شهد الأردن خلال ال48 ساعة الماضية موجة احتجاجات غير مسبوقة، تنديداً بقرار الحكومة زيادة أسعار المحروقات، عمت مختلف مدن المملكة، وشهدت صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الدرك، رافقها إطلاق أعيرة نارية أصيب بها رجال أمن ومواطنون، إضافة إلى اعتقال عشرات النشطاء الذين رفعوا شعارات مرتفعة السقف طاولت مؤسسات سيادية في البلاد، فيما أقدم آخرون على إحراق صور شخصيات رمزية في سابقة في البلاد. وخرج آلاف الأردنيين في مدن ومناطق عدة من الشمال إلى الجنوب فور إعلان حكومة عبدالله النسور موجة رفع أسعار طاولت مشتقات النفط الأساسية بنسب مرتفعة. وردد المتظاهرون شعارات لم يعتد المسؤولون في الأردن سماعها، في حين شهدت بعض التظاهرات أعمال شغب وتصعيداً لافتاً. وزادت الحكومة الأسعار بنسب تراوحت بين 55 في المئة للغاز المنزلي، و25 في المئة للكاز والسولار، و12 في المئة للبنزين، وهي المشتقات الأكثر استخداماً بالنسبة للعائلات الأردنية في الطهي والتدفئة في الشتاء، وفي المواصلات، وخصوصاً النقل العام الذي قررت الحكومة رفع أسعاره اعتباراً من اليوم. واستخدمت قوات الأمن القوة في مواجهة اعتصام عفوي وسط عمان شارك فيه آلاف النشطاء من جماعة «الإخوان المسلمين» (المكون السياسي الأبرز في البلاد) وحراكات عشائرية وشبابية واستمر حتى ساعات الفجر الأولى من يوم أمس، مهددين بالوصول إلى «العصيان المدني» في حال لم تتراجع الحكومة عن قراراتها، وفق ما صرح به الرجل الثاني في الجماعة زكي بني ارشيد ل «الحياة». وانطلقت في وقت متقدم من مساء أمس مسيرات عدة في حي الطفايلة وسط عمان، وأقدم محتجون على إغلاق طرق في منطقة جبل التاج ووسط البلد بالحاويات والإطارات المشتعلة. وتوجه عدد من هذه التظاهرات إلى الديوان الملكي بمنطقة رغدان وسط العاصمة. وسرت أنباء لم تؤكدها الجهات الرسمية أو تنفيها عن زيارة مفاجئة قام بها ملك الأردن عبدلله الثاني إلى مقر رئاسة الحكومة فجر أمس، تباحث خلالها مع رئيس الوزراء بشأن التطورات. وقال مقربون من الحكومة ل «الحياة» ان الملك قد يحسم الموقف باتجاه التراجع عن القرارات رغم كلفة مثل هذا الموقف، ولا سيما أن التوقعات تشير إلى ان يوم غد الجمعة سيكون غير عادي اذا استمرت الاحتجاجات على وتيرتها المتسارعة وإذا دخل الإسلاميون على خط الدعوة لعصيان مدني قد يشل البلاد. في تطور لافت، حذرت السفارة الأميركية رعاياها في المملكة، وطالبتهم بأخذ الحيطة والحذر، كما طالب السفير الكويتي حمد الدعيج رعايا بلاده بقصر تحركاتهم على الأمور الضرورية مبدياً استعداد السفارة لتسهيل سبل العودة الى الكويت للراغبين منهم.