إن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي (ينطق اسمه بالياباني آبيه بالهاء المخففة) للمملكة العربية السعودية تعتبر زيارة تاريخية لأنها تفتح المجال لمرحلة جديدة في العلاقات نحو أفق أوسع ونحو تكوين شراكة إستراتيجية. الأشياء المشتركة بين اليابان والسعودية أكثر من أن تعد سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو حتى الثقافية فالبلدان حاولا التطور دون إهمال أنهما بلدان شرقيان لهما تاريخ وعادات وقيم. ربما أستطيع الحديث عن العلاقات بين البلدين من واقع تجربة من خلال إقامتي في اليابان منذ سنين وان كثيرا من المسؤولين اليابانيين يعتبرونني صديقا لبلدهم وفي نفس الوقت أنا مواطن سعودي. قد يقول قائل العلاقات السعودية - اليابانية قديمة ومستقرة منذ عقود إذن ما الذي تغير الان ولماذا هذه الزيارة تكتسب أهمية خاصة؟ قبل سنوات كان السفير السعودي السابق في اليابان الأستاذ فيصل طراد صاحب الخبرة الدبلوماسية الواسعة والشخصية المحببة الذي افتقده الجميع في اليابان يعمل بجد لتطوير العلاقات السعودية - اليابانية ونقلها نحو آفاق متعددة وكثير من المشاريع والابتعاث بدأت على عهده . أما من الجانب الياباني فإن تعيين السفير الياباني الجديد في المملكة جيرو كوديرا ذي الخلفية والخبرة الدبلوماسية الكبيرة أعطى دفعة لحركة العلاقات فالبرغم من قصر المدة التي قضاها إلا أن آثاره وحركته لتطوير التعاون السعودي - الياباني واضحة للجميع. إذا جمعنا هذه العوامل في وجود حكومة جديدة ورئيس وزراء مخضرم مثل شينزو آبي الذي اتخذ خطوات جريئة سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي فسنرى حركة ديناميكية السياسة اليابانية مثل السياسية التي تدعى ابينوميكس ! هذا يثبت أن السياسة اليابانية الحالية قادرة على اتخاذ قرارات جوهرية وشجاعة وجعل العلاقة بين السعودية واليابان ليست محصورة فقط في بيع النفط واستيراد المعدات بل نتكلم عن نقل التقنية والتعاون في الأبحاث والتدريب لقد سعدت جدا عندما ذكر رئيس الوزراء الياباني التعاون في المجال الطبي فاليابان والتي تتميز بخدماتها واكتشافاتها الطبية ترحب بالتعاون السعودي في هذا المجال ولقد كان لي شرف قبل سنوات بتنسيق وإعداد واحدة من أوائل مذكرات التفاهم الطبية بين السعودية واليابان. وهناك مجال آخر واعد أعتقد التعاون سيكون مثمرا فيه وهو الطاقة الشمسية التي كتبنا عنها عدة مرات خصوصا أن السعودية ستستثمر 400 مليار في مجال الطاقة المتجددة. الجميل في اليابانيين أنهم شعب كريم في نقل التقنية وتعليمها في كل المجالات ولا يحبون احتكار المعرفة. مجال آخر نحبذ أن يتم التركيز عليه وهو قطاع المواصلات للأسف هناك تردد من بعض الشركات اليابانية للدخول في مجال مشاريع النقل العام خصوصا المترو والقطارات السريعة ! وكما كتبت منذ مدة طويلة كم أتمنى أن أرى في يوم ما قطار الطلقة الشنكانسن يخترق الأراضي السعودية بين مدينة وأخرى! أوجه التعاون كثيرة لكن الأهم هو التفعيل واستمرار تطوير المجالات فما دامت الإرادة السياسية موجودة من الطرفين فلا اعتقد أن هناك أي معوقات كبرى وقد قرأنا كلنا مقولة خادم الحرمين الشريفين-حفظه الله- عندما قال (نعتبر اليابان من اقرب الأصدقاء للمملكة). *مما قيل هذا الأسبوع : إنها الذكرى الثامنة لتولي أبو الأمة وحبيبها خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم عندما ترى من حولك لا تصدق أن كل هذه الانجازات والتطور والتحول في البلد حدث في هذه المدة القصيرة بعمر الأوطان! لقد تغير وجه البلد من جميع النواحي سواء سياسيا أو اقتصاديا أو علميا وكما بني الحجر فقد اهتم ببناء الإنسان أكثر ! (ربع الميزانية الترليونية السعودية على التعليم) كلنا عشاق لهذا الملك العادل. اجزم أن من أسباب دخول حديث الملك لقلوب الشعب انه عندما يتحدث فهو يتحدث من قلبه لذلك يصل مباشرة إلى قلوب الناس.. انه حديث القلوب الذي يكون صادقا وصافيا لذلك له تأثير السحر.. اللهم أحفظ لنا أبا متعب وأمده بلباس الصحة والعافية يا عزيز يا كريم .