من أجمل ما تختزله ذاكرتي من الأحداث الجميلة بداية دراستي في الصف الأول ابتدائي، هو انتظاري الملهوف للبدلة الرياضية التي كانت توزعها المدرسة على الطلاب بداية العام الدراسي عن طريق وزارة المعارف، وكانت من اللوازم الضرورية التي تلتزم بها كل مدرسة، وهي عبارة عن ترنق رياضي أخضر اللون على جوانبه ثلاثة خطوط بيضاء، ومعه جزمه بيضاء ذات حبال أعزكم الله، وأنت وحظك هل تجد ما يناسب مقاسك أو لا، وكان حينها مدرس التربية الرياضية حيوي وجاد وشديد، ومما يزيد رعبنا منه هو أنه كبير الجسم والبنية- حفظه الله- إن كان حياً ورحمه الله إن كان راحلاً ، وكان لا يرضى بالتهاون والتساهل في أداء التدريبات الصباحية المعتادة، وكان إذا رأى طالباً يتراخى حدق بعينيه، وكان يعطي النشيد الوطني اهتماما بالغا بعد فراغ التدريبات ويطلب من الطلاب ترديده بصوت مرتفع، ولا يقبل البتة تخلف أي طالب عن حصة الرياضة إلا بعذر مقبول، وكانت حصص الرياضة ليست على وتيرة واحدة، بل ينوع في ألعابها تارة كرة قدم وأخرى كرة تنس وثالثة كرة سلة وبعضها جري وأخرى قفز. اليوم الرياضة المدرسية مقارنة بالأمس، أرى أنها قد قصرت بعض الشيء في تحقيق أهدافها التربوية، كتعزيز الثقة بالنفس من خلال لعبة القفز والجري، أو تنمية الروح الجماعية من خلال لعبة كرة السلة أو كرة القدم، أو إكساب الطالب مهارة التركيز الذهني والتحدي من خلال لعبة كرة تنس الطاولة، أو غرس خلق الشجاعة والبسالة من خلال تدريبه على ركوب الخيل أو الرمي أو السباحة، ولا زلنا وللأسف نرى اهتماما كبيرا بإقامة المنافسات الكروية كبطولة المدرسة للفصول، وإهمال بقية الألعاب الأخرى، وهذا فيه إجحاف في حق بعض الطلاب، وذلك لتنوع الرغبات وتفاوت القدرات والمهارات بين الطلاب. ما أود الوصول إليه وإيصاله، هو أن الرياضة المدرسية يجب أن يعاد النظر فيها، كمادة تربوية لها أهدافها وأبعادها وليست مادة كمالية اختيارية، وعليه يجب أن يبحث المسؤولون والمختصون في وزارة التربية وزملاؤهم في رعاية الشباب عن أبرز السبل الكفيلة لجعلها مادة ذات خصوصية بالفعل كما كانت في السابق، وأن يراعى فيها تنوع رغبات وقدرات الطلاب، وأن لا تكون مادة كرة قدم فحسب، بل تكون مطابقة لمسماها الفعلي "تربية بدنية"، أي تهتم بالعقل والجسد والروح. أتمنى أن يكون للمقال صدى وأثر لدى - وزارتنا الموقرة - وزارة التربية والتعليم. * المرشد الطلابي بالمرحلة الابتدائية بمدارس الرياض