تحولت مدن المملكة إلى ورش عمل كبرى نتيجة حجم المشروعات الهائلة التي تنفذ في كافة المُدن والمُحافظات والقُرى، التي تأتي تأكيداً على حرص القيادة في تحقيق التقدم والرقي الذي يليق بمكانة المملكة كدولة رائدة بإمكاناتها، ولتحتل المكانة التي تليق بها، مما يتطلب تقدير الاحتياجات وفق الأولويات دون النظر لمنطقة دون أخرى، واستثمار مليارات الريالات التي تنفقها الدولة من أجل مشروعات تنموية سيجني ثمارها الوطن مستقبلاً، وتتطلب تخطيطاً يفعّل دور الحاجة الموضوعية وفق معايير فنية لا تستدعي تدخل «العلاقات الشخصية» في إقناع مسؤول عن حاجة جهة ما لمشروع هام أياً كان مجاله ومنطقته، في وقت ننتظر فيه تفعيل دور مجالس المناطق بالمساهمة في بحث احتياجاتها وتلبية متطلباتها. ومع كل تقدم وتطور لابد من نشوء سلبيّات لا تقلل من حجم المُنجز، لكنها تستدعي التوقف والمعالجة، ومن ذلك ما يُؤخذ على أساليب إقرار المشروعات التنموية، والحاجة إلى مراجعة تلك الأخطاء، التي قد تهدد أحياناً نجاحها، إضافةً إلى تعطل مصالح المواطنين، وعدم الإفادة منها، مما يُحتم إيجاد حلول سريعة تضمن تنفيذها في أوقاتها المُحددة، ودون تأخير. «الرياض» في منبر «ندوة الثلاثاء» تناقش مع ضيوفها هذا الأسبوع موضوع «اعتماد آلية المشروعات» نحتاج إلى تفعيل مجالس المناطق ومراجعة آلية الإقرار وتفعيل دور الرقيب الدولة تصرف مليارات الريالات على مشروعات تتطلب وعي المسؤول في المتابعة د.الصبان: الخلل في اعتماد مشروعات للوزارة وليس المنطقة.. و«مركزية القرار» خطط موضوعة في البداية قال: «د.عيدروس الصبان»: إن آلية اعتماد المشروعات للمناطق والمدن والمحافظات، يتم وفق خطط موضوعة لمشروعات متوافقة، التي تُعد من الجهات المحلية داخل كل منطقة، وتتطابق مع الأهداف المعلنة من الدولة، مضيفاً أن وزارة المالية تُعد مُشرّعاً يعتمد على مسوغات تؤكد الحاجة إلى التنفيذ، وبالتالي حين يأتي إقرار المشروع يتم النظر إلى منطقية الطلب وتدعيمه، مؤكداً على أن الاعتماد يتم بناءً على موازنات المشروعات وفق ما أقرته وزارة التخطيط في كافة القطاعات. د. الغامدي: النجاح والإخفاق يعتمدان على قدرة الجهة في إقناع «وزارة المالية» وأشار «د.وديع كابلي» إلى الخطط الخمسية التي بدأت عام 1970م، التي أُعدت بعد التشاور مع جميع الوزارات والجهات، لتقديم مرئياتها واحتياجاتها من المشروعات والأهداف، حيث تأتي ضمن خطط طويلة الأجل تمتد إلى (30- 40) عاماً، وتأتي لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، متأسفاً على عدم التزام تلك الجهات بالخطط الثماني التي سبقت، لافتاً إلى أن عدم الالتزام بالخطط الخمسية أدى إلى تمايز بعض المناطق، وحصولها على أكثر مما رُصد لها في الخطط، في حين كان نصيب البعض الآخر من المناطق أقل من الذي كان معداً لها في الخطط، إضافةً إلى زيادة مشروعات لم تكن مدرجة في الخطة والعكس، من خلال إلغاء مشروعات كانت مدرجة في الخطة، مما أدى إلى نشوء نمو غير متوازن، حيث يفترض أن ينشأ بناءً على الأولوية والأهمية، مشدداً على معالجة الأوضاع التي نشأت في مراحل سابقة لظروف مختلفة، وفقاً لرؤية اقتصادية طويلة الأجل، ومجزأة إلى مراحل، بعيداً عن العشوائية والبطء، حتى لا نقع في فخ تغير الأولويات، وتغيّر المُشرعين في الوزارات، ثم فقد تلك المشروعات أهميتها وتتعرض للتعطيل، مؤكداً على أن المالية ليست معنية بالتخطيط لوحدها، وبالتالي قد تتعرض المشروعات للتجزئة. د. كابلي: التمويل الضئيل وقلّة العمالة يعطلان التنفيذ معايير محددة وكشف «د.