يقال في معرض الذم لبعض الأشخاص الذين تبدر منهم كلمات أو سلوكيات خاطئة انهم: (تربية شوارع) ذلك ان البيت والمدرسة يعملان جاهدين على أن يكتسب المرء صفات وسلوكيات حميدة، ويتم متابعة ذلك من خلال وجود الأب والأم في المنزل والمعلم في المدرسة مع الدور الذي يقوم به المسجد فلا يتعلم إلا كل خصال للخير.. أما الشارع فإن الرقابة في أغلب الأحيان غائبة، ويصبح الشارع كالفصل الذي غاب عنه المدرس فنادراً ما يسود الهدوء ذلك الفصل. وتفتقد شوارعنا حالياً إلى المراقبة العفوية التي كانت موجودة في السابق من خلال جلوس بعض الآباء في (قرنة) بعض الشوارع و(دكاتها) للمؤانسة ثم ما يحدث معها من عفوية المراقبة للشارع فلا يمر إلا شخص يعرف ولا يقال إلا قول معروف. واليوم من خلال مدرسة (البقالات) والتي لا ينتمي فيها الرقيب للوطن وتنتشر فصولها بين الأحياء ويحضر فيها الأولاد فيتربى على كل عادة سيئة ليس أقلها ما يفعله باعة تلك البقالات من بيع حبات (التبغ) منفردة على الأطفال!!.. وقد أدى ذلك إلا ما أشرت إليه في المقال السابق من حبس الأطفال طيلة الوقت في المسكن وهو ما يضر بشخصيتهم وتفاعلهم مع أقرانهم. ثم إن المشكلة التي تكتنف معظم أحيائنا هي أنها مشرعة الشوارع ولها أكثر من مائة مدخل ومدخل.. وليس لها أي بوابة تخبرك أنك في حي كذا وخرجت من حي كذا.. وهذا الأمر يجعل تربية الشارع أكثر سوءاً وأكثر خطورة أمنية حيث ان المرور في الشارع مشروع لكل أحد وليس قصراً على ساكنيه. فلم لا تغلق أحياؤنا وتصبح مخصوصة بساكنيها فقط؟ لنخفف من أن تكون تربية شوارعنا سلبية ونحاول جهد أنفسنا أن نجعلها محايدة وان كنا نرغب أن يكون الشارع يربي بشكل إيجابي، بما يحويه من عناصر جمالية وفرش جميل وإبداعات في الإنارة وجلسات لكبار السن ويطل على ملاعب آمنة وحدائق غناء. فهل يأتي اليوم الذي نمتدح فيه تربية شوارعنا؟! [email protected]