون ينصف شركة السيارات بحكم العقد الموقع بين الطرفين. وقال: «أنتقل حاليا بسيارة أجرة .. أتحسر كثيرا على سيارتي القديمة التي أهديتها لقريب لي، بعد تملكي للسيارة الجديدة»، وأضاف: «تقدمت بطلب قرض من أحد البنوك ولكن طلبي رفض لكون اسمي مسجل ضمن قائمة العملاء المتعثرين في السداد، وطلب مني البنك إنهاء جميع الإجراءات مع شركة السيارات من ثم التقدم بطلب للحصول على قرض». تجربة مريرة ويروي أحمد الغامدي معلم في جدة، تجربته مع القروض وقال: «القروض الاستهلاكية إذا لم تكن مدروسة بشكل جيد وذات جدوى اقتصادية فإنها تتحول إلى عبء وخسارة، وفخ يقع فيه الكثيرون من ذوي الدخول المحدودة، ولا تحل أية أزمة مالية». وأضاف: «القرض الذي يبدو للوهلة الأولى حلا سريعا لمشكلة مادية، له تبعات أولها أنه بعد فترة وجيزة يستحق السداد مع الفوائد، ومن الطبيعي أن يجد أصحاب الدخول المحدودة والمنخفضة أصلا أنفسهم أمام مشكلة تعثر سداد القرض، في الوقت الذي لا يعاني فيه المصرف الذي منح القرض أية مشكلة؛ لأنه منح القرض مقابل ضمانات مقابل الراتب، أو البيت، أو السيارة، أو رهن، وهنا يعالج البنك تعثر السداد، بإلقاء الحجز ومن ثم بيع الضمان في المزاد العلني». وزاد: «حدث معي نفس الشيء، وكان الأمر بمثابة الضربة القاضية، لأنه من أصعب الأمور أن تجد نفسك في قائمة المتعثرين في السداد ومحاصرا من كل جهة، وفي هذه الحالة قد تلجأ إلى شركات التقسيط غير المسجلة رسميا، لحل الأزمة المالية التي تحاصرك، فتعالج الدين بالدين وتعيش في دوامة لا تنتهي». حياة متعبة عبد الله الشهري يروي تجربته مع القروض، إذ يقول: لم أجد حلا لشراء سيارة سوى شرائها بالدين .. حيث لم تكن هناك دراسة من قبلي حين فكرت بشراء سيارة، المهم أن أبواب البنوك مفتوحة وما عليك سوى زيارتها فقط وطلب ما تريده، استكملت جميع الأوراق وحددت نوع السيارة، واتفقنا على أن يعطوني قيمة السيارة بقيمة (86) ألف ريال، على أن أعيدها لهم بمبلغ 122 ألف ريال، ويضيف: كان الاقتراض من البنك بداية لحياة متعبة، اتمنى الخلاص منها. وأكدت مصادر مطلعة ل«عكاظ» عزم وزارة التجارة والصناعة، إصدار قرار يلزم شركات التقسيط بالانضمام إلى الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة»، للحد من تنامي قضايا التعثر في السداد من قبل المقترضين من شركات التقسيط، حيث خاطبت الوزارة الغرف التجارية في مناطق المملكة، بضرورة إخطار شركات التقسيط بهذا الأمر نظرا لأهميته، خصوصا في رفع مستوى الكفاية المهنية لدى تلك لشركات المعنية ويساعدها على تقييم المخاطر وفق أسس علمية منهجية مدروسة. نظام للتمويل وأوضح المصدر أنه من المتوقع صدور نظام جديد لمراقبة التمويل، في الربع الأول من العام المقبل، بعد أن تأخر صدوره في الفترة الماضية، وارجع سبب تأخر صدوره إلى اختلاف وجهات النظر حول آلية تطبيقه، ويركز النظام على مراقبة شركات التقسيط إداريا وماليا ويحدد نسبة العمولة المسموح بها، ويحمي الأطراف سواء الشركة أو المقترض بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية. وهنا أوضح المدير العام لشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة» نبيل عبد الله المبارك، أن وزير التجارة والصناعة عبد الله زينل أكد على أهمية رفع مستوى الكفاية المهنية في شركات التقسيط العاملة في المملكة بهدف تقييم مخاطر عملائها وفق أسس علمية ومنهجية مدروسة، وطالب الشركات المعنية بالانضمام إلى عضوية شركة «سمة» للغرض نفسه. وبين المبارك، أن وزير التجارة سبق وأكد في تعميم عاجل للغرف السعودية، على