عبدالله الغامدي» عن الدور المفقود للإدارة المحلية في إقرار المشروعات، وافتقادها للتنسيق والترتيب في عملية التنفيذ، مضيفاً أن ذلك أثّر على تعطل مصالح الناس وخلق مشكلات نُحن في غنى عنها، مبيناً أنه يمكن تجاوز العوائق لو كانت الإدارة المحلية قائمة بدورها، ذاكراً أن ما نراه من تداخل وتعطيل جاء لغياب التنسيق المسبق، مشدداً على ضرورة اعتماد التوجه العام للدولة فيما يخص الخطة التنموية والإستراتيجية والنمو السكاني، واعتماد معايير محددة، تؤخذ في الحسبان عند إقرار المشروعات التنموية ضمن ميزانية الدولة، حتى يكون هناك توزان بين مناطق المملكة، مقترحاً تغيير ما يتبع حالياً في آلية إقرار المشروعات التي تعود لعدد من الوزارات، وليس لوزارة المالية وحدها، موضحاً أن كل وزارة تضع مشروعاتها وتعتمدها وزارة المالية بناءً على الميزانية العامة التقديرية للدولة. مشروعات بالمليارات تحت رحمة «مقاولي الباطن» من دون محاسبة علنية وأضاف: نجاح أو إخفاق منطقة ما في الحصول على احتياجاتها من المشروعات يعود إلى إقناع تلك الجهة لوزارة المالية، مؤكداً على أنه من المهم إقناع المسؤولين في كل منطقة بأهمية تلك المشروعات، كاشفاً عن الخلل التنموي السابق حين تم التركيز على مناطق بعينها وأهملت الأطراف، مما أدى هجرة جماعية على المدن الكبرى، سببت خللاً تنموياً كبيراً. عمالة ناقصة وأكد «د.الصبان» على أن بعض الموظفين لا يملكون القدرة على إقناع المسؤول في وزارة المالية بأهمية مشروعاتهم، مضيفاً أنهم يفتقدون معايير وبيانات إحصائية تدعم مطالبهم حين ندبهم لمناقشة مشروعات منطقتهم، مما يؤدي إلى عدم قناعة المسؤول ب»وجاهة» المطالب، وبالتالي يتم تأجيل الموضوع، مرجعاً الخلل الذي يحدث في بعض المشروعات وتعطلها إلى عجز بعض الشركات عن التنفيذ في الوقت المُحدد نتيجة بطء العمل، وتهاونها في تأمين العمالة الكافية لإنجاز المطلوب خلال مدة العقد، باعتمادها العمل في فترة واحدة، بينما لو تم العمل على مدار الساعة لأنجز المشروع قبل وقته، مرجعاً تجزئة المشروعات إلى عدم قدرة بعض الوزارات على تنفيذها ضمن ميزانية واحدة، خاصةً للمشروعات الكبرى، بحيث يتم الإفادة من المبالغ الإجمالية المخصصة للمشروع في مشروعات أخرى، واستكمال ما تبقى حسب ما أُقر له في الميزانيات اللاحقة، مستشهداً بمشروع نفق طريق الملك فهد مع طريق الملك عبدالله في مدينة جدة، الذي تسبب في خسائر كبيرة، إلى جانب تعطل مصالح الناس، وخلق مشاكل في المنطقة، متأسفاً على تكرار المشكلة في مشروعات الجسور والأنفاق التي تنفذ حالياً، حيث تتسم بالبطء، مما يضطر الوزارات إلى اللجوء إلى تمديد مدة التنفيذ. الاعتماد على معايير موضوعية في الترسية أضمن للنجاح من استخدام «العلاقات الشخصية» مصالح الناس وتساءل «د.الغامدي»: لماذا الاعتماد على سياسة الإقناع في إقرار المشروعات؟