منذ أن حمل قائد المنتخب السعودي أسامة هوساوي حقائبه وغادر الهلال إلى أندرلخت البلجيكي كتبت حينها في "دنيا الرياضة" أن هوساوي نجح في الوصول إلى حلمه الذي نادى به كثيرا وتنازل عن عرض الهلال لينتقل إلى أوروبا، وذكرت أنه يقف على بداية طريقين، الأول يذهب به بعيداً على خطى العماني علي الحبسي لكن هذا الطريق يحتاج صبر وتضحيات وتنازلات كثيرة وطريق آخر مثل حسام غالي يعيده سريعاً للدوري السعودي حيث الأضواء والمال، ويبدو أن هوساوي سلك الطريق الأخير بل تجاوزه بسرعة جنونية فلم يلبث في تجربته الأوروبية إلا أشهراً قليلة قبل أن يحمل حقائبه ويعود للملاعب السعودية في خطوة أرى أنها صدمة للرياضة السعودية ككل بغض النظر عن النادي الذي توجه إليه بعد العودة، لأنه كان طيلة الموسم ونصف الموسم يملأ الدنيا ضجيجاً بطموح الاحتراف الخارجي واللعب في البطولات الأوروبية ورسم آمال وأحلام كانت له وللمتابع الرياضي الذي مل وهو ينتظر رؤية هوساوي يلعب في "الشامبيزليج" أمام ميلان أو ملقا أو حتى زينت الروسي إلا أن ذلك لم يتحقق طيلة الفترة الماضية. هوساوي الذي وصل لفريق بحجم أندرلخت فشل في إقناع مدرب الفريق فعلى الرغم من أن تصريحاته بعد الانتقال جاءت على أنه سيركز على التدريبات لحين أن تصل له فرصة اللعب أساسيا في الفريق إلا أن هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح بعد ظهور الملايين والتي أغرت المدافع السعودي بالتنازل عن حلمه الأوروبي، وقتل حلم الكثير من السعوديين عدم قناعة المدرب بإمكانياته ليس مبرر لأن يعود للملاعب السعودي فعلى سبيل المثال المدافع الشاب عبدالله الحافظ عندما هبط فريقه يونياو ليريا إلى الدرجة الثانية كان باستطاعته العودة للدوري السعودي وبملايين الريالات ولكنه فضل البقاء في البرتغال والقتال للوصول إلى حلمه الأوروبي فأنتقل لنادٍ أفضل من ناديه الهابط للدرجة الثانية ليضرب بذلك مثالاً حياً على طموح اللاعب في الاحتراف الأوروبي وحمل لواء الكرة السعودية وتطوير إمكانياته الفنية ولا أنسى بقية المحترفين الشبان في البرتغال مثل صالح الشهري وقصي الخيبري وصقر عطيف وعبدالله عطيف وعليهم الاقتداء بقائد منتخب الشباب عبدالله الحافظ من خلال البحث عن الفائدة الفنية لا المالية خلال هذه التجارب الخارجية. عودة هوساوي للملاعب السعودية ظهرت منذ احترافه الأوروبي إذ كتب عدد كبير من الإعلاميين السعوديين أن اللاعب لا يحظى بثقة مدرب الفريق وأن اللاعب فتح خط العودة للملاعب السعودية إلا أنه نفى ذلك في أكثر من موقف مؤكدا على أنه يحظى بثقة مدرب الفريق وأنه سيضاعف جهده في التدريبات لتقديم الكثير حتى يصل للتشكيلة الأساسية، بيد أن مدرب أندرلخت البلجيكي ذكر في تصريح صحفي بثته وسائل الإعلام البلجيكية عكس ما كان يتحدث به هوساوي إذ قال: "هوساوي لاعب فقير فنياً ولا يمتلك أساسيات الكرة وخروجه في الانتقالات الشتوية بات أمرا محسوما". هذا التصريح فتح آفاق عودة هوساوي للدوري السعودي، وأرى أن هذا التصريح يسيء للرياضة السعودية ككل أن يكون قائد المنتخب فقير فنياً ولا يمتلك أساسيات الكرة وهو ما يؤكد ضعف الدوري السعودي فنياً وأن قوته تمكن في الحضور الجماهيري ببعض المواجهات الكبيرة والضجيج الإعلامي ولكنه يفتقد للقوة الفنية بسبب ضعف أداء غالبية اللاعبين، وهذا الأمر يفتح باب التساؤل (إن كان اللاعب السعودي يملك إمكانيات فنية كبيرة لماذا لم يصطحب أحد المدربين لاعباً سعودي معه في دوري أوروبي؟ وأحد أهم المدربين؛ البرتغالي جوزيه بيسيرو والذي سبق له قيادة الهلال ثم المنتخب السعودي وبعد أن عاد للعمل في الدوري البرتغالي بنادي سبورتينغ براغا لم يصطحب لاعباً سعودي معه على الرغم من معرفته باللاعبين كافة من خلال إشرافه على تدريب المنتخب السعودي، وفشل هوساوي في تجربته الاحترافية يفتح مواضيع عدة من ضمنها ضعف إمكانيات اللاعب السعودي الفنية والتي لا تؤهله للعب أوروبياً إن وصل لمرحلة عمرية متقدمة وهو ما يتنافى مع احتراف الشبان في البرتغال وهو الأمر الذي سيعود عليهم بالفائدة من خلال تطوير إمكانياتهم وبنيتهم الجسدية. وضعف إمكانيات اللاعب السعودي تعود لأسباب عدة من أهمها غياب المدرب الجيد في الفئات السنية والتي يشرف عليها مدربون من جنسيات عربية إلا في أندية بسيطة يكون المدرب أوروبيا أو برازيليا أما البقية فيكون المدرب عربياً ونسبة كبيرة من المدربين العرب يبحثون عن المال قبل العمل، ونعتقد أن الفئات السنية تحتاج لعمل مستقل من خلال التعاقد مع مدربين ذي كفاءة عالية قادرين على صناعة اللاعب وليس بالضرورة أن يلعب اللاعب بموهبته فقط، وأخيراً لو خرج عبدالعزيز الكلثم أو ريان بلال أو إبراهيم شراحيلي لمدة شهر أو شهرين لأكاديمية أوروبية أو لاتينية بعد تمثيلهم للفريق الأول إذ كانت فترة تألقهم مع أنديتهم لتطورت إمكانياتهم ورأيناهم يحجزون خانات أساسية مع الهلال والنصر وهذا الأمر ينطبق على معظم اللاعبين الشبان والذين عادة ما يصلون للفريق الأول ويلعبون موسمهم الجديد بالحماس والموهبة التي تندثر مع الزمن ويقتل معها الحماس ويختفي نجم لاعب شاب كانت الرياضة السعودية ترسم عليه آمالا وتطلعاتٍ عديدة.