يرتاح المرء وهو يرى بعض المراجعين يفسحون المجال أمام كبير السن أو المعوق، وكذا بذل بعض الأخيار من الموظفين جهدهم لمساعدته في تلقي الخدمة قبل غيره إن تمكن من ذلك. والملاحظ أن الغربيين يتفانون في خدمة كهذه ويرون مكانة إنسانية تعطي الضعيف حقه من العون. حتى منفذي القانون من رجال شرطة وطاقم مستشفيات يكرمون من حدّته ظروفه الصحية والجسدية أن يتجاوز في طلبه. عبارة blind justice الانجليزية معناها - العدالة العمياء. وهي تعبير مجازي تعني أن القاضي، أو بعض القضاة لا يأخذ بعين الاعتبار أو يراعي ملابسات الحالة، بل يُطبق ما تقوله الفقرة. وقال قاض انجليزي فكه إنه في القضية التي أمامه يريد أن يعكس المصطلح فقال: انقلوا عني أيها الحضور انني سألتزم هذه المرة بعبارة جديدة تقول: Justice for The Blind، أي: لننصف الأعمى. والقضية التي كانت أمامه هي قضية رجل أعمى يقتات من بيع الصحف في مبسط في مدخل عمارة. ووضع إناءً يترك المشتري فيه قيمة الصحيفة. وأحسّ الأعمى بفقدان عدد واحد من مبيعاته اليومية، فكان يدفع ثمن المفقود من دخله. شكا حاله إلى الشرطة المحلية، وعيّنت مُخبراً يراقب المشترين عن بُعد، وتمكنوا من القبض على اللص مُتلبساً، وأقرّ بفعله وبالبينة أمام القاضي. فقال له القاضي عند اصدار الحكم: أولاً: عليك أن تدفع ثمن ما سرقت... إلا إذا تنازل المدعي عنه جزئياً أو كلياً. ثانياً: عليك أن تؤدي خدمة اجتماعية مدتها شهر واحد. بدوام كامل من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساء، وبدون راحة اسبوعية، وبدون راتب في مبرة رعاية فاقدي البصر التي تبعد عن مقر هذه المحكمة 25 كيلومتراً. وبالطريقة التي تراها ادارة المبرّة. ثالثاً: ما لم تثبت تنفيذ الحكم، بشهادة من المبرّة، في نهاية المدة، فإنني سأصدر مذكرة جلب بحقك، هنا، بتهمة إبطال حكم قضائي. وهذا له جزاء آخر. رأيي أن تلك الفكرة لم تكن خطرت في ذهن القاضي بالصدفة، بل أراد أن يقول للمجتمع: انتبهوا إلى عواقب الأفعال السيئة، مهما صغُرت.