أهمية هذه الخطوة التي تسعى إلى تأهيل الشركات لمنح التمويل والخدمات الائتمانية وفقا للملاءة المالية لكل عميل، وبحسب المعلومات الائتمانية الصادرة في التقرير الائتماني. وقدر المبارك نسبة التعثر في قطاع شركات التقسيط المسجلة في عضوية «سمة»، بأنها لا تتجاوز الخمسة في المائة، ووصفها بالضئيلة مقارنة مع شركات التقسيط الأخرى التي تصل نسبة التعثر فيها إلى 60 في المائة، ملمحا إلى أن إحجام عدد كبير من تلك الشركات في تسجيل عضويتها في «سمة» كان سببه البحث عن عوائد أرباح كبيرة وغير قانونية تصل أحيانا إلى 50 في المائة من قيمة القرض الأصلي، إلا أنها محفوفة بالمخاطر نتيجة زيادة التعثر فيها. وأوضح المدير العام لشركة السعودية للمعلومات الائتمانية، أن قطاع الأعمال مر خلال السنوات الثلاث الماضية بمراحل كثيرة حتى وصل حاليا إلى مرحلة إعادة الهيكلة، واستبعد المبارك أن تكون السياسات المتحفظة سببا للإخلال بالائتمان نتيجة التشدد في الاقراض، مشيرا إلى انتقائية الجهات الممولة لمجموعة معينة من الشركات والأفراد لإقراضهم، حرصا منها على توفر الحد الأدنى من متطلبات الإقراض في أية عملية تمويل حفاظا على أموال المودعين. قوائم سوداء ونفى المبارك أن تكون هناك قوائم سوداء للعملاء، موضحا أن شركة «سمة» تقدم معلومات ائتمانية لأعضائها المشتركين تتعلق بعملائهم المقترضين، وقال: الشركة لديها تقرير ائتماني لكل شخص لديه تعاملات ائتمانية، ويحدث بشكل دوري وفق التطورات الائتمانية لدى الشخص، وأضاف: لا يحق لأية جهة إطلاق تعبير «متعثر» على العميل إلا بعد مرور ستة أشهر من تاريخ عدم السداد، وذلك وفق النظام المتبع، باعتبار أن فترة الست أشهر تعد كافية لأي عميل لإثبات حسن النية. وقال «وفق آخر الإحصاءات فإن بلغ عدد الأفراد المقترضين من البنوك نحو 6 .2 مليون عميل، بينما بلغ عدد المقترضين من القطاعات الأخرى المسجلة عضويتها في شركة «سمة» أكثر من مائة ألف عميل، وارتفعت قيمة القروض الاستهلاكية الشخصية المتعثر سدادها من الأفراد في عام 2009 إلى خمسة في المائة، أي نحو 10 مليار ريال من أصل 202 مليار أقرضتها البنوك وشركات التقسيط المنضوية في شركة المعلومات الائتمانية «سمة» فيما بلغ عدد الأفراد المتعثرين في السداد نحو 140 ألف عميل، وفق آخر الإحصاءات الرسمية حتى نهاية سبتمبر من العام الماضي. ثلث الراتب وفيما يتعلق بالتجاوزات في نسبة الاستقطاع مقابل الراتب في بعض الجهات وعدم التزامها بالأنظمة، أوضح المبارك أن الضوابط تمنع تجاوز المدفوعات الشهرية الإجمالية للمقترض مقابل القروض، بما في ذلك البطاقات الائتمانية، ثلث صافي الراتب الشهري، خصوصا أن الضوابط تلزم كافة البنوك بتخفيض حجم ومدة القروض الشخصية الممنوحة لعملائها، وبما لا تتجاوز مدة القرض 60 شهرا بدلا من 120 شهرا، ومن 15 إلى 17 ضعفا للراتب الشهري، بدلا من 27 ضعفا كما كان معمول به في السابق. وقال: «وفق آخر الإحصاءات الصادرة من وزارة التجارة والصناعة، فإن عدد شركات التقسيط العاملة في المملكة بلغ 155 شركة، حازت الرياض على نصيب الأسد منها بواقع 83 شركة وبرأسمال يقدر ب 1.3 مليار ريال)، تليها جدة 48 شركة برأسمال بلغ 2.367 مليار ريال، ثم مكةالمكرمة بخمسة شركات برأسمال 2.4 مليون ريال. وقدر المبارك، عدد الشيكات المرتجعة في عام 2009 بنحو 158 ألف شيك بقيمة إجمالية نحو 14 مليار ريال، مشيرا إلى أن العدد المذكور يقتصر فقط على الشيكات التي تم التصديق على أنها مرتجع، ونسبة 76 في المائة صادرة عن شركات وليس أفراد، موضحا أن دخول «سمة» إلى السوق ساهم في تراجع نسبة الشيكات المرتجعة بنسبة 26 في المائة. وذكر المبارك أن شركة «سمة» تسعى لمساعدة الاقتصاد السعودي من خلال إيجاد معايير خاصة للتمويل والإقراض والإسهام في نمو الناتج المحلي بنسبة 3. 