في الحديث الشريف (صوموا تصحوا).. أي أن الصيام مفيد للصحة.. وأن الصحة تجيء بالصوم والامتناع عن الطعام.. ومن طرق العلاج التي اكتشفها الأطباء العلاج بالجوع.. أي العلاج بالصوم! فنحن عندما نصوم فإننا نعطي لأجسامنا إجازة من العمل اليومي المتواصل.. في استقبال وطحن وهضم وإخراج الطعام.. تماماً كما يأخذ الموظف إجازة من الشغل لكي يستريح من عناء الوظيفة.. ولاسيما جهاز المعدة.. فهذا الجهاز يعمل يومياً وعلى مدار الساعة على هضم أنواع مختلفة من الطعام.. ومجيء شهر رمضان فرصة ثمينة لإراحة هذا الجهاز وبقية أعضاء الجسم الأخرى! إذن.. رمضان فرصة للتقليل من الطعام.. فرصة لإنقاص الوزن.. فرصة لإراحة المعدة. ولكننا نفعل العكس! فنحن نجلس كل يوم في رمضان وعند أذان المغرب على موائد طويلة عريضة.. تكفي لإشباع العشرات من فقراء العالم.. موائد فيها كل ما لذ وطاب من الطعام والشراب. موائد فيها الساخن والبارد والحامض والمالح والحلو.. موائد فيها المشوي والمقلي والمسلوق.. موائد فيها البروتينات والنشويات والسكريات. ونصف هذه المائدة يرمى في برميل الزبالة. وبعد هذه المائدة الطويلة يجيء الشاي والقهوة.. مع متابعة لمسلسلات وبرامج رمضان.. وبعد ذلك يجيء موعد صلاة العشاء والتراويح.. ويكون أداؤها صعباً وشاقاً لمن قام بملئ معدته بالكامل ولم يترك فيها مجالاً للتنفس! وبعد صلاة التراويح.. تلتقي العائلة ويلتقي الأهل ويلتقي الأصدقاء.. ويكون هناك بالطبع تناول لبعض بقايا الفطور وبعض الأطعمة الخفيفة والتي لاتؤكل إلا في رمضان.. ويأتي الشاي والقهوة والنعناع. وأخيراً.. وقبل أذان الفجر يتناول الجميع طعام السحور.. منهين بذلك رحلتهم اليومية مع الأكل والشرب.. وهكذا حتى نهاية الشهر.. وبعد نهاية رمضان يرى الواحد منا نفسه في المرآة وقد زاد وزنه كيلو أو أكثر من كيلو.. مع أنه في شهر ليس فيه إلا وجبتين فقط.. الفطور والسحور.. ومع أن مدة ساعات الصيام - هذه الأيام - 15 ساعة.. يعني أكثر من نصف اليوم صيام.. بينما ساعات الأكل والشرب 9 ساعات فقط! ولذلك فالمعدة تصرخ كل عام في هذا الشهر.. تقول ارحموني! فهل من مستجيب؟!