نواصل استعراض تأثير السمنة على المرأة الحامل بشكل خاص حيث ذكرنا في العدد السابق أن قد يرى الناس أن عيب مرض السمنة يمكن فى الشكل الخارجي فقط ونظرة المجتمع للمريضة، الا أن مخاطر السمنة تتعدى ذلك بكثير، فقد تؤدي الى الكثير من الأمراض القاتلة مثل السكتة الدماغية، وأمراض القلب والرئة، والفشل الكلوي والنقرس وتصلب الشرايين ومرض السكر، وتشمع الكبد وللأسف السرطان أيضاً. وأشرنا كذلك الى ان السمنة تسبب مشاكل كثيرة للمرأة الحامل كتأخر الإنجاب وتزيد من التشوهات الجينية في بعض الحالات وغيرها من الأضرار الصحية. فالمخاطر التى تسببها السمنة للمرأة الحامل البدينة كثيرة، من هذه المخاطر أن السمنة أثناء الحمل تعرض الحامل للإصابة بسكر الحمل وتعرضها لمشكلات أثناء الولادة، كما أن السمنة ترفع من معدلات الإصابة بضغط الدم المرتفع عند الحامل عشر مرات عنها عن الحامل غير المصابة بالسمنة، ونواصل استعراض أسباب السمنة: * دور الوراثة في السمنة: للوراثة دور معروف في حدوث السمنة فالاستعداد الوراثي للسمنة يورث من الاباء الى الابناء خصوصاً إذا كان احد الابوين او كلاهما بديناً ولكن السبب المباشر لهذة الظاهرة معقد وغير معروف على وجه التحديد ويحتاج لكثير من البحوث والدراسات المعمقة. * دور الغدد الصماء في السمنة: من اكثر امراض الغدد الصماء مسبباً للسمنة هو خمول الغذة الدرقية وهو شائع جداً لدى النساء كما ان اضطرابات الغدة الكظرية والبنكرياس لها دور في حدوث السمنة. * تأثير بعض الادوية: ان بعض الادوية التي تتناولها المرأة لهل تاثير مباشر في حدوث السمنة ومنها: * حبوب منع الحمل وذلك نظراً لما تحويه من هرمونات انثوية تؤدي الى اختزان الماء داخل الجسم وعدم استهلاك الطاقة بكاملها غير ان هذه الزيادة عادة طفيفة ونادراً ما يتعدى الوزن الفائض من واحد الى ثلاثة كيلوغرامات ولا يمكن تحميل الادوية التي تحتوي على الهرمونات الانثوية مسؤولية زيادة الوزن في حال اعطيت في منتصف العمر اذ ان هذه الزيادة في الوزن ترجع الى عوامل وراثية او عوامل آخرى. يصاحب بعض البدينات صعوبة في حدوث الحمل * الكورتيزون من المعروف ان الكورتيزون من مسببات السمنة حيث يحث الجسم على انتاج الدهون وكذلك ينفرد بتوزيعها حيث يجعلها تتراكم بشكل كبير حول العنق والوجنتين والبطن هذا بالإضافة لاثارته للشهية بشكل متواصل واحتباسه للسوائل والملح داخل الجسم حتى لو كان استخدامه سطحياً على الجلد حيث بامكانه اختراق الحاجز الجلدي والانتشار في الجسم وعادة يزيد وزن المريض ما بين 25 الى 30 كيلوغرام دفعة واحدة. ولكن استخدام الكورتيزون لفترات قصيرة وكميات معتدلة لا يدعو للخوف حيث ان البدانة لا تظهر إلا عندما يتجاوز العلاج فترة شهر. * المهدئات والمسكنات: ان المهدئات والمسكنات لا تزيد الوزن ولكن استهلاكها بوفرة وافراط قد يؤدي الى السمنة لان المريض يفقد تدريجياً نشاطه وحركته فتقل همته وبالتالي لن يحرق الوحدات الحرارية التي يخزنها فيزداد وزنه. اما الادوية التي تزيد الوزن فهي بالدرجة الاولى تلك التي تعالج الانهيارات العصبية