تٌسجل يوميا 167 مليون مشاهدة لليوتيوب عالميا، 90 مليون منها قادمة من المملكة. الرقم مذهل! لماذا يتصدر السعوديون قائمة الشعوب الأكثر مشاهدة لليوتيوب ؟ هناك العديد من الإجابات، تتراوح بين أكثرها بساطة وسطحية «ما عندهم شيء ثاني يسوونه» أو إجابات أخرى مركبة، في الحقيقة يمكن طرح العديد من الإجابات دون الجزم بإجابة محددة كعامل حاسم، إذ تتضافر عوامل متعددة في صناعة واقعة معينة، لكن بالتأكيد كون اليوتيوب فضاء إعلامياً غير مقنن ومفتوح عامل رئيسي فيما أزعم، واعتبار أكثر المشاهدات عبر الهواتف الذكية تعطي مفتاح آخر للتحليل، مع كون السعوديين يساهمون في صناعة محتوى اليوتويب أيضا، ويتداولون الروابط عبر تويتر والواتساب والبلاك بيري ..الخ. السعوديون لا يشاهدون اليوتيوب فقط، بل يساهمون في صناعة محتواه، من أكثر المقاطع عفوية لطفل يلاعب ضباً (عض أصبعه في النهاية!» حتى برامج النقد الاجتماعي الجديدة «التاسعة إلا ربعاً، على الطاير، لا يكثر، مسامير، ايش اللي ..الخ». من هنا لا يمكن اعتبار السبب هو بكل بساطة «ما عندهم شيء ثاني يسوونه» فهناك أشياء أخرى يفعلونها، لا يأتي لعب البلوت في أخر القائمة على أي حال. لكن هناك حالة تبادلية مع اليوتيوب، صناعة محتوى ومتابعة، يجب عدم إهمال هذه النقطة المهمة في تحليل سبب تصدر السعوديون لقائمة المشاهدات. ملاحظة أخرى، التأكيد على صناعة المحتوى لا يعني أن السعوديين يشاهدون المقاطع «السعودية» فقط، لكن يعني أن المقاطع المحملة محليا عامل جذب أساسي للموقع ككل؛ فمعدل تحميل السعوديين للمقاطع على اليوتيوب (صناعة المحتوى) زادت بنسبة 200% خلال العام الماضي عن الذي سبقه، وبذات اللحظة زادت معدل المشاهدات بنسبة 260% ولا يمكن فصل هذه المعلومتين عن بعضها على أي حال.. وهذا ما حصل في بلدان عربية أخرى، إذ قفزت معدلات تحميل المقاطع على اليوتيوب في مصر 150% فزادت نسبة المشاهدات 200%. كما قفزت في الأردن 140% فزادت المشاهدات 240%، وذات الأمر حدث في تونس واليمن. وجود محتوى مصنوع محليا يعني أنه جزء من ثقافة المتلقي، يخاطب همومه ومشاعره ورغباته، هذا التماهي مع المحتوى يحول المشاهد إلى مروج «لرابط اليوتيوب بالتأكيد» ..هل يمكن تخيل حجم تداول روابط اليوتيوب بدون موقع تويتر؟ هل سيكون لها ذات الرواج ؟. السعوديون يبحثون عن فضاء عفوي للتعبير، لا يوجد عليه رقابة من أي مصدر كان، واليوتويب يقدم هذه الميزة، باعتبار المحظورات في اليوتيوب محدودة جدا، فهو من أكثر الفضاءات حرية في مجال الإعلام.. بالإضافة إلى كون الإعلانات على موقع اليوتيوب – حتى الآن – لم تكن وقحة جدا، أعني أنها ليست إعلانات طويلة ومملة في الغالب، بل قصيرة ويمكن تجاوزها بعد عدة ثوان غالبا، وبعضها مصنوعة باحترافية عالية وجذاب بحيث إنه يستحق المشاهدة أيضا. السعوديون يريدون التعبير عن ذواتهم، وهذه عملية تبادلية، بين صناعة المحتوى ومشاهدته، ورواج الروابط عبر الهواتف الذكية، وأرقام ومعدلات استخدام الإنترنت، مع نسبة الشباب من عدد السكان الكلي، كل هذه العوامل تساهم بطريقتها في تلك النتيجة المذهلة والمثيرة بأن السعوديين من أكثر الشعوب مشاهدة لليوتيوب عالميا.