، وأين المعايير التنموية التي تعتمد على الدراسات والإحصائيات لتكون مرجعاً للمشرّع؟. وتداخل «د.كابلي» قائلاً: إن العلاقة الشخصية لها دور كبير في إقرار المشروعات، بعيداً عن الموضوعية والمعايير الفنية التي تحدد مدى حاجة أي منطقة لتلك المشروعات، مُتفقاً مع رأي «د.الصبان» في تحمل الشركات تعثر المشروعات، ومنها المشروع الذي استغرق تنفيذه أكثر من خمس سنوات، مما تسبب في تعطيل مصالح الناس، بل وألحق خسائر كبيرة بأصحاب المحلات الواقعة على الطريق، إلى جانب تعطل حركة المرور في منطقة هامة وسط جدة، منتقداً آلية إقرار المشروعات التي تعتمد على العطاء الأقل، في حين أنها تكون الأعلى كُلفة مادياً واقتصادياً, مطالباً بالاعتماد على الشركات ذات الإمكانات الكبيرة التي يمكن لها ان تنجز المشروع في مدة أقل. المشاركون في الندوة أكدوا أهمية تطوير مستوى الإدارة المحلية والاستعانة بالكفاءات والخبرات «عدسة - محسن سالم» رقابة ومحاسبة وذكر «د.كابلي» أن الاعتماد على العطاءات الأقل، لم يعد أمراً مُتقبلاً، مستشهداً بمشروعي الجمرات وجسر الملك فهد في جدة، كونهما الأضخم، لكنهما نفذا في فترة قياسية، بينما نشاهد مشروعات لجسور لا تتجاوز (500م) تتعثر سنين طويلة بأعذار لا تنتهي، مطالباً باعتماد المشروعات وفقاً للخطط الموضوعة والمعايير الدولية المعتمدة، مُرجعاً سبب نشوء الأحياء العشوائية في كامل أحياء جدة وغيرها من مناطق المملكة، إلى عدم التقيد بالخطط الموضوعة والتنمية المتوازنة، مما أدى للهجرة إلى المدن الكبرى. ورداً على أولوية المشروعات وافتقادها في بعض الأجزاء، رأى «د.الغامدي» أن الخلل الذي يحدث حالياً نشأ نتيجة ظروف سابقة قلّصت حجم المشروعات نتيجة تقليص الميزانية، مؤكداً على أننا نعيش طفرة مشروعات حالية ينتظر معها أن تحقق تنمية كبيرة، مطالباً بالتنمية المتوازنة، وكذلك عدم توقف المشروعات مهما كانت الأسباب. وعلّق «د.كابلي» قائلاً: إنه من المهم تأمين احتياطي يكفل استمرار المشروعات في حال تراجعت أسعار البترول، منتقداً طرح مشروعات بأعداد كبيرة خلقت تضخماً، ونشأت بسببها أزمات في مواد البناء، مشدداً على ضرورة تفعيل الرقابة والمحاسبة، منوهاً إلى امتلاكنا القدرة والإمكانات، ولا ينقصنا إلاّ تفعيل الرقابة والمحاسبة. سالم مريشيد إدارة محلية وأشار «د.الصبان» إلى غياب العنصر المحلي -الإدارة المحلية-، مضيفاً أن الحاصل هو اعتماد المشروعات للوزارة وليس للمنطقة، مبيناً أن توجيه المشروعات إلى المناطق يُعد أمراً مهماً، متسائلاً عن مدى تطبيق نظام المناطق بعد (20) عاماً -صدر في 1413ه- ودور إمارات المناطق في تنفيذ المشروعات؟، مطالباً بربط المشروعات بالمنطقة حتى نتجاوز ما يحدث حالياً، ناصحاً بالاعتماد على الكفاءات في المناطق والمحافظات وتثقيفهم بالفكر المحلي، مع منحهم الصلاحيات والمحاسبة بعد ذلك، إلى جانب ربط الجهات والإدارات مالياً وتنفيذياً بإدارة الامارة، مؤكداً على أن الوزارات تستأثر بكافة أعمال المشروعات، فهي من يخطط ويقر وينفذ ويستلم، مشيداً بنجاح إدارة مدينتي «الجبيل» و»ينبع» لاستقلال ميزانياتها وإشرافها المباشر على مشروعاتهما. سعد بن عبدالله واتفق كل من «د.الغامدي» ود.