إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا أبا فيصل لمحزونون، الحديث عن والد الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بقدر ما فيه من الحزن والأسى بسبب رحيله عنا فيه من الجمال والمتعة أيضاً لأنه حديث عن إنسان قريب منا حبيب إلينا يمثل لنا دنيا عشناها معه نحن الذين عرفنا بجيل الفهد حيث قضينا في عهده الميمون وتحت رعايته الكريمة جل أعمارنا منذ أن تولى مقاليد الحكم وقت نعومة أظفارنا إلى حين رحيله عنا. فقد كانت مساحة شاسعة من أعمارنا عشناها في رحابه لذلك كانت مأساتنا كبيرة برحيله المفجع، فقد كان الملك فهد - رحمه الله- مرحلة مهمة من مراحل تاريخنا المعاصر وعلامة مضيئة من معالمه ولا يمكن للإنسان إلا أن يقف أمام تاريخه وقفة طويلة متأملاً ما في مسيرة حياته من منجزات كبيرة ومتلاحقة لتنطق الحقيقة المشرقة بأنه - رحمه الله - رجل المهمات الصعبة والسياسي المحنك وعراب التعليم والأمن. فلئن كنت أنا وأبناء جيلي صغاراً وقت احتلال الكويت في الثاني من أغسطس 1990م إلا أننا كنا مدركين وقتها مدى تأثير قراره التاريخي الشجاع باستدعاء القوات المشتركة لتحرير الكويت ودحر النظام العراقي السابق، ولئن شكلت أسماء ووقائع مثل: (سكود، الأسلحة الكيماوية، اجتياح الخفجي مصدر خوف وهلع بالنسبة لنا كأطفال آنذاك، فإنه بفضل الله ثم بعقلانية الفهد وحسن تدبيره لم تدم فترة الرعب طويلاً، فقد كانت (عاصفة الصحراء) برياحها العاتية كفيلة باقتلاع خوف الأطفال من جذوره، إن ما قدمه الملك فهد- رحمه الله- لشعبه ودولته وأمته من خدمات جليلة تفوق الوصف والحصر ستبقى ماثلة للعيان شاهدة على ما قام به من جلائل الأعمال وعظائم المكارم والمآثر والتي سيذكرها الناس طويلاً ويتذكرونه بها ويترحمون عليه لكونه صنف من الرجال النوادر الذين لا يتكررون في التاريخ إلا قليلاً والذين سيبقون مكان القدوة وموضع المثل لمن بعدهم من أجيال، فقد استطاع بحكمته وحنكته وبما حباه الله من سعة أفق وبعد نظر أن يجنب المملكة العربية السعودية والأمة العربية والإسلامية العديد من المآزق والصراعات الإقليمية والدولية وتمكن أيضاً من تحقيق المكانة الرفيعة لأبناء السعودية وحصد لنا إثر ذلك التقدير والاحترام من جميع دول العالم قاطبة. لأجل ذلك سيبقى خالداً في قلوبنا إلى الأبد، رحم الله الفهد وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وحفظ الله الوالد والقائد والمعلم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأمده بعونه وتوفيقه وسدد على دروب الخير خطاه وعاشت بلادنا ترفلفي ثياب العز والسؤدد وتنعم بالأمن ورغد العيش.