شهدت الأسابيع القليلة الماضية صدور عدد من القرارات التنظيمية التي تستهدف مكافحة التدخين، كان أهمها وأحدثها صدور توجيه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية لإمارات المناطق، الذي أكد على العمل بموجب الأمر السامي الكريم القاضي بمنع التدخين في جميع الوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة، كما أكد على مكافحة ظاهرة التدخين والسعي إلى الحد منها وحصر وتخصيص الأماكن التي يسمح فيها بالتدخين، وعدم السماح به في الأماكن العامة والمطارات وخلافها، وشدد سموه على منع بيع الدخان لمن هم أقل من (18) سنة لأي مبرر. وكان من بين تلك القرارات قرار أصدره صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض باعتماد الخطة الإستراتيجية الشاملة لمكافحة التدخين بمنطقة الرياض. كما صدر تعميم لصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية لجميع الأمانات والبلديات بإشعار منافذ التسويق بمنع بيع منتجات التبغ للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن (18) عاماً. وتأتي هذه القرارات المهمة لتعزز الجهود التي تبذلها وزارة الصحة والجمعية الخيرية لمكافحة التدخين (نقاء) والجهات واللجان ذات العلاقة من أجل مكافحة التدخين والحد من آثاره السلبية على صحة الفرد والمجتمع، غير أن تلك القرارات الداعمة تحتاج إلى توفير آليات وأدوات ممكّنة لتنفيذها وجعلها تأخذ مكانها في حيز التطبيق خصوصا بالنسبة للأشخاص الذين يمارسون التدخين في الأماكن العامة دون اكتراث بالآخرين. ويعتبر عنصر الجزاء من أهم الأدوات التي تكفل تطبيق القاعدة النظامية وتنفيذها على أرض الواقع، وهذه الأداة النظامية لا يمكن أن تكون إلا من خلال إصدار نظام يحظر التدخين في الأماكن العامة، وينص على غرامات محددة تطبق على المخالفين. لقد وضعت وزارة الصحة والجهات المعنية مشروعاً لنظام مكافحة التدخين يمنع تعاطي التدخين في الأماكن العامة ويُغرّم المخالفين، وجرت مناقشته منذ عام 1404ه، وقد دُرس هذا المشروع وطٌوّر في هيئة الخبراء بمشاركة الجهات المعنية، كما رٌوجع وطٌوّر من قبل مجلس الشورى، ولكنه لا يزال في أروقة مجلس الوزراء وقد طالت فترة انتظار صدوره كثيراً، وقد آن الأوان لإخراج هذا النظام إلى النور لكي يعزز جهود هذه الوزراة والجهات الأخرى في نشر الوعي بأضرار التدخين بين مختلف فئات المجتمع وما يولده من خسائر مادية ومعنوية، والتشجيع على الإقلاع عنه، وتدريب وتأهيل الكوادر اللازمة للعمل في مجال مكافحته، وكذلك القيام بتأسيس عيادات طبية لمكافحة التدخين. ونأمل من معالي وزير الصحة أن يغتنم هذه القرارات المهمة التي صدرت مؤخراً وأن يعمل معاليه على متابعة وتسريع إجراءات صدور هذا النظام الذي سيحقق خطوة كبيرة في تفعيل توجيهات القيادة الرشيدة بشأن قضية مكافحة التدخين المستمدة من الشريعة الإسلامية التي تحث على الحفاظ على أموال الناس ومصالحهم ورعاية الصحة العامة ودرء المفاسد، ويلبي رغبة الوزارة والمجتمع والمواطنين وخصوصا أولياء الأمور في الحد من انتشار ظاهرة التدخين واستعمال التبغ بين أبناء المجتمع وحماية الأجيال القادمة من مخاطر هذا الوباء والحد من تأثيره على غير المدخنين، وينسجم مع بنود الاتفاقية الإطارية الدولية لمكافحة التدخين التي وقعت عليها المملكة. * عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين (نقاء)