كابلي» على أهمية الإدارة المحلية، ووجوب تكامل العلاقة مع الإدارة المركزية، مشددين على جزئية هامة تتمثل في خطورة غياب الاستراتيجية والرؤية الواضحة، مطالبين بإتباع المحاسبة، حفاظاً على جودة المشروعات والنظام. بيروقراطية العمل وحدّد «د.الغامدي» أسباب تعثر كثير من المشروعات التي تشهدها مختلف مدن المملكة بقوله: إن ما طُرح من مشروعات وبأعداد كبيرة كان له الأثر الكبير في عدم القدرة على استيعاب السوق لها، وبالتالي خلق نوع من الشح في العمالة والمواد والعديد من التقلبات، التي أدت على تعثر واضح في تسليمها في وقتها المُحدد، محملاً نظام المشروعات الحكومية الحالي مسؤولية تعثر كثير منها، معتبراً إياه عقبة كبيرة، مطالباً بإعادة النظر فيه، لافتاً إلى أن «بيروقراطية العمل» هي سبب مؤثر في التعثر، مبدياً دهشته من الإجراءات الطويلة التي تتخذ في إقرار المشروعات، ومنها مرور أي مشروع قبل تسليمه للمقاول ب(12) إجراء، يستغرق كل منها من (6- 8) أشهر، منتقداً بيع المشروع بالكامل من الباطن، مطالباً بسحب المشروعات ممن يلجأ إلى ذلك. ولفت إلى جانب التمويل، مشيداً بآلية اعتماد التكاليف التي تتم بشكل جيد، لكن السيولة المعتمدة سنوياً تكون ضئيلة، وبالتالي تؤدي إلى توقف المقاول عن التنفيذ، إلى جانب منع الجهات ذات العلاقة صلاحية مناقلة السيولة، منوهاً إلى إشكالية الحصول على تأشيرات كافية، كون المشروعات الإنشائية تعتمد على عمالة كبيرة لا تتوفر محلياً. عمالة وبطالة وعلّق «د.كابلي» قائلاً: إن من أسباب تعثر المُشروعات تعطيل بعض الموظفين للمعاملات، مطالباً بتفعيل المحاسبة والرقابة، مستغرباً عدم الاستعانة بالشركات الأجنبية التي حرصت على المشاركة في تنفيذ الكبيرة منها، نظراً لامتلاكها كل مقومات الكفاءة من عمالة مدربة وعنصر بشري يفي بحجم المشروع، إضافةً إلى امتلاكها التقنية والخبرة، مستشهداً بفترة الطفرة الأولى التي كان يتم فيها إرساء المشروعات بعيداً عن العرض الأقل سعراً، التي شهدت منجزات عملاقة لازلنا ننعم بجودتها إلى اليوم، مثل المطارات والموانئ، لافتاً إلى أنه يوجد تناقض حاد في أعداد البطالة الكبيرة المسجلة رسمياً، وحجم العمالة الذي يتزايد، منوهاً إلى أن الاعتماد على العمالة غير المدربة والمؤهلة أدى إلى تضخم أعدادها لتصل إلى ثمانية ملايين!، مطالباً بتقليص الاستقدام وحصره في الكفاءات، مع تأمين مستوى دخل للشباب يتناسب مع المستوى المعيشي في المملكة، مرجعاً عدم قدرة الشاب السعودي على منافسة الأجنبي إلى المردود المادي الضعيف وساعات العمل، الذي يمثل بيئة طاردة للمواطن، وهو ما يؤدي في النهاية إلى حدوث خلل في الاقتصاد بتزايد أعداد البطالة. تقنية حديثة وطالب «د.كابلي» بالاعتماد على التقنية الحديثة تقليصاً للعنصر البشري -العمالة-، كما حدث في الدول المتقدمة التي تعتمد على «الميكنة»، معيداً للأذهان ما رسمه المخطط في الخطة الأولى للتنمية الاقتصادية، التي أشارت إلى افتقاد المملكة للعمالة، وبالتالي طالبت بالاعتماد على الصناعات التي لا تتطلب أيدي كثيرة، وبذلك أُنشئت مصانع «البتروكيماويات»، التي تعتمد على التقنية في المقام الأول، مقترحاً استنساخ «تجربة أرامكو»، التي دربت وعلمت المواطنين وقدمت الرواتب المجزية التي توفر حياة كريمة، إضافةً إلى إلزام الشركات التي