تمكن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض من تطبيق طريقة متطورة في مجال زراعة الرئة، عبر إعادة تهيئة رئتين لم تكونا صالحتين للزراعة، وهي الطريقة التي تنتهجها مؤخراً مراكز عالمية محدودة تتوافر لديها كفاءات طبية متمكنة. وأكد المشرف العام التنفيذي للمؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور قاسم القصبي أن الاستفادة من هذه التقنية المتطورة تأتي ضمن التوجه الاستراتيجي للمستشفى في مواكبة أحدث مستجدات زراعة الأعضاء، لافتاً إلى أن "التخصصي" هو المستشفى الوحيد الذي يجري عمليات زراعة الرئة على مستوى المنطقة، ويقوم بتطوير البرنامج باستمرار من الناحية النوعية والكمية، حيث تمكن خلال عام 2013 من إجراء 17 عملية زراعة رئة بنسبة نجاح تضاهي المراكز العالمية، من بينها 15 عملية لزراعة رئتين اثنتين، وعمليتان لزراعة رئة واحدة، مشيراً إلى أن البرنامج نجح في رفع معدل العمليات بنسبة مقدارها 20% عن العام 2012 الذي أجرى خلاله 14 عملية. وأوضح د. القصبي أن هذه العملية النوعية تأتي في إطار تميز المستشفى بامتلاكه منظومة متكاملة من برامج زراعة الأعضاء تضم 6 برامج متخصصة لزراعة الرئة، والقلب، والكبد، والكلى، والخلايا الجذعية، والعظام، مشيراً إلى توافر الكفاءات والكوادر الطبية والجراحية والفنية من ذوي الخبرة، والمدعومة بمختلف الخدمات التخصصية التي يوفرها المستشفى في مجال التمريض والتخدير والعناية المركزة وغرف العمليات والأشعة والمختبرات والصيدلة وسواها، مشدداً على أن مجال زراعة الأعضاء يحتاج إلى مستوى عالٍ من التنظيم والكفاءة والعمل الجماعي للوصول إلى النتائج المرجوة في مجابهة الحالات المتزايدة من مرضى الفشل العضوي في المملكة. من جانبه، قال الدكتور وليد صالح استشاري جراحة الصدر والمدير الجراحي لبرنامج زراعة الرئة في المستشفى التخصصي أن المستشفى استفاد من هذه التقنية التي تعد الأحدث في مجال زراعة الرئة، وذلك لأول مرة في المنطقة بعد أن تمكن الأيام الماضية من إجراء عملية ناجحة عبر زراعة رئتين لفتاة سعودية تبلغ من العمر 17 عاماً، كانت تعاني من وجود تكيسات في الرئتين تمنعها من التنفس بشكل طبيعي، الأمر الذي أجبرها على الاستعانة بأنبوب الأكسجين للتنفس وأصبحت مقعدة وتستخدم الكرسي المتحرك للتنقل بشكل مستمر وهو ما أثر على مستوى النمو لديها. وأوضح بأن الفتاة بدأت بعد مرور يومين من إجراء العملية في التنفس بالرئتين الجديدتين بشكل طبيعي دون الحاجة إلى أنبوب الأكسجين، بحمد الله، وأمضت عدة أيام في العناية المركزة ثم نقلت لغرفة اعتيادية مع تحسن حالتها الصحية بشكل مطمئن ويُتوقع خروجها من المستشفى خلال الأيام القليلة المقبلة لتعاود ممارسة حياتها الطبيعية. وأضاف الدكتور صالح أن العملية الأخيرة تمت عبر تقنية تروية الرئة خارج الجسم والتي تقوم بإعادة تهيئة الرئة غير الصالحة للزراعة التي لا يستفاد منها عادة بسبب وجود سوائل محتقنة داخلها، تبلغ نسبة حدوثها نحو 60% من حالات الرئة للمتبرعين المتوفين دماغياً، موضحاً بأن التقنية التي استخدمت تقوم بإزالة السوائل المحتقنة من الرئة ومن ثم تزويدها بمحاليل علاجية معينة لإعادة تهيئتها، في إجراء يستغرق نحو ساعتين يتخلله اختبارات لفحص مدى صلاحية الرئة للزراعة، وبعد التأكد من صلاحيتها يقوم الجهاز بعملية التبريد لحفظ الرئة لمدة قد تمتد إلى 20 ساعة عند الحاجة حتى يتم تجهيز المريض لزراعة الرئة، مبيناً أن نتائج عمليات زراعة الرئة بالاستفادة من هذه التقنية تتفوق على الزراعة العادية، بسبب القدرة الكبيرة للجهاز على إعادة تهيئة الرئة لاسترجاع وظيفتها الحيوية بمستوى ممتاز. الفتاة بجانب والدها واستعداد لمغادرة المستشفى