للإرجاف طرق ووسائل قد تخفى على كثير من الناس؛ لأنهم يوظفون استراتيجيات مغرضة يجيدون بها حياكة الخدع، وتحقيق أهداف الأعداء والإضرار بالوطن والمواطنين، ونحن نسعى في هذا المقال إلى الكشف عن أهم استراتيجيات المرجفين في حربهم وإرجافهم، ومع ذلك علينا ألا نجعل سعْينا لتحقيق الأمن الفكري وحماية المجتمع يوقعنا في الخوف الفكري، بل قد حرصنا على ذكر طرف من صنيع هؤلاء الأقزام؛ لنكشف أسرار الإرجاف لنئد نشاطه ونجتث شجرته، ونستأصل شأفته. ولعل أهم تلك الاستراتيجيات ما يأتي: استراتيجية: تشويه الحقائق، حيث يعمل المرجفون على تشويه الحقائق وتضليل العقول من خلال نشر معلومات مضللة وأخبار كاذبة، ويسهم هذا التضليل في تشكيل تصورات خطأ عن الواقع، مما يجعل الأفراد أكثر عرضة لتبني أفكار متطرفة، ويروج الإرجاف في الانعزالية والتطرف من خلال خلق بيئة من الشك وعدم الثقة، حتى يشعر الأفراد الذين يتعرضون للإرجاف بالعزلة والاضطهاد، مما يجعلهم أكثر استجابة للانضمام إلى الجماعات المتطرفة التي تقدم لهم شعورًا بالانتماء والحماية الزائفة. استراتيجية: التهويل، وإثارة الفتن؛ فتجد المرجفين، يضخمون المواقف، ويهيجون المشاعر ويصورون الأمور بالكارثية عندما يواجه الإنسان أي موقف لو كان يسيرًا، ويقدمونه على أنه خطأ جسيم سيورد الناس موارد الهلاك، بما يدخل على الناس الخوف والقلق، ويأخذون من الأحداث اليسيرة سبيلاً ونافذة إلى الوصول للهدف، فيعظمون الأمور الحقيرة في أعين جمهورهم ومستمعيهم؛ حتى يغيروا من قناعاتهم ضد المجتمع فهم يلعبون بالعقل الجمعي لأبناء الوطن بالسلب والتنقيص؛ لتفتيت اللحمة الوطنية، وتمزيق النسيج الوطني؛ لذلك تجد بعض هؤلاء على القنوات ووسائل التواصل الاجتماعي يعمل على إثارة النعرات الطائفية والعرقية والمذهبية؛ لغرض تهوين الوطن، وإضعافه، بإحداث الفرقة وإشعال الفتن بين أبنائه. استراتيجية: الاستقطاب وتجنيد الشباب، حيث يعملون على ترويج الأفكار الهدامة التي تتعارض مع قيم المجتمع وثقافته، وتؤدي إلى الانحلال الأخلاقي والاجتماعي أو تؤدي، على النقيض، إلى التطرف الديني ويهتمون بنشر المصطلحات والمفاهيم التي تخدم أهدافهم، وتشويه المصطلحات والمفاهيم التي تتعارض معها ليخدعوا الشباب، ويوقعونهم في شراكهم؛ فيعملون على تجنيد الشباب وتعبئتهم لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة، وتخريب البلاد والعباد. استراتيجية: إدارة الحرب النفسية، فتلك لا تقل خطرًا عن الحروب المادية والآلة العسكرية، فهي أكثر شمولاً حيث تؤثر في أيديولوجية الناس، ومشاعرهم وأفكارهم، ومعنوياتهم، والتشكيك في المبادئ والمعتقدات الوطنية والروحية، وتستهدف الحرب النفسية التأثير وهي مختفية أو بصورة غير مكتملة؛ لخدمة أغراضهم أو مطامعهم، لكن - بفضل الله - أكرمنا الله بقيادة حكيمة، وشعب واع مثقف يدرك ما يحاك له وبه، ويتفطن لإرجاف هؤلاء سواءً من الأفراد، أو المؤسسات والأجندات الخارجية، وقادر على كشف زيفهم ودحض الشائعات، ورد باطلهم في نحورهم. وفي صورة من أوضح صور هذا الإرجاف الممنهج والحرب النفسية، يأتي توظيف ما حدث في ساحات المسجد النبوي الشريف، وما تلاه في وسائل التواصل الاجتماعي من تضخيم مغرض وتحريف مغاير للحقائق؛ ليكشف بوضوح عن الوجه القبيح للإرجاف وأهدافه الدنيئة بملامسة المشاعر، فبدلًا من استيعاب حقيقة أن الحفاظ على النظام وسلامة الملايين يقتضي تطبيق القانون بحزم، حتى في أقدس البقاع، فقد سعى المرجفون إلى قلب الحقائق وتصوير رجل الأمن كمعتد، وتجاهلوا عن عمد فعل التجاوز والاعتداء الذي بدأته المخالفة. إن هذه الحملة الممنهجة التي تستغل إثارة عواطف الناس وتتجاهل سياق الحدث وملابساته، تنم عن نية سيئة لزعزعة الثقة في جهود حكومتنا الرشيدة لخدمة الحرمين ورواده، وبث الفرقة والتحريض، وتشويه صورة رجال الأمن الساهرين على راحة وسلامة الزوار. والمتأمل يدرك أن هذا التعامل ليس ببدع؛ فكم من واقعة مشابهة في مطارات عالمية أو فعاليات كبرى، أو حتى في شوارع مدن عادية، أصر فيها البعض على مخالفة الأنظمة، أو الاعتداء على رجال الأمن المكلفين بإنفاذها، وواجهوا ردًا حازمًا؛ لحماية النظام العام وسلامة الجميع. إن أي نظام في العالم لا يتهاون مع من يعتدي على سلطة القانون أثناء أدائها لواجبها، فكيف بمكان مقدس كهذا تستباح فيه الأنظمة وتهان فيه حرمة القائمين عليها!؟ فقصد هؤلاء المرجفين ليس الإنصاف أو البحث عن الحقيقة، بل تأجيج الفتنة وتأليب الرأي العام، ولتحقيق مقاصدهم، وتقويض الأمن الفكري، وخدمة أجندات مشبوهة تسعى للنيل من استقرار بلادنا ومكانتها الروحية. إن هذا الإرجاف في أبشع صوره، الذي يكيل بمكيالين ويتجاهل الحقائق الواضحة، يستوجب وعيًا وفطنة من الجميع لصد أكاذيبه والحفاظ على وحدة الصف وتقدير الجهود المخلصة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن. استراتيجية: توظيف الحق لإرادة الباطل، فيستخدم المرجف بعض المواقف، أو الفرضيات والمسلمات التي لا يختلف عليها اثنان من العقلاء ثم يبني عليها أمورًا ليست صحيحة، كأن يقول: يجب تطبيق قانون الولاء للمؤمنين والبراء من غير المسلمين، ويحكي عن تكفير مولاة أعداء الدين، ثم يقوم بعملية إسقاط على أدنى نوع من التعاون بين الدولة، وبين بلاد غير المسلمين ونسي هذا أو تناسى أن النبي محمدًا – صلى الله عليه وسلم - هادن يهود وتعامل معهم وعقد معهم حلفًا. وهؤلاء يحتاجون لمتخصصين يكشفون زيفهم، ويفرقون للناس بين الحق والباطل؛ حتى لا تلتبس الأمور على العامة. استراتيجية: النظر لنصف الكوب الفارغ؛ وفيها يتجاهلون الإيجابيات والإنجازات، وينظرون إلى السلبيات، فقد تجاهل هؤلاء أنه لا يخلو شخص من تقصير ولا أسرة من هنات، ولا مجتمع إنساني من قصور، فيأتي هذا المرجف فيقوم بتوجيه عدسته إلى هذه الأخطاء ويجعلها دائرة اهتماماته، ويشعرون من يتعامل معهم أن الوطن والمجتمع ما هو إلا هذه الهنات وذلك القصور، فهم دائمًا يلبسون النظارة السوداء! كهؤلاء الذين يرون أن المجتمع كله فقراء وأن الناس لا يأخذون حقوقهم، ونسي أو تناسى هؤلاء أن بلادنا المملكة العربية السعودية قدمت لمواطنيها ما لا تقدمه الدول الأخرى، حيث شملت الجميع بالرعاية والاهتمام، ثم لا يزال السوداويون يغردون ضد الوطن ومسؤوليه. وحين تطالع بعض هؤلاء المرجفين على منصة "X" أو على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام، تتعجب لمواقفهم المخزية التي تدل على دناءة الطبع، وسوء الفكر والتنكر للوطن؛ فتراهم حين يتم القبض على رعاة الإرهاب يشنعون على النظام أنه قبض على العلماء وكبلت الحريات، وحين يتم العفو عنهم، ويطلق صراح هؤلاء بعد فترة من التوقيف يشككون في نوايا أولي الأمر؛ فهؤلاء المرجفون مرضى نفسيين، وهم في كل الأحوال ناقمين على الوطن شانئين على أبنائه المخلصين ومسؤوليه. وللحديث بقية.