تنفذ المشروعات بتدريب مجموعة من الشباب على حسابها كما يحدث في الصين، والاعتماد على العمالة التي لا تحتاج إلى خبرات بضمان تقديم رواتب مجزية. تنمية متوازنة وبلغت ميزانية العام المالي الحالي 1433- 1434ه (690) مليار ريال بزيادة مقدارها (110) مليارات ريال عن الميزانية المقدرة للعام المالي الحالي 1432- 1433ه، في تجسيد لاستمرار حرص القيادة على تعزيز مسيرة التنمية المستدامة في بلادنا، مع توفير مزيد من فرص العمل للمواطنين، وتأكيد مستمر على التنمية المتوازنة بين القطاعات وبين المناطق، مع مراعاة النظرة المستقبلية للمالية الحكومية وتوازنها، حيث تضمنت مشروعات جديدة ومراحل إضافية لعدد من المشروعات التي سبق اعتمادها تقدر تكلفتها الإجمالية بمبلغ (265) مليار ريال، وتعزز هذه الميزانية وتدعم ما صدر مؤخراً من أوامر ملكية يؤمل عند تنفيذها أن تسهم في تحسين مستوى معيشة المواطن، واعتماد ما يزيد على (168) مليار ريال من النفقات العامة للتعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة، وتشمل برامجه استمرار العمل في تنفيذ مشروع تطوير التعليم العام، مع اعتماد إنشاء ما يزيد على (700) مدرسة جديدة للبنين والبنات، واعتمادات لاستكمال المدن الجامعية ومشروعات في مجال التدريب الفني والتقني. تقديم الخدمات وفي قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية يتواصل العمل على توفير ورفع مستوى الخدمات الصحية والاجتماعية باعتماد نحو (87) مليار ريال، وقد شملت الميزانية الجديدة تنفيذ عدد من المشروعات، ومن ذلك استكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية بجميع مناطق المملكة، وإنشاء (17) مستشفى جديدا، كما تضمنت الميزانية مشروعات جديدة لإنشاء أندية ومدن رياضية ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل، والاعتمادات اللازمة لدعم برامج الضمان الاجتماعي، وقد تم اعتماد ما يزيد على (29) مليار ريال للإنفاق على الخدمات البلدية، وتتضمن ميزانية هذا القطاع مشروعات جديدة وإضافات لبعض القائم منها، كما بلغ الإنفاق على الطرق والنقل والاتصالات ما يزيد على (35) مليار ريال، وشملت ميزانيتها مشروعات جديدة وإضافات للمعتمدة سابقاً. وبلغ المعتمد لقطاعات المياه والصناعة والزراعة والتجهيزات الأساسية الأخرى نحو (58) مليار ريال، وتتضمن الميزانية كسابقاتها اعتمادات لمواصلة العمل في تنفيذ الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، والخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات، كما ستواصل صناديق وبنوك التنمية الحكومية المتخصصة، تقديم القروض في المجالات الصناعية والزراعية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يدعم التنمية الاقتصادية ويحفز التمويل التجاري. إجراءات اعتماد المشروعات بأقل سعر!! تبدأ إجراءات طلب اعتماد تنفيذ أي مشروع بطلب من الجهة الحكومية، حيث تتولى دراسته، وتقدير احتياجه، وأهمية تنفيذه -حسب الخطة التي وضعتها وزارة الاقتصاد والتخطيط-، ثم تُعد الدراسات والمواصفات التفصيلية عن المشروع بواسطة المكاتب الاستشارية المتخصصة، عقب ذلك يتم إعداد الشروط والمواصفات، وطرحه للمنافسة العامة حسب نظام المنافسات -الذي يحقق منتهى