والتي تثر مباشرة على المخ ومراكز ضغط الجهاز العصبي التي تدير شؤون نظامي الجوع والشبع مما يؤدي الى الشعور المتداخل بالجوع فتنكب المريضة على التهام الاطعمة بلاقيود وبشكل يزيد عن متطلباتها اليومية والاستخدام القليل لهذه الادوية لا تؤثر والخلاصة ان افضل ما يمكن ان يقدمه المرء لنفسه هو الابتعاد قدر المستطاع عن الادوية والاعتماد على ما هو صحي و مفيد بواسطة الارادة الذاتية. * تؤثر زيادة الوزن على الصحة العامة عند جميع الناس في جميع مراحل العمر وغالباً ما تكون مصحوبة ببعض الامراض التي تؤدي الى قصر العمر والاصابات بجلطات دموية في الشرايين وخاصة التاجية بالاضافة الى تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية. كما تسبب السمنة اضطرابات في الجهاز الهضمي من اهمها تشكل حصى في كيس المرارة والتهابها، كما تؤدي السمنة الى الاصابة بمرض السكري وخاصة لدى الاشخاص ذوي الاستعداد الوراثي لهذا المرض. ويلاحظ ان جميع متاعب العظام والمفاصل واصابة الظهر والاقدام وآلام اسفل الظهر والغضروف وهذه تحدث لعدم تحمل هذه المفاصل لثقل جسم المرأة السمينة كذلك تؤدي السمنة الى ضعف في بعض عضلات البطن مما يؤدي الى الاصابة بالفتق. * ومن اكثر المتاعب التي تعاني منها بعض السيدات البدينات خصوصاً الشابات والتي انتشرت السمنة في هذه الفئة العمرية مؤخراً هو افتقداهن للرشاقة وفقدان القوام الجسدي المتناشق مما يعرضهن لحالات من الاكتئاب والانطواء والاضطرابات النفسية المتكررة. * ان الأغذية الغنية بالدهون والكربوهيدرات التي تساعد على حدوث السمنة تساعد ايضاً على ظهور حب الشباب وامراض جلدية اخرى كتلك التي تحدث في ثنايا الجلد تحت الثدي او الابطين او بين الفخدين نتيجة لاحتجاز العرق داخل الجلد. * وتؤثر السمنة على الجهاز التنفسي فتحدث صعوبة في التنفس وشعوراً بالتعب والاجهاد السريع خاصة عند القيام باقل مجهود واقل حركة. * كما ينشأ عسر الهضم نتيجة الاكثار من الطعام او سرعة تناوله او عدم مضغه بشكل كاف والاكل في مواعيد غير منتظمة والاكثار من الاطعمة الدهنية او غير المطهية جيداً. كذلك ينشأ عسر الهضم من تناول الشاي والقهوة والتدخين وتناول المواد المهيجة للمعدة مثل: الفلفل والمخللات والبهارات مما يسبب شعوراً بالغثيان والحرقة في المعدة وحدوث انتفاخ وغازات مزعجة. ان تناول المخللات المشبعة بمحلول الملح لفتح شهية الطعام يجعل الجسم ياخد الملح بكميات تفوق حاجته مما يسبب ضرراً للجسم. ويعتبر الملح أحد الاسباب الرئيسية في الاصابة بالبدانة المفرطة لهذا السبب ينبغي الاستعاضة عن المخللات بالخضروات الطازجة. كما ان توافر كميات كبيرة من الدهون في الطعام يؤدي الى السمنة ويسبب امراضاً كثيرة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وامراض المرارة والتهاب غشاء المعدة. ان تناول الحلوى والسكريات بكثرة يسبب السمنة ايضاً وما يترتب عنها من امراض بالاضافة الى تسوس الاسنان. * اما بالنسبة للامراض المتعلقة بالحمل والولادة ففي الغالب يعانين السيدات البدينات من اضطرابات في الدورة