في مقالٍ سابقٍ تطرقتُ إلى معاناة المتقاعدين مع جهتهم الحاضنة "المؤسسة العامة للتقاعد" وبطئها غير المفهوم في إصدار نظامٍ جديدٍ للتقاعد يأخذ في الاعتبار كل احتياجات المتقاعدين، وهمومهم، ورفضها غير المفهوم لزيادة المعاش التقاعدي، وإعادة النظر في: طرائق احتسابه وتوزيعه، ونصيب المستفيدين من الورثة، ومُدة الخدمة الوظيفية، والعلاوة السنوية، وضرورة أن تحرص المؤسسة على متابعة هذا الملف المهم، وغيره من الملفات التي تخص حقوق المتقاعدين، مثل حرصها على متابعة استثماراتها المحلية والخارجية في أموال ومدخرات موظفي الدولة. في تطورٍ إيجابي، وإن كان لا يكفي، انتقد مجلس الشورى بِشدة - في مناقشات مستفيضة - أداء المؤسسة العامة للتقاعد، وطالبَ بضرورة العناية بالمتقاعدين البالغ عددهم ( 1,6 ) مليون مواطن ومواطنة، بما يكفل لهم ولأُسرهم الحياة الكريمة، خاصَّة أنَّ نحو40% من أعدادهم يسكنون في منازل مستأجرة، وفق دراسة أعدتها الجمعية الوطنية للمتقاعدين. من أبرز مطالب المجلس: زيادة معاشات المتقاعدين وامتيازاتهم!! لمواجهة الظروف المعيشية، وغلاء الأسعار. ولفت النظر إلى أنَّ بعض المتقاعدين من أصحاب المعاشات المتدنية يلجأون إلى الضمان الاجتماعي لتغطية احتياجات أُسرهم. منح المتقاعدين بعض الامتيازات الممكنة، مثل: العلاوة السنوية، والإعفاء من رسوم الخدمات الحكومية، أُسوة بالدول المجاورة والمتقدمة. ومنح المرأة العاملة حق الاستفادة من معاش زوجها المُتوفى، وتطبيق برامج وخدمات تكافلية للمتقاعدين، وفق ما هو معمولُ به في الخارج. إصدار نظام جديد للتقاعد، وانتقاد المؤسسة لمماطلتها في إصداره، وإخضاع المسألة للدراسة منذ أكثر من تسع سنوات، واعتبار النظام الحالي قديماً ومتواضعاً. إعادة النظر في الوضع العام للمؤسسة العامة للتقاعد، لتنامي العجز في حساب المتقاعدين، عاماً تلو عام. ومن ذلك العجز الذي تعانيه المؤسسة في معاشات العسكريين، رغم تغطية وزارة المالية ذلك العجز مؤخراً. مطالبة محافظ المؤسسة العامة للتقاعد، بالحضور، واطلاع المجلس على حقيقة المركز المالي للمؤسسة، وسياساتها الاستثمارية، وآلية استثمار وارداتها، والأسباب الفعلية التي تقف خلف خسائرها الاستثمارية. على أيَّة حال، ورغم التوافق المجتمعي، وقرارات ومطالبات مجلس الشورى، بتحسين أحوال المتقاعدين، لا تزال المؤسسة العامة للتقاعد ترفض، وبإصرارٍ عجيب، تطبيق كل ذلك. منذ نحو عامٍ ونصف، صدر قرار مجلس الشورى برفع الحد الأدنى لمعاشات المتقاعدين إلى (4000 ريال) ، ولا تزال المؤسسة ترفض تطبيق هذا القرار، بدعوى التكلفة المالية العالية التي ستؤدي إلى زيادة العجز في حساب المتقاعدين. وقامت عوضاً عن ذلك في تنصلٍ واضحٍ من مهامها القانونية والنظامية، بالتنسيق – كما تدعي - مع الضمان الاجتماعي لشمول المتقاعدين الذين تقل معاشاتهم التقاعدية عن 3000 آلاف ريال بمظلة الضمان الاجتماعي وفقاً لنظامه وتغطية الفرق بين المعاش ومبلغ الثلاثة آلاف ريال. كلمة أخيرة: وصف أحد أعضاء مجلس الشورى المؤسسة العامة للتقاعد بأنَّها تقف خلف قتل كل فكرة أو رؤية تستهدف تحسين أحوال المتقاعدين، وتصر على تعطيل كل مشروع لزيادة معاشاتهم، وتفرض نفسها خصماً وحكماً، وهذا في تقديري هو الظلم والغبن بعينه. ومن ثمَّ، والحال كذلك، فلا بدَّ من إعادة النظر في آلية إدارة المؤسسة، وتكليف من يراه ولي الأمر مؤهلاً للعمل على ترجمة تطلعات المتقاعدين، واستشعار معاناتهم المعيشية المتفاقمة.