العدالة والمساواة والشفافية بين الجميع-، ثم يتقدم المقاولون بعطاءاتهم للجهة الحكومية، ثم يتم تطبيق إجراءات الترسية من فتح المظاريف ودراسة العروض، وبعد ذلك يتم اختيار العرض المناسب، يليها توقيع العقد (الوقت المحدد نظاماً لوزارة المالية لمراجعة العقد 15يوماً)، ثم تسليم الموقع للمقاول والبدء في التنفيذ، حيث تتم هذه الإجراءات بشكل محدد ومبرمج في النظام. وكان نظام ترسية العقود ولائحته التنفيذية قد تمت دراسته بمشاركة جميع الأطراف التي يخدمها النظام، بتوجيه سامٍ كريم، بدءاً من الجهات الحكومية، ثم مع المسؤولين في الغرف التجارية -الذين يمثلون القطاع الخاص-، كما وزعت مواد النظام على الجهات الحكومية وطلب منهم تقديم ملحوظاتهم، ثم دُرست من هيئة الخبراء، وفي مجلس الشورى، ومجلس الوزراء، وهو ما يعني أن النظام مرّ بقنوات كثيرة قبل التطبيق. وقد تأخذ "بيروقراطية" هذه الإجراءات وقتاً طويلاً قبل التنفيذ، وربما تستمر "البيروقراطية" أثناء التنفيذ، مما يعني أن ترسية المشروعات تأخذ وقتاً طويلاً، وغير مبرر مقارنة بدول أخرى، أو تجربة القطاع الخاص مثلاً. وكان النظام قد نص على ترسية المشروعات بأقل الأسعار، على أن يكون هناك تحقيق لأقصى الكفاية الاقتصادية للحصول على أفضل تنفيذ للمشروعات بأسعار تنافسية، كما يجب أن يكون المعيار الأساس في اختيار المقاول هو التصنيف الذي تتولاه وزارة الشؤون البلدية والقروية وفق معايير وأسس محددة، وطالما أن المقاول مصنّف فله الحق الدخول في المنافسة والالتزام ببنود العقد. وتبقى فكرة دعم (المقاول السعودي) فنيا وبشرياً وآلياً ذات أولوية، سواء من خلال وجود معاهد متخصصة أو مراكز أبحاث لدعم هذا القطاع، ولكن المشكلة أن كثيراً من المقاولين لا يقرأ النظام ولائحته التنفيذية، وما زال يعتقد أن دوره هو تنفيذ مشروع ما، ثم ينتهي وتصرف مستحقاته وينتهي الأمر، حتى أن بعض المقاولين يقدمون عروضهم مخالفة للشروط والمواصفات، وبالتالي يفقد المنافسة. مقترح «المظروفين» يكشف المتعثّرين! تبقى فكرة "المظروفين.. مالي وفني" حلاً قابلاً للنقاش في منح المنافسة على تنفيذ المشروعات لمن هو أفضل في الإمكانات وليس لمن هو أقل سعراً، مع مشاركة لجنة المقاولين عند فحص العقود لتطبيق مبدأ المساواة والشفافية بين جميع المتنافسين. ويحدد المظروف المالي قيمة التكلفة للتنفيذ، بينما المظروف الفني يتم فيه تحديد آلية عمل المقاول في المشروع من حيث حجم العمالة، ونوعية المعدات، والخطة الزمنية للتنفيذ. ويتم البدء بفتح المظروف الفني، فإذا كان هناك "تقارب نسبي" بين ما وصفه المقاول المنافس (واحد أو أكثر) وبين ما يتوقعه المختصون في الجهات الحكومية من تقدير حجم العمالة والمدة الزمنية، فيتم اللجوء إلى المظروف المالي لتقرير الترسية، ولكن إذا وضع المقاول أن حجم عمالته التي ستنفذ المشروع (1000) عامل مثلاً، والمطلوب (2000) عامل لإنهاء المشروع في موعده المحدد، يتم استبعاد هذا المقاول من المنافسة، لأنه حتماً سيتعثّر ويؤخر التنفيذ، حتى لو كان عرضه المالي أقل من غيره من المنافسين. «المالية» تعتمد المنافسات الحكومية تعمل «وزارة المالية» على اعتماد المشروعات الحكومية من خلال نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م58) وتاريخ 4/ 9/ 1427ه، واشتمل على (78) مادة ضمن مبادئه الأساسية، ويهدف إلى تنظيم إجراءات المنافسات والمشتريات التي تنفذها الجهات الحكومية ومنع تأثير المصالح الشخصية فيها؛ وذلك حماية للمال العام، إلى جانب تحقيق أقصى درجات الكفاية الاقتصادية للحصول على المشتريات الحكومية وتنفيذ مشروعاتها بأسعار تنافسية عادلة، إضافة إلى تعزيز النزاهة والمنافسة، وتوفير معاملة عادلة للمتعهدين والمقاولين؛ تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص، وتحقيق الشفافية في جميع مراحل إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية. وتنظم اللائحة التنفيذية لنظام المنافسات والمشتريات الحكومية إعداد وثائق المنافسة والإعلان عنها، والشروط الواجب توافرها في مقدمي العروض، وآليات إعدادها وتقديمها، ثم مرحلة فتح المظاريف، وتليها فحص العروض، وبعدها إبرام العقود وتحديد مُدد تنفيذها وفقاً لبنود عدة، إلى جانب اشتراط الضمانات البنكية، إضافة إلى إيضاح زيادة التزامات المتعاقد وتخفيضها، ثم صرف المقابل المالي وفقاً لضوابط مفندة في اللائحة التنفيذية، وتحديد الغرامات في حال التأخير، وكيفية تمديد العقود والإعفاء من غرامة التأخير، وإيضاح حالات سحب الأعمال من المتعاقد. متى تُعلن «المشروعات المتعثّرة» في بيان ميزانية الدولة؟ المشروع المتعثّر هو الذي أُخذ في الاعتبار في خطة التنمية الخمسية واعتمد في الميزانية العامة للدولة، وبدأت الجهة الحكومية تأخذ استعداداتها لتصميمه والعمل على طرحه في المنافسة، ثم تم تسليم الموقع، وبدأ المقاول في العمل على تنفيذه، ثم توقف بسبب أو بآخر، وأثّر ذلك على الخدمة المقدمة للمواطن، إلى جانب تحمّل الحكومة تكلفة التأخير في الإفادة من المشروع. وتعلن وزارة المالية خلال أقل من ثلاثة أشهر من الآن ميزانية الدولة للعام المالي 2013م حاملة مشروعات الخير لهذا الوطن -الذي تسعى قيادته تحقيق المشروعات المتوازنة والمستديمة في المناطق-، ومع كل ميزانية يصدر بيان من وزارة المالية يحدد النفقات والإيرادات للسنة المالية المنتهية والحالية، ويخلو هذا البيان من إعلان المشروعات الحكومية المتعثّرة في مختلف الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، والتي رصدت لها الدولة ميزانيات تصل إلى مليارات الريالات دون أن تذكر الوزارة ماهية هذه المشروعات وأرقامها ومواقعها وإشكالية التعثّر. وطالب مراقبون -نُشرت آراؤهم في "الرياض"- وزارة المالية تضمين الميزانية لفصلٍ يسرد المشروعات المتعثّرة وبأرقام واضحة وصريحة لا تقبل التخمين مع تحديد أماكن تنفيذها وأسباب تعثّرها أو توقفها وتأخرها، والحيثيات التي ترتبت على ذلك، معللين اتجاه وزارة المالية إلى ذلك بأنه يعزز من مستويات الشفافية في القطاع العام، ويدعم مصداقية الوزارات وينبه صنّاع القرار إلى أوجه النقص والخلل لسدها بأسرع وقت ممكن دون تعطيل عجلة التنمية في أي جزء غالٍ من بلادنا، كما يؤدي هذا الأمر إلى إحاطة المواطن الذي يحلم ببناء مستشفى أو مركز صحي في مدينته علماً بما يجري، وبأسباب توقف بعض المشروعات أو تأخر إنشائها، مما يخفف من حدة التذمر، مشيرين إلى أن مبادرة وزارة المالية في توضيح المشروعات المتعثّرة كماً ونوعاً وقيمة سيشرك المواطن في دائرة القرار ويطلعه على ما يحدث، مما يساعده على تفهم أسباب تأخر بناء مدرسة أو مستشفى أو مركز إسعاف وغيرها من الخدمات الحيوية في منطقته ويطلع الجهات الرقابية المتمثلة في ديوان المراقبة وهيئة الرقابة والتحقيق ومكافحة الفساد على ما يحدث. ويرى آخرون أن وزارة المالية -كجهة تمويل- ليس من مسؤوليتها نشر بيان المشروعات المتعثّرة، وذلك بسبب كونها جهة تنفيذيه وعلاقتها تنحصر في دعم التمويل، أما فيما يتعلق بمراقبة المشروعات فهناك جهات أخرى مسؤولة عنها، معتبرين الفصل بين الجهات التمويلية والرقابية والإشرافية في عملها سيؤدي لتعثّر مستمر للكثير من المشروعات، ويتسبب في ازدواجية العمل وتحميل وزارة المالية أعباء دفع عقود جديدة لجهات لم تستطع إنجاز المشروعات ذات الأولوية لديها، حيث تتولى مرة أخرى تمويل دفع تكلفة عقود تم ترسيتها على شركات في الأصل متعثّرة، ومع ذلك تحصل على مشروعات من قبل وزارات مختلفة بموافقة وزارة المالية التي تدفع الأموال لهذه الشركات، وهو ما يوصف بالخلل الكبير الذي يتحمله الأداء الحكومي بشكل عام. وتبقى الحاجة ماسة لإعادة هيكلة طرح المشروعات والجهات المسؤولة عن طرحها؛ بما يكفل الربط بين إقرارها وتقييم تكلفتها والإشراف وممارسة الرقابة عليها، وفي حالة عدم وجود هذه الجهة سنظل ندور في حلقة مفرغة، وسنجد الكثير من المشروعات المتعثّرة كما يحدث في الوقت الحالي، بينما يطرح آخرون فكرة التنسيق بين ثلاثة محاور: المقاول، واستشاري المشروع، والجهة المنفذة، فكل ما كان التنسيق قائماً بينهما على أساس سرعة التنفيذ وجودته فلا يمكن أن يكون هناك تعثّر لأي مشروع. توصيات ومقترحات - تطوير مستوى الإدارة المحلية، والاستعانة بالكفاءات والخبرات في مجالس المناطق. - الاستعانة ببيوت الخبرة والمكاتب الاستشارية المتخصصة في التخطيط. - تفعيل دور مجالس المناطق وإشراكها في القرار، وتنازل الوزارات عن بعض الصلاحيات لمجالس المناطق ومحاسبتها. - الاعتماد على معايير موضوعية في إقرار المشروعات دون الالتفات للعلاقات الشخصية. - مراجعة آلية إقرار المشروعات في وزارة المالية، وتوفير السيولة الكافية ضماناً لعدم التعثر. - القضاء على أسباب نشوء العشوائيات بالتوسع في إقرار المشروعات التنموية في الأطراف، توطنياً لسكانها، ومنعاً لانتقالهم إلى مناطق أخرى. - سحب المشروعات التي تسلم بالكامل لمقاولين من الباطن، ومحاسبة من يفعل على ذلك. - الإفادة من التجارب الناجحة في تنفيذ المشروعات وتعميم تجربتها. - تقليل الاعتماد على العنصر البشري الأجنبي، ورفع موازنات المشروعات لضمان التنفيذ الجيد، وتقليل الكلفة الناتجة عن التعثر وهدر الوقت والمال. - إلزام الشركات المنفذة للمشروعات بتدريب الشباب، وتقديم مزايا وظيفية تسهم في توطين الوظائف. - تفعيل دور الجهات الرقابية والمحاسبة المعلنة، ضماناً لعدم التعثر. المشاركون في الندوة د. عيدروس الصبان -أستاذ الإدارة العامة بجامعة الملك عبدالعزيز د. وديع كابلي - أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز د. عبدالله الغامدي - أستاذ الهندسة المدنية رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للهندسة المدنية