شهدت غالبية المحافظات الأردنية أمس احتجاجات واسعة على قرار الحكومة الأخير رفع الدعم عن المشتقات النفطية أدت إلى 17 إصابة بينها عشر إصابات بين قوات الدرك. وطالب المحتجون "باستعادة أموال الشعب من الفاسدين بدلا عن تحرير الأسعار". وتأتي الاحتجاجات اثر قرار الحكومة رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية ليل الثلاثاء/الأربعاء، واتخذت إجراءات احترازية لامتصاص الغضب الشعبي تمثلت بصرف دعم مالي أعلاه 420 ديناراً سنويا (ما يعادل 600 دولار )لكل عائلة تتكون من ستة أفراد شريطة أن يقل دخلها الشهري عن 800 دينار (1150 دولاراً) . وتحولت العاصمة الأردن إلى ثكنة عسكرية اثر احتجاجات واسعة أغلقت الطرق الرئيسية، وطالبت بإسقاط رئيس الحكومة الدكتور عبدالله النسور، ورفعت شعارات تجاوزت ما يسمى في الأردن الخطوط الحمراء . وردد المحتجون شعارات من بينها" هذا الأردن أردنا والفاسد ما هو منا". وفرقت قوات الدرك مئات المتظاهرين الذين تجمعوا على دوار الداخلية (ميدان جمال عبد الناصر ) باستخدام خراطيم المياه ، واعتقلت العديد من الناشطين السياسيين ، وتمركزت حول الدوار بعد الإعلان عن اعتصام مفتوح للحيلولة دون التجمع حوله . وشهدت غالبية المحافظات (الكرك ، معان ، اربد ، البلقاء ....) أعمالاً احتجاجية طالت حرق بعض المباني والمؤسسات الحكومية واطلاق النار على رجال الأمن ما أدى الى اصابة اثنين منهما بجروح خطيرة . فضلا عن اشعال الاطارات وحرق ثلاث مركبات لقوات الشرطة ورشقهم بالحجارة فاستخدمت الأخيرة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين . وعمت الفوضى غالبية هذه المحافظات مطالبين الملك عبد الله الثاني بالتدخل وإلغاء قرارالحكومة ،حتى أن مجهولين أطلقوا النار على منزل رئيس الوزراء عبد الله النسور وتظاهروا أمامه منددين بسياسته الاقتصادية . وقال المركز الإعلامي الأمني في مديرية الامن العام ان "أحداث شغب وتخريب شهدتها بعض محافظات المملكة نتج عنها عشر إصابات بأعيرة نارية بين قوات الدرك اضافة الى اصابة اربعة مواطنين بعضهم جراء اعيرة نارية، كما نتجت اضرار مادية متفرقة بعدد من المؤسسات الحكومية والاهلية وعدد من المركبات العسكرية والمدنية , وفق آخر الإحصاءات والبلاغات الواردة لغرف العمليات في مديرية الأمن العام" . وأضاف المركز الاعلامي ان :"هناك فئة استغلت اعلان الحكومة رفع اسعار المشتقات النفطية وقامت بعمليات نهب وتخريب وحرق للمؤسسات الحكومية والخاصة في بعض المحافظات وقامت تحت تلك الذريعة بارتكاب جرائمها بحق المجتمع لتحقيق مارب مالية وشخصية خاصة بها" . وبين المركز الاعلامي ان عدد من الفعاليات والاحتجاجات التي شهدتها محافظات المملكة خرجت عن طابع السلمية التي عرفت بها خلال الفترة الماضية واتسمت بالعنف والتخريب والاعتداء على مقدرات الوطن . ودعت القوى والفعاليات الشبابية القومية واليسارية، في بيان لها إلى "انتفاضة شعبية" تتوحد فيها جميع الحراكات من الشمال الى الجنوبً واعتبرت أن رفع الأسعار نهب منظم للفقراء واستهتار بمصالح ووعي الشعب . وطالبت بالعودة الفورية عن قرار تحرير أسعار المحروقات،و وقف العمل بكافة الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وعلى الصعيد الاقتصادي ، انخفض مؤشر بورصة عمان في افتتاح تعاملاته أمس بنسبة 1.1 بالمئة ليصل الى النقطة 1908 مقارنة مع إغلاق جلسة الثلاثاء عند النقطة 1930 ويذكر أن عجز الموازنة الأردنية وصل العام الحالي خمسة مليارات دينار من بينها مليار و700 مليون بسبب انقطاع الغاز المصري . من جهتها، حذرت الحركة الاسلامية المعارضة من "عصيان مدني" في البلاد بعد قرار الحكومة رفع اسعار المحروقات. ويأتي قرار رفع اسعار المشتقات النفطية قبل نحو شهرين من موعد الانتخابات النيابية المقررة في 23 كانون ثاني/يناير المقبل والتي يأمل الاردن ان تشكل نقطة تحول سياسية تاريخية في المملكة. ورأى زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن في تصريحات لوكالة فرانس برس ان قرار رفع الاسعار "شكل ضربة قاسية جدا للانتخابات التي باتت على كف عفريت". وتقاطع الحركة الاسلامية الانتخابات المقبلة احتجاجا على قانون الانتخاب . واعلنت نقابة المعلمين الاربعاء في بيان اضرابا عاما شمل قرابة 120 الف معلم ومعلمة في مدارس الاردن ردا على "قرار الحكومة الجائر وغير المسؤول برفع الأسعار ". وقال حسن المومني، عضو في النقابة، لوكالة فرانس برس ان "نحو 50% من مدارس المملكة اي حوالى 2000 مدرسة التزمت بالقرار". واضاف "انه اضراب عام مفتوح لحين تراجع الحكومة عن قرار رفع الأسعار". كما اعلنت نقابة المحاميين التوقف عن المرافعات امام المحاكم. وتستعد نقابات عمالية اخرى لاتخاذ خطوات مشابهة، فيما اعلن عدد من المجموعات الشبابية والحركة الاسلامية النية في تنظيم تظاهرات تصعيدية في مختلف مناطق الاردن. واعتبر بني ارشيد ان "قرار رفع الاسعار مؤلم بلا شك وتداعياته (ستكون) قاسية وحادة جدا"، مشيرا الى انها "ربما تتطور لحد الوصول الى عصيان مدني".