الشهرية نتيجة لاضطرابات التبويض وارتفاع المعدلات الهرمونية الانثوية مما يحدث تضخم في بطانة الرحم مما يؤدي الى دورات شهرية مضطربة ونازفة مما يؤدي الى حدوث فقر دم وهذا التهيج في بطانة الرحم قد يتطور الى مشاكل اكثر صعوبة كحدوث تغيرات خلوية شاذة وربما سرطان الرحم الذي يحدث بصفة غالبة في البدينات خصوصاً في مرحلة سن اليأس. وقد يصاحب بعض البدينات صعوبة في حدوث الحمل بسبب اضطرابات التبويض وفي حالة حدوث الحمل قد تزداد مشاكل الحمل كالالتهاب الانتانية المتكررة في المهبل والمسالك البولية وترتفع معدلات سكر الحمل ومايصاحبها من حالات اجهاض وولادات متكررة وربما عيوب خلقية واضطرابات مشيمية كانفصال المشيمة الباكر والمشيمة النازحة وحدوث تعوق نمو الجنين وارتفاع ضغط الدم الشرياني المعروف بتسمم الحمل وتحدوث صعوبات الولادة وترتفع معدلات الولادات الجراحية وشفائها وحدوث نزف ما بعد الولادة كما ترتفع معدلات جلطة الساقيين والرئة بعد الولادة في البدينات بالمقارنة بالسيدات ذوات الاوزان الطبيعية. وترتفع بشكل عام نسبة الاورام السرطانية في البدينات مثل سرطان المبيض والقولون والرحم. * علاج السمنة و الوقاية منها: * التثقيف الصحي والوعي الغذائي: من اهم عوامل النجاح في علاج السمنة الوعي الصحي واتباع العادات الغذائية السليمة والعمل على تغيير السلوكيات الغذائية السيئة، فاتباع نظام غذائي يتميز بالاقلال من الاكل وان يكون متوازنا حيث يحتوي على كل العناصر الاساسية اللازمة لبناء الجسم وامداده بالطاقة: مثل البروتينات والسكريات والنشويات والدهون والاملاح والمعادن والفيتامينات وجميع العناصر الاساسية الاخرى. ويعتمد علاج السمنة اولاً واخيراً على ارادة المرأة وايمانها الكامل بأن السمنة ناتجة عن الشراهة والافراط في الاكل وقلة الحركة ومتى ما وعت المرأة تماماً هذه الحقيقة سهل عليها اتباع نظام دائم في الحمية يعتمد على قاعدة بسيطة للغاية وهي ان عليها لكي تستعيد رشاقتها ونشاطها وجمال قوامها أن تاكل قليلاً وتمشي كثيراً لكي تعيش طويلاً. * وبالمقابل يجب عدم اتباع انظمة غذائية صارمة قليلة جداً بالوحدات الحرارية مما يؤدي الى بعض المضاعفات الصحية مثل: الشعور بالارهاق وبالتعب وعدم القدرة على النشاط والحركة وحدوث اضطرابات في القلب والجهاز العصبي كما ننصح بعدم محاولة الاستفراغ بعد الاكل حيث ان الكثير من البدينات يستخدمن هذة الوسيلة لانقاص الوزن وهذه عبارة عن مرض نفسي معروف بالبوليميا. ونصيحتي بالنسبة للحمية الغذائية تناول كل ما تشتهيه ولا تحرم نفسك من شيء ولكن بكميات متوازنة بسيطة وبعدها قم بحرقها بالحركة والنشاط والرياضة. * استخدام العديد من العقاقير لخفض الوزن ولكن معظمها دون جدوى اولا بسبب عدم التزام المريضة بها وثانياً ما قد تحمله من مضاعفات صحية على المرأة. * وانتشرت وسائل العلاج الجراحي مثل بالون المعدة وقص المعدة والتحوير الجراحي ما بين المعدة والامعاء وهذه اثبتت نجاحها خصوصا عملية التحوير ولكن قد تحدث مضاعفات صحية وان كانت بنسب قليلة ولكنها قد تكون خطيرة جداً.