5 في المائة، وقال: «يشاركنا في العضوية حاليا 80 عضوا من بينها 18 مصرفا، فضلا عن شركات صناعية، زراعية، وشركات حكومية وحتى جمعيات خيرية، ونسعى للتوسع مستقبلا حتى نغطي كامل السوق». وزاد: «نأمل في زيادة نسب التمويل السليم الذي يعتمد على المعلومات التفصيلية والملاءة المالية، والسجل الائتماني، باعتبارها تساعد كافة الأطراف لا يملكون أموالا بالحصول على التمويل اللازم لأغراض التنمية. مساعدة السجناء وبما أن عمليات الشراء بالتقسيط أو عبر القروض قد يشعل العديد من المشكلات الاجتماعية، وينتج عنها خراب البيوت وتشتت الأسر نتيجة قبوع رب الأسرة المنتشي بالقرض خلف القضبان، أوضح المدير التنفيذي للجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم «تراحم» في محافظة جدة الدكتور سهيل بن هاشم صوان، أن اللجنة تعمل على مساعدة السجناء على سداد ديونهم والعودة إلى أسرهم، بعد تأهيلهم واحتواء معاناتهم الناتجة عن فترة الاحتجاز، وبين صوان، إسهام اللجنة في إطلاق سراح 12 سجينا من سجناء الحق الخاص من الموقوفين في السجن العام في محافظة جدة، بعد فشلهم في تسديد ديونهم، وقال اللجنة عملت جاهدة على تذليل العقبات وعودة هؤلاء السجناء إلى منازلهم قبل حلول عيد الفطر الماضي. وبين أن الجنة تهدف إلى مساعدة سجناء الحق الخاص الذين عجزوا عن سداد المبالغ التي تحملوها نتيجة لضائقة مالية ألمت بهم، وتراع في عملها الظروف المحيطة بالسجين، ما إذا كان العائل الوحيد لأسرته، وحالته الصحية، ومدة سجنه، وهل تلاعب بحقوق الغير، وهل استفاد من جهة خيرية أخرى، أو من المكرمة الملكية بالتسديد عنه. وأضاف: إذا توفرت مثل هذه الشروط وأمضى السجين مدة طويلة في السجن، وثبت عجزه التام عن دفع المبلغ أو جزء منه، فإن اللجنة تعمل على مساعدته والتعجيل بإطلاق سراحه حسب اللوائح والأنظمة، مشيرا إلى أن عمل لجنته تتقاطع مع ثلاث جهات، وزارة الشؤون الاجتماعية، المحسنين والمجتمع، وخلص إلى القول: ترفع اللجنة التقارير المالية والإدارية إلى الشؤون الاجتماعية بشكل مستمر، وهي تقارير موثقة، كما تزود المتبرعين بمعلومات تفصيلية عن أوجه صرف تبرعاتهم المالية والنقدية وقوائم بأسماء الأشخاص الذين استفادوا من التبرعات المالية والعينية. خبراء الاقتصاد وفي سياق القروض الاستهلاكية والتكالب على الشراء بالتقسيط ما هو الرأي الاقتصادي في هذا الموضوع؟! وهنا قال عضو جمعية الاقتصاد السعودي وكبير أخصائي تخطيط التسويق عصام مصطفى خليفة: إن الديون بات مصطلحا تتعامل معه الغالبية العظمى من الأسر السعودية، إذ لا يوجد مواطن إلا يسدد أقساطا شهرية على قرض لأشهر أو سنوات، وذلك نتيجة للمتطلبات الحياتية المرتفعة والارتفاع المطرد للأسعار، مبينا تجاوز حجم القروض الشخصية 275 مليار ريال، وتجاوز عدد المقترضين نحو 2 .5 مليون مقترض، فيما بلغت نسبة القروض الاستهلاكية أكثر من 80 في المائة من إجمالي القروض الشخصية، وهو مؤشر خطير ينتج عنها أعباء مالية كبيرة على الأفراد، وتترك آثارها السلبي على الفرد والأسرة والمجتمع ككل. وأضاف: الإغراءات ووسائل الاستغلال دفعت الأسرة إلى نمط عيش لا يتناسب مع دخلها، ولم يعد بمقدور رب الأسرة الإيفاء بمتطلبات الأسرة دون الاستعانة بالبنوك أو شركات التقسيط، أما لشراء منزل أو سيارة أو أثاث أو كماليات أخرى دون مراعاة إلى دخل الأسرة أو الراتب الذي لا يغطي حاجتهم من مأكل وملبس، وتسديد الإيجارات والخدمات الشهرية الأخرى من الهاتف وجوال وقيمة كهرباء وماء وتعليم. وعدد خليفة الأسباب التي أسهمت في تعثر الديون وأبرزها: * المنافسة الشديدة بين البنوك المحلية وشركات التقسيط، أدت إلى ابتكار أساليب جديدة لاجتذاب أكبر قدر ممكن من العملاء، انطلاقا من سهولة وأهمية الأرباح القياسية التي تحققها هذه القروض الشخصية. *عدم إطلاع غالبية المقترضين من البنوك وشركات التقسيط على شروط العقد عند الاقتراض، وهنا تستغل شركات التقسيط والبنوك ثقة المواطنين المفرطة، فتتراكم عليهم الفوائد، وبالتالي عجزهم عن السداد وتعرضهم للسجن أو التوقيف. صندوق خيري من جهته، أكد الاقتصادي الدكتور حبيب تركستاني، تنامي الموقوفين في السجون والحقوق المدنية، وأن بعض القضايا في الأصل بسيطة تكاد لا ترتقي إلى أن تهان بسببها كرامة الإنسان، وقال من وجهة نظري، أقترح تأسيس صندوق خيري تشارك فيه الدولة والمحسنين من رجال الأعمال، ويكون تحت إشراف لجان وخبراء مختصين توظفهم الدولة للنظر في قضايا المعثرين للوصول للغاية المطلوبة، خصوصا أن من بين هؤلاء المعثرين من وقع ضحية للدين لظروف قاهرة. إلى ذلك، بين عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز كلية الإدارة والاقتصاد الدكتور طارق كوشك، أن الديون المتعثرة غالبا ما يطغى عليها الطابع الشخصي، إذ أن الخلل يكمن في عدة أسباب منها العادات والتقاليد والتحرج من الأقارب عند طلب القرض رغم تأكد الأشخاص من عدم قدرتهم على السداد، وكذلك التعود على الإنفاق وعدم عمل جدولة للمصروفات، ما يضطر الشخص إلى الاستدانة ولا يستطيع السداد فيقترض مرة أخرى وهكذا ما يؤدي تراكم الديون بشكل مباشر، وقال: «الكفالات والغرامات الحضورية في الديون الصغيرة بهدف شراء سيارة أو استكمال بناء تعد من أهم السباب في دخول السجن». وفيما يتعلق بالحلول قال: «يجب إطلاق حملة توعية إعلامية تلقي الضوء على مشكلات الديون التي يطغى عليها الطابع الشخصي أو الأسري، نتيجة عدم جدولة المصروفات، أما فيما يتعلق بالقروض الصغيرة والتي تكون لاستكمال بناء منزل مثلا، فعلى الشخص اللجوء إلى الصندوق العقاري وهو قطاع حكومي ومن عيوبه أن الحصول على قرض يتطلب وقتا طويلا نسبيا، وطالب بإنشاء صندوق لإقراض المبالغ الصغيرة والقصيرة الأجل والقروض العاجلة ويتم سدادها على ستة أشهر أو عام، أما بالنسبة لكفالة الغرم فلابد من تشريع نظام يمنع كفالة الغرم والأداء نظرا لعدم القدرة على منعها اجتماعيا، ولو نظرنا إليها بصورة منطقية فهي مخالفة للمنطق، حيث يسجن الكفيل ويترك المستدين الأصلي. تعقيدات التمويل وللغرف التجارية رأي باعتباره البيت الذي يجمع التجار ويعنى بقضاياهم ومشكلاتهم عموما ومنها قضية الشيكات المتعثرة التي يعم آثارها الدائن والمدين، وهنا أشار عبد الرحمن الراشد رئيس غرفة الشرقية، إلى أهمية المعلومات الائتمانية التي باتت تلعب دورا مهما في الاقتصاد العالمي المعاصر، خصوصا مع تزايد الحاجة إلى الخدمات التي تقدمها الأنشطة الائتمانية، نتيجة للتعقيدات التي طرأت على المعاملات الاقتصادية عموما، وكذلك لنمو حركة الاستثمارات، وحركة التبادل التجاري، وانتشار المعاملات التجارية الإلكترونية، ما استدعى أنماطا وأشكالا جديدة من الرقابة والتنظيم القادر على ضبط هذه التعاملات، بمختلف تعقيداتها، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الشيكات دون رصيد التي تشكل تهديدا مؤكدا لأي اقتصاد، ويلحق ضررها بالأفراد والشركات، ويؤدي إلى تغييب الثقة في الكثير من الأنشطة الاقتصادية، وما يتبعها من معاملات مالية. وقال: «هذه العوامل مجتمعة، أبرزت الحاجة إلى وجود شركات المعلومات الائتمانية التي باتت تمثل سياجا يحمي الأنظمة الاقتصادية من مستجدات ومتغيرات سريعة ومتلاحقة يشهدها العالم»، وأضاف: التقارير الرسمية أرجعت أسباب معظم القروض المعدومة لقرارات الإقراض التي تمت دون الاستناد إلى معلومات دقيقة حول الأهلية الائتمانية للمقترضين، ما أسهم في توفير مناخ عالي المخاطر للإقراض. أما خالد السناني رئيس لجنة التقسيط و التمويل في الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية، فيرى في طول أمد التقاضي، عقبة رئيسة لدى شركات التقسيط والتمويل في الوقت الراهن، مشيرا إلى قلة عدد مستشاري وزارة التجارة والصناعة الذين ينظرون في دعاوى الأوراق المالية، ما ينعكس سلبا على البت والفصل في النزاعات المالية سواء بالنسبة لقضايا سندات الأمر أو الشيكات المرتجعة. وذكر السناني، أن مشكلة قلة مستشاري وزارة التجارة والصناعة يسهم في طول مواعيد القضايا المرفوعة من قبل الشركات ضد المتهربين عن السداد، وقال هناك قضايا حددت مواعيدها في عام 1433ه أي بعد عامين من الآن تقريبا، فيما يمكن أن يمتد عمر هذه القضايا لسنوات أطول في حال تأجيلها، وهو ما يمثل عقبة في سبيل سرعة حصول الشركات على حقوقها المالية. وقدر السناني، حجم عمليات التهرب عن السداد بنحو 70 في المائة من حجم القروض تقريبا، مشددا على أن الإجراءات الصارمة تمثل الحل المناسب للقضاء على ظاهرة التهرب، لأن المماطلة في تطبيق الإجراءات القانونية تساعد في تمادي المتهربين أكثر وعدم السداد، مطالبا بضرورة اختيار العميل المناسب للحصول على تحصيل جيد بعد بيع السلعة بالتقسيط، باعتبار التحصيل الجيد يعتمد على اختيار العميل المناسب، وهو ما يدفع الشركات إلى دراسة الوضع الائتماني للعملاء قبل التمويل. دور الإعلام وللإعلام رأي في القضية باعتباره مرآة عاكسة لمشكلات المجتمع، ويمكنها أن تلعب دورا بارزا في نشر الوعي بأضرار الإقراض العشوائي وما ينتج عنه من تبعات تنعكس آثارها المدمرة على المقترض ومن يعيلهم، يشير صالح القرني إعلامي ومقدم برامج في التلفزيون السعودي، إلى أهمية الإعلام ودوره في توعية المجتمع، وقال: المجتمع يعج بالكثير من المتغيرات التي أصبحت جزءاً من الحياة الاجتماعية، وتعكس مظاهر خادعة، فالكثير من الناس من ذوي الدخل المحدود أو المبنية على خلفية اقتصادية وتعليمية ضعيفة أو مبذرة في طبيعتها، تندفع في مجاراة الآخرين في مظاهر الحياة الكاذبة التي تورث الكثير من الخطايا للأسرة وأفرادها، نتيجة الديون أو الشراء من غير حساب أو البحث في الكماليات دون تقدير العواقب، ما يدخل الأسرة في دوامة البحث عن مخرج إلا أن السجن يكون أقرب الحلول. وأضاف: معاناة الأسرة من الفقر تبدأ بمجرد إلقاء رب الأسرة خلف القضبان، حتى تقع الأسرة في مستنقع المشكلات التربوية والأخلاقية، وأقلها ضررا ضياع مستقبل الأبناء، فإذا كان المديون في حاجة ماسة للمساعدة ولم يجد من يؤازره، حينها يجب علينا مراجعة أنظمة الجمعيات الخيرية ودراستها، فإذا كان السبب سوء تصرف وتبذير وتلاعب بالقروض دون تقدير للعواقب، عندها يجب توعية كل من يتقدم للحصول على قرض بالأضرار والنتائج المحتملة لمثل هذه التصرفات، أما إذا كان السبب إغراءات البنوك والشركات فالأمر يستوجب تدخل الجهات المعنية مثل وزارة التجارة والمالية وحماية المستهلك ومجلس الشورى لوقف هذه المصائد التي يقع في حبالها البسطاء.