لا تزال جملة "المعلم يستحق الراتب الأعلى" التي قالها الأمير "خالد الفيصل" قبل أن يتولى مهام عمله وزيراً للتربية والتعليم، حاضرة في أذهان المعلمين، وفاتحة لهم باب الأمل في أن يساهم الوزير الجديد تحقيق تلك الأماني والتطلعات. وأكد عدد من المعلمين على أهمية تأهيلهم وتشجيعهم على مواصلة تحصيلهم العلمي عبر التوسع في الابتعاث الداخلي، مضيفين أنَّ درجة الرضا الوظيفي لدى كثير منهم متدنية إلى حدٍ كبير، وتحديداً مع الأعباء العملية الكبيرة التي أثقلت كواهلهم، خاصة من كان نصابه (24) حصة، إلى جانب تكليفه بمهام أُخرى في مجالات النشاط والإشراف اليومي وحصص الانتظار، لافتين إلى أنَّ هناك جانباً لا يقل أهمية عن هذا الجانب يتمثَّل في نوعية المقررات التي يتعلمها الطلاب والطالبات في المدارس، داعين القائمين على مشروع "تطوير" إلى إعادة النظر في وضع تلك المقررات، مشددين على ضرورة التوسع في إنشاء المعامل والقاعات الدراسية وتجهيزها، إلى جانب أهمية البدء بتطبيق نظام رُتب المعلمين (خبير، معلم أول، ثاني،..)، ومنحهم وأسرهم "التأمين الطبي" الذي يتمنون الحصول عليه. ويمثّل النمو السكاني المتزايد أحد التحديات الكبيرة أمام "وزارة التربية والتعليم"، الأمر الذي دفع بزيادة أعداد الطلاب في الفصول إلى أرقام تتنافى مع معايير الوزارة نفسها، حيث يتجاوز عدد طلاب الصف الأول الابتدائي في الغالب (30) طالباً في الفصل الدراسي الواحد، حيث يفترض ألاَّ يزيد هذا العدد عن (20) بحسب ما نصت عليه تعليمات الوزارة، كما أنَّ هذا العدد يتضاعف في المرحلتين المتوسطة والثانوية ليتجاوز (45) طالباً في الفصل. وهناك من يرى أنَّ الوزارة تعاني من ندرة بعض التخصصات بما فيها التخصصات النظرية؛ لقلَّة الإقبال على كليات التربية، في ظل الطلب المتزايد على المعلمين لسد عجز المدارس في هذا الجانب، ومن المتوقع أن يعود التعاقد مع معلمين غير سعوديين، في ظل العجز ببعض التخصصات وتناقص عدد المعلمين للتقاعد أو الانتقال إلى ممارسة عمل بعيد عن التدريس. يقترحون يوماً دراسياً يعتمد على عدد حصص أقل وفصول متحركة ودمج بعض المقررات وتطبيق «نظام الرُتب» وتتزايد نسبة نمو المباني المستأجرة؛ لعدم توفر أراض حكومية في أحياء كثيرة داخل المدن الكبيرة، وهذا يمثل تهديداً كبيراً لجودة التعليم حينما تم الاعتماد على المباني المستأجرة أو المسائية. تأهيل المعلمين وأوضح "عبدالعزيز العواجي" -معلم- أنَّ الحاجة تدعو حالياً إلى الاهتمام بتأهيل المعلمين، داعياً إلى التوسُّع في مجال الابتعاث الداخلي للمعلمين على رأس العمل للحصول درجتي "الماجستير" و"الدكتوراه" شريطة أن يبقى المعلم ممارساً لمهنته عند الانتهاء من دراسته ضعف المدة التي قضاها في عملية ابتعاثه على أقل تقدير. وقال "أحمد ربيع" -معلم- إنَّ كليات المعلمين لم تنجح في سد احتياج مدارس المرحلة الابتدائية، الأمر الذي جعل "وزارة التربية والتعليم" تفك ارتباطها بها لينتهي بها الأمر تحت مظلة "وزارة التعليم العالي" التي ضمَّتها إلى كليات التربية في الجامعات، مضيفاً أنَّ طبيعة العمل في مراحل التعليم تختلف من مرحلة إلى أخرى، مبيِّناً أنَّ طبيعة عمل المرحلة الابتدائية تعتمد على نظام التقويم المستمر، موضحاً أنَّها تختلف عنها في المرحلتين المتوسطة والثانوية التي تُطبِّق نظام الاختبارات الفصلية. وأضاف أنَّه من النادر أن توجد مدرسة بها كل التخصصات المطلوبة، خاصة في المواد التي تحتاج إلى متخصصين لتدريس مقرَّري لغتي والرياضيات، مشيراً إلى أنَّ ذلك أدىَّ إلى أن تُسند المهمة إلى العديد من المعلمين ممّن يحملون مؤهلات أُخرى بعيدة عن مجال التعليم، ومن ذلك تخصصات الإعلام والاقتصاد والمكتبات، لافتاً إلى أنَّ هؤلاء اكتسبوا المهنة عبر الممارسة والتجريب، مؤكداً على أنَّ محصلة الطالب في نهاية المرحلة الابتدائية لا تختلف كثيراً عما كان عليه قبل التحاقه بالمدرسة في كثير من الأحيان. رضا وظيفي وأشار "ربيع" إلى أنَّ درجة الرضا الوظيفي لدى العديد من المعلمين متدنية إلى حدٍ كبير، في ظل الأعباء العملية الكبيرة التي أثقلت كواهلهم، خاصة من كان نصابه (24) حصة، إلى جانب تكليفه بمهام أُخرى في مجالات النشاط والإشراف اليومي وحصص الانتظار، مشيراً إلى أنَّ ذلك جعل الكثير منهم يسيرون على طريق النمطية والجمود، وبالتالي انعكس ذلك على أدائهم بشكل كبير. ودعا "وزارة التربية والتعليم" إلى دراسة هذا الملف عبر تشكيل فريق عمل ميداني، على أن يُناط بأعضائه ممارسة المهام التي يمارسها المعلم على أرض الواقع لمدة لا تقل عن فصل دراسي كامل؛ لكي تكون نتائج الدراسة حقيقية ودقيقة وموضوعية، الأمر الذي سيؤدي في نهاية الأمر إلى إيجاد حلول علمية وواقعية، لافتاً إلى أنَّ هناك جانباً لا يقل أهمية عن هذا الجانب يتمثَّل في نوعية المقررات التي يتعلمها الطلاب والطالبات في المدارس. وأضاف أنَّ تلك المقررات تحتوي على كمٍ كبير من المعلومات التي تمَّ عرضها بطريقة غير مُنظمة، موضحاً أنَّها أدخلت الملل إلى نفوس المعمين والطلاب على حدٍ سواء، مبيناً أنَّ الإلمام بجانب كبير منها يحتاج لبذل مزيد من الوقت والجهد، سواءً في البيت أو المدرسة، مشيراً إلى أنَّ المستوى المعرفي المتدني لدى العديد من الطلاب لا يتناسب مع ما تتطلبه تلك المواد من مهارات، وبالتالي تحوَّل التدريس إلى تلقين نتيجة حرص المعلم على الالتزام بتدريس كامل المقرر خلال فصل دراسي كامل، لافتاً إلى أنَّ ذلك ترافق مع كثافة عدد الطلاب في الفصول، مؤكداً على أنَّه يتجاوز في كثير من الأحيان (40) طالباً في الفصل الواحد. يوم دراسي واستعرض "ماجد راشد" -معلم- فعاليات اليوم الدراسي اليومي في المدارس، موضحاً أنَّه يوم دراسي كئيب وممل يبدأ في كثير من المدارس بالطابور الصباحي الذي تتخلله فعاليات مكررة ومملة، قبل أن تبدأ الحصتين الأولى والثانية اللتان تتميزان بأنَّهما الأهدأ عادة، ثم تأتي بعد ذلك فترة الفسحة الأولى، مبيِّناً أنَّ على المعلم المكلَّف بمهمة الإشراف الانتقال إلى الفناء الخارجي للمدرسة وتنظيم الطلاب ومتابعة انتظامهم أمام المقصف والإشراف على نظافة الفناء ومن ثمَّ على عملية عودة الطلاب إلى فصولهم. وقال إنَّ صاحب الحظ السيئ من المعلمين هو من كانت لديه حصة بعد هذه الفسحة مباشرة، إذ إنَّ عليه أن ينتقل مباشرة إلى الحصة الثالثة، مضيفاً أنَّ عليه أن يمارس المهام نفسها التي أدَّاها في الفسحة الأولى حينما يحين موعد الفسحة الثانية التي تبدأ عادة بعد نهاية الحصة الرابعة مباشرة، موضحاً أنَّ الأمر يسير بعد نهاية الفسحة الثانية إلى نهاية الحصة السادسة نحو الفوضى؛ نتيجة اقتراب موعد مغادرة الطلاب أروقة المدرسة، واصفاً الحصة السابعة والأخيرة بحصة الفوضى في المدرسة، مؤكداً على أنَّ العديد من مديري المدارس حريصين على عدم الصعود إلى الأدوار العليا في هذه الفترة؛ تجنُّباً للاحتكاك بالطلاب أو بأحد المعلمين. وأضاف أنَّ دقائق الإشراف على الصلاة تشهد كل علامات النفور والضيق وشد الأعصاب وصرخات التوجيه من قبل المعلمين لطلابهم، إلى جانب مشاهد مطاردة الطلاب المتمردين، وقال :"ترى أيّ أعصابٍ وأيّ طاقة تحمُّل يمكنها أن تقابل هذا الوضع الذي يتكرر بشكلٍ يومي؟"، مقترحاً تطبيق يوم دراسي يعتمد على عدد حصص أقل وفصول متحركة، بحيث يذهب الطالب إلى المعلم في قاعته وليس العكس. مشروع تطوير وقال "سليمان عائش" -معلم- :"يحرص العديد من المعلمين على أن يُثيروا مطالبهم وتطلعاتهم وآمالهم مع بداية تولي أيّ وزير مهام إدارة وزارة التربية والتعليم"، مشيراً إلى أنَّهم يأملون بذلك أن تكون حاضرة في ذهن الوزير الجديد قبل أن تأخذه مشاغل عمله وينصرف تفكيره بعيداً عن اهتماماتهم تلك، داعياً القائمين على مشروع "تطوير" إلى البدء بمراجعة وضع المقررات الحالي ودمجها أُسوة بما حدث في مقررات "لغتي" و"التربية الاجتماعية". وأكد على أنَّه سينتج عن ذلك تقليل عدد المواد الدراسية وتقليص العبء وعدد الحصص على المعلمين، مشدداً على ضرورة التوسع في إنشاء المعامل والقاعات الدراسية وتجهيزها، إلى جانب أهمية البدء بتطبيق نظام رتب المعلمين الذي لم ينجح تطبيقه نتيجة الاحتياج الكبير من المعلمين بداية كل عام دراسي، لافتاً إلى أنَّه سينتج عن ذلك توطين الخبرات والإفادة من الكفاءات وتقليص التسرُّب من التدريس، داعياً إلى تطبيق مشروع "التأمين الطبي" للمعلمين وأسرهم. الأعباء العملية الكبيرة أثرت بشكل سلبي على مدى الرضا الوظيفي لدى المعلمين المباني المستأجرة من أهم التحديات التي تواجهها وزارة التربية